Thursday  03/02/2011/2011 Issue 14007

الخميس 30 صفر 1432  العدد  14007

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

تحقيقات

 

مختصون ينافحون عن لغة القرآن الكريم

رجوع

 

تحقيق- منيف خضير

هل فقدنا اعتزازنا بلغتنا العربية الفصيحة؟

من يشاهد الضعف الواضح لها في العالم العربي يضع يده على قلبه.

كيف السبيل إلى النهوض بها مجدداً لتعود إلى مكانتها الحقيقة؟

في هذا التحقيق سلطنا الضوء على أسباب الضعف الحاصل في اللغة العربية عند أبنائها وذلك

في المجتمعات العربية عموماً.

سلسلة من الضعف

أ. د. أحمد بن عبد الله السالم -وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون الطالبات ورئيس الجمعية العلمية السعودية للغة العربية- قال: ضعف مناهج اللغة العربية في مراحل التعليم العام في فترة مضت وإن تم تعديله في الوقت الحاضر، بدليل قوة الطلاب في السبعينات والثمانينات الهجرية وبخاصة في المرحلة الابتدائية. إضافة إلى ضعف الاهتمام بتلك المناهج من قبل الأساتذة، والضعف الكبير الذي عليه كثير من الأساتذة وذلك راجع إلى سلسلة الضعف التي بدايتها من المرحلة الابتدائية إذ لا يمكن أن يعالج هذا لضعف في مرحلة متأخرة كالجامعة.

وأضاف أ. د. السالم عن أسباب الضعف حيث يقول: عدم غرس حب هذه اللغة لغة القران الكريم اللغة الرسمية للبلاد. وعدم بيان أهمية اللغة العربية والتهاون فيها بعدم توسيع مجالاتها في سوق العمل وإنها هوية الأستاذ والطالب معا. إضافةً إلى عدم الاهتمام بالتطبيق لما يتعلمونه من قواعد اللغة العربية على منطوق كلامهم فالدربة في هذا الجانب خير وسيلة لتقوية لغة الناشئة.

وثمة أسباب أخرى مثل عدم وجود الحوافز التي تكفل ميل الطلاب للتقوي فيها ومحبتها منذ الصغر لأن هذه الحوافز مادية كانت أو معنوية تحدث عندهم التساؤلات عن سببها، وبعدئذ يستشعرون أهميتها، ولعل من أهم ما يمكن أن يكون حافزاً على حب تعلمها تمييز الوظائف التي يشغلها المتخصصون في هذه اللغة في السلم الوظيفي وبخاصة إذا أدركنا أن التخصص فيها قد يفوق كثيراً من التخصصات العلمية صعوبة ولعل من الحوافز اعتماد بدل مئوي ولو كان قليلاً لكل من تخصص كذلك توسيع مجالات العمل للمتخصصين في اللغة العربية. ومن الأسباب أيضاً عدم الاهتمام بتعيين المتميز من المعلمين لتدريس موادها في جميع مراحل التعليم وصرف غير المتميزين لشغل وظائف غير التدريس.

وكذلك التهاون في أمرها عند التحدث في البيئة التعليمية وبخاصة من قبل الأساتذة؛ لأن هذا كفيل بجعل الطلاب يفقدون الثقة في اللغة ومن يقومون على تدريسها. وأخيراً عدم تطبيق القرارات التي تؤكد على أنها اللغة الرسمية تحدثاً وكتابة.

المستشرقون أنصفوها رغم جحود أهلها

الدكتور/ سعد المضياني أستاذ اللغة العربية في جامعة الحدود الشمالية (الكلية الجامعية برفحاء) يقول محللاً أسباب هذا الضعف:

إن اللغة لو اعتبرت هما دينيا قوميا يتنادى لها الجميع لحلت جميع مشاكلها، لأن أهم أمر للنهوض باللغة أي لغة كانت قبل الشروع بأي خطوة هو تمسك أهلها بها وشعورهم بالاعتزاز للانتماء إلىها. فهي ليست أداة كتابة وخطاب فحسب، بل مصدر حياة تراث هذه الأمة وسياج خلوده ووعاء دين أمتنا وفكرها والرابطة الوثقى لوحدتها.

آراء المستشرقين

ويضيف الدكتور المضياني مستشهداً بآراء بعض المستشرقين قائلاً: فهذا المستشرق (ريتر) أستاذ اللغات الشرقية بجامعة إستانبول يقول: إن اللغة العربية أسهل لغات العالم وأوضحها، فمن العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقة جديدة لتسهيل السهل وتوضيح الواضح.

وهذا (يوهان فك) المستشرق الألماني يقول: إن اللغة العربية لتدين حتى يومنا هذا بمركزها العالمي... لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يقصد بها زحزحة العربية الفصحى من مقامها المسيطر.

وهذا المسشرق الأمريكي النمساوي الأصل (جوستاف جرونياوم) يقول: وما من لغة تستطيع أن تطاول العربية في شرفها...ومن يتبع جمع اللغات لا يجد فيها - على ما سمعته - لغة تضاهي العربية. وغيرهم كثير مما لا يتسع المجال لذكرهم.

فرق بين التنظير والتطبيق

المشرف التربوي الأستاذ / سلطان بن هايف الحربي (الإدارة العامة للتربية والتعليم في حفر الباطن/ لغة عربية) يحلل أسباب الضعف قائلاً:

استشرى داء العامية وقد أصبح سمة ظاهرة لدى الطالب والمعلم، فالمعلم شريك في هذا الضعف لاستخدامه العامية في تدريسه وشرحه لطلابه، وهناك سبب آخر ولعل سوء تطبيق التقويم المستمر وعدم فهم الميدان التربوي لتطبيق مهاراته جعل الطالب يتخرج وهو لا يعرف الكتابة فمن خلال تجوالي بين المدارس وجدت أن هناك بوناً شاسعاً بين التطبيق والتنظير، فالمنظر والمشرع يؤمل ما لا يتم تطبيقه في الواقع، فهذا خرج لنا أجيالاً ابتعدت كل البعد عن لغتها، بالإضافة إلى الاستخدام السيئ لبعض الوسائل العلمية ومتابعة الفضائيات والغزو الفضائي الموجه بلهجات عامية، كذلك من أهم الأسباب عدم التحدث باللغة العربية الفصيحة في لغة التخاطب والحوار. ونحن متفائلون خيراً بالمناهج الجديدة لعلها تنهض بلغتنا وتعيد طلابنا إلى المسار الصحيح.

لغة «الشات»

الزميل الأستاذ خالد البلاهدي (محرر في صحيفة عكاظ/ مكتب المنطقة الشرقية) يتحدث عن دور الإعلام في خدمة الفصحى ويؤكد: الأمة العربية تواجه محاولات اختراق لهويتها الثقافية خاصة بين الأجيال الناشئة وما نشاهده ونلحظه من ثورة في مجال الاتصال والتكنولوجيا أفرزت لغة جديدة تتواكب مع طبيعة تطور وسائط الاتصال مما أثر سلبيا على اللغة العربية؛ ولذلك يجب على إعلامنا أن يعي هذا الخطر ويوظف وسائل الإعلام لخدمة اللغة العربية وتكون مستوى اللغة الفصحى في الأداء الإعلامي هي السائدة فكلما كان الأداء لغوياً راقياً وسليماً ومبدعاً كانت مهمة توصيل الرسائل الإعلامية أكثر يسراً وأعمق تأثيراً لدى المتلقي.

ويضيف الأستاذ البلاهدي قائلاً: ما يتم تناقله الآن في وقتنا الحاضر من لغات مستحدثة قد نسميها بلغة «الشات» و»الدردشة»قد أثرت في اللغة الفصحى وساهمت في نشر العامية «المبتذلة أحياناً» وهو ما يعد مؤشرا خطيرا يدعو إلى مراجعة المناهج، وتقديمها بصورة جذابة ملائمة لروح العصر الذي يعيشه هؤلاء الشباب حتى لا يهربون من ممارستها في تعاملاتهم الحياتية والرسمية.

أطفالنا في خطر

الأستاذ فواز عزيز (كاتب صحفي في الزميلة الوطن) يرى أن تأثير الإعلام يبدأ مبكراً حيث يقول: تبث علينا الأقمار الاصطناعية - اليوم - حوالي 1100 قناة ناطقة بالعربية، كما ذكرت إحدى الدراسات الحديثة، وتشير الدراسات إلى الكارثة الكبيرة التي تتمثل في أن عدد العاملين في تلك الفضائيات يصل إلى 800 ألف موظف، ولا تتعدى نسبة المختصين في الإعلام منهم 5% فقط، بينما الـ 95% البقية هم من غير المختصين في الإعلام والتلفزيون، ولك أن تتخيل حجم المصيبة التي ستخلفها هذه النسبة الكبيرة من غير المختصين ويعملون في مجال تأثيره كبير على الصغير قبل الكبير.

وتأثير وسائل الإعلام وبالتحديد الفضائيات على اللغة العربية يبدأ بشكل أكثر خطورة وأسرع تأثيراً من القنوات الفضائية المخصصة للأطفال، فلا تكاد ترى قناة فضائية للأطفال تنتج برامجها وأفلامها باللغة العربية، بل كلها - باستثناء واحدة - تستخدم اللهجات العامية المتنوعة بتنوع المنتجين وجنسياتهم، واللغة الإنجليزية، وفي كثيرٍ من الأحيان تخلط اللهجات العامية بمصطلحات أجنبية، حتى أصبح اليوم غريباً أن نسمع من أطفالنا كلمة عربية فصيحة، بينما ليس غريباً أن نسمعهم يستخدمون بعض الألفاظ الأجنبية.

ومن جهة أخرى، لا تكاد تشاهد في قنوات الأطفال برنامجاً أو فيلماً يهدف إلى الحفاظ على اللغة العربية أو على الأقل يستخدمها بتبسيطٍ جميل وممتع، كما كان الأطفال قديماً يشاهدون برنامج المناهل، وافتح يا سمسم، وغيرها من البرامج التي تجمع التعليم والتربية في قالب ترفيهي، بل حتى برامج الأطفال المدبلجة كانت باللغة العربية بينما اليوم كثير من برامج الأطفال تدبلج بلهجة عامية، ستؤثر كثيراً على اللغة العربية لدى الأطفال.

نناشد وزارة الإعلام بمنعها

وفي ذات السياق يذكر الأستاذ ماشي بن محمد الشمري (مشرف تربوي في الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة حائل) تأثير أفلام الكرتون على لغة الناشئة حيث يقول في ذات السياق: الأفلام الكرتونية لها أثر كبير في شخصية الطالب وخصوصا الطالب في المرحلة الابتدائية حيث يجمح خيال الطفل إلى عالم آخر، وهذا اندماج بين الطفل وأفلام الكرتون يكون من خلال الصورة والكلمة والحركة التي تقوم بها الشخصيات الكرتونية وهنا قد يحدث التأثر وتقليد هذه الشخصيات الخيالية في كلماتها وحركاتها وأشكالها، قديما وفي مرحلة كنا نشاهد أفلاما كرتونية تختلف عن ما يشاهده أطفالنا اليوم، فقديما كانت أفلام الكرتون مدبلجة إلى لغة عربية فصحى وعادة ما تكون من لبنان وهم بارعون و فصيحون في اللغة العربية فعندما يسمعها الأطفال آنذاك فهو يسمع جملا عربية أما اليوم للأسف أنتجت والت ديزني أفلاما عديدة أغلبها ثلاثية الأبعاد يعشقها الأطفال تتميز عن غيرها من أفلام الكرتون، وهي تعرض في قنوات فضائية للأسف أصحابها سعوديون، مدبلجة إلى لهجات عربية وبالأخص اللهجة المصرية، والسؤال الذي يطرح ما أهمية اللهجة المصرية لنا؟

لماذا لا تفرض قيود على الشركة المدبلجة أنها لا تسمح بدخول أفلام ديزني إلا بعد أن تكون مدبلجة بلغة عربية فصيحة؟

هل تعتقد أن الشعب المصري سيوافق على دخول هذه الأفلام بلهجات عربية أخرى؟ بالطبع لا؟ بينما نحن أصبحنا مثل الأسفنجة تمتص كل سائل، النافع والضار، وقد يقول قائل أنت لست مجبرا على مشاهدة هذه الأفلام الكرتونية طالما لديك الريموت كنترول.. أقول للأسف أنها تباع لدينا هنا في داخل بلادنا دون أن ينتبه إليها أحد، لذلك أناشد وزارة الإعلام بعدم دخول مثل هذه الأفلام في محلات البيع.

المناهج الجديدة

ويرى الأستاذ محمد الزهراني (مشرف لغة عربية في تعليم المنطقة الشرقية) أن الضعف في اللغة واضح في مدارسنا ويقول: ما أصاب لغتنا العربية يدعو للتمحيص فالضعف واضح لدى الطلاب في أبسط المهارات الأساسية في اللغة العربية في القراءة والكتابة والتحدث.

فقد ساد الضعف في مدارسنا، وأملنا كبير في المناهج الجديدة، ولكن يعترينا الخوف من سوء التطبيق الصحيح لهذه المناهج والاعتماد على التطبيق الخاطئ لأسلوب التقويم المستمر، ومن هنا نستخلص أن المتعلم والمعلم وسوء التطبيق أو التنظير أسباب رئيسة في ضعف طلابنا في مدارسنا.

هم ديني ووطني

ويرى الدكتور سعد المضياني أن الحلول لإنقاذ الفصحى تتلخص في: ترسيخ الاعتزاز بها والحرص عليها، فهي لغة عالمية جعلتها الأمم المتحدة إحدى اللغات الست المعتمدة لديها، وتتميز باتصال ماضيها القديم جدا بحاضرها.

ونحن بأمس الحاجة إلى أن يعلن عن اللغة أنها هم ديني وقومي. أقول هذا وإن كانت دولتنا - حفظها الله- لم تقصر، فقد صدر تعميم من رئيس مجلس الوزراء الملك عبد الله بن عبد العزيز- حفظه الله- في 23-4-1427هـ يقضي بأن تلتزم جميع الجهات الحكومية والمؤسسات العاملة والشركات المملوكة للدولة باستعمال اللغة العربية في مراسلاتها. وقبل ذلك صدر مرسوم ملكي في 12-8-1420هـ يقضي بالموافقة على نظام الأسماء التجارية، وجاء في بعض مواده: «يجب أن يتكون الاسم التجاري من ألفاظ عربية أو معربة وألا يشتمل على كلمات أجنبية...». كما أنه مما يثلج الصدر ما نشر في جريدة الوطن يوم الأحد 12-11-1431هـ من أن الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة طبق هذا المرسوم فأمهل محافظي وأمناء المدن ورؤساء البلديات ومديري فروع وزارة التجارة بمنطقة مكة المكرمة ستة أشهر لتغيير أسماء المحلات التجارية والفنادق والمطاعم وقصور الأفراح إلى أسماء عربية قائلا: «كيف نقبل لأماكننا ومؤسساتنا ومبانينا وشوارعنا أن تتوهج بكلمات وبحروف وبأسماء أعجمية».

هذا هو الحل الرئيس، والأنظمة عندنا - ولله الحمد - تدعم العربية، ولم يبق بعد ذلك إلا التطبيق وتأجيج الشعور على هذا، وهو يحتاج إلى مطالبة الغيورين على العربية ودعوتهم إلى ذلك.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة