Friday  04/02/2011/2011 Issue 14008

الجمعة 01 ربيع الأول 1432  العدد  14008

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

عزلة فاخرة
هشام الشاوي

رجوع

 

حاول أن يغفو، كل شيء موصد في حجرته.. صخب الجيران يحتل عزلته.. يتمرغ فوق فراشه، يحس بالاختناق، تنتابه رغبة في الصراخ في وجه العالم، يخترق أذنيه صوت صبي بجوار البيت متلفظا بكلمة نابية، يتخيّل العالم حاوية أزبال، يستفزه منظرها، فيركلها...

تتدحرج متمايلة، ويخرج من جوفها كهل بثياب مهترئة وفردة حذاء بئيسة.. يسبّ كل ما حوله، يواصل طريقه مترنحا، محتضنا زجاجة.

محاولة عيش

من مقعده في المقهى يتأمل القطة الحبلى وهي تنقض على عصفور صغير، تتسلى بتعذيبه وهو يتعثر فوق الرصيف.. يحوّل نظراته هازئا إلى امرأة تتفحص أكياس القمامة وهي تدفع عربتها.. يخترق المشهد صبي برفقة المرأة، يطارد القطة، تحمل القطة العصفور، تعبر الشارع، يفلت العصفور من بين أسنانها، تمرق سيارة، تدوي في الأجواء صرخة قوية...

إلى محمد فاهي.. قريبا من بداوتي

تجهّم وجه المرأة الأربعينية، وطلبت من محدثها أن يقوم من أمامها.. ماسكة (بلغت)ها ملوحة بها في الهواء في حنق.. وهو يسألها - الابن الشاب - إن كانت تنجب...

تأففوا من مشقة الطريق والصهد في هذه القرية النائية البعيدة التي جاؤوها باحثين عن زوجة لأبيهم.

همس مرافقهم في أذن أحد الأبناء باسما: ما زالت عذراء، وتتصرف بغرابة كلما سئلت - بحسن نية- عن أبنائها.. وهي الوحيدة في كوخها، لكن أخاك يتصرف دائما بغباء!

في قرارته، وبخ أبناءه الذين يرفضون أن يتزوج امرأة أصغر منه سنا... وهو في سن الخمسين.

يتغاضون عنه وهو يتطوح من فوق دراجته المتهالكة، في الطريق إلى المدينة..

كل أهالي القرية يعرفون أين يقضي نهاره.. صادف الأطفال الرعاة في طريقه.. وعلق أحدهم ضاحكا: (لعميم غادي لدارها... كيفْ كلْ جمعة)!

طاقية حمراء

لاحت له من نافذته العلوية، تسور أعماقه القائظة، أشار إليها بيده إشارة استفزتها كامرأة محترمة..

خلع طاقيته الحمراء وقميصه الأزرق، طلب من زميله أن يرتديهما، ويعيره ثيابه..

في منتصف درج الورش، صادف ثلاثة رجال بوجوه محتقنة، وخطى متلاهثة.. تنفس الصعداء، حين تجاوز بوابة العمارة.

لمحوه ممددا فوق أكياس الإسمنت الفارغة، أيقظوه.. وبلا مقدمات، انهالوا عليه ضربا.. استفسرهم عن السبب، أجابه أحدهم :- كل جيران العمارات المجاورة يشتكون من البناء صاحب الطاقية الحمراء...

إفطار

استقبلته زوجته متهلّلة الوجه مثل عروس، وراحت تحضر ما لذ وطاب فرحة بعودته.

العطار يغيب عن بيته متجولا بين الدواوير برفقة حماره وبضاعته..

صباحا، كانت متجهمة مثل فراشها المعطل..

صبت جام غضبها في كل ما اعترض طريقها من حيوانات ودواجن.

طالبها بإحضار وجبة الإفطار..

غابت دقائق، ووضعت أمامه علافة الحمار.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة