Tuesday  08/02/2011/2011 Issue 14012

الثلاثاء 05 ربيع الأول 1432  العدد  14012

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

من يتذكَّر بدايات أحداث «انتفاضة الياسمين» في تونس، وكيف كانت أولى المظاهرات هناك، وردود الفعل الرسمية عليها، ويقارنها بما يحدث في مصر الآن، يدرك أن الإحالة إلى المتطرفين الإسلاميين والتخويف بهم لم تكن إلا لعبة منتهية تمارسها الحكومتان، ففي تونس كانت التصريحات المبكِّرة بأن هذه المظاهرات وأحداث الشغب وزعزعة الأمن كانت من قبل متطرفين إسلاميين، وفي مصر مارس البعض اللعبة ذاتها، من تخويف الشعب من جهة، والغرب والعالم من جهة أخرى، بالقول: إن الإخوان المسلمين وراء ما يحدث، وأن زمام الأمور في حال تنحي الرئيس سيكون في أيديهم. هذا الأمر سلب من هؤلاء الشباب ثورتهم النزيهة، التي لم يكن من أحلامها سوى البحث عن الديمقراطية والحريات وحقوق الفرد وطموحاته، من تجاوز البطالة، وتخلص من الفقر والفساد واستغلال نفوذ السلطة. بل إن هناك من المعلِّقين من جعل هؤلاء الشباب جهلة لا يملكون وعيا سياسيًّا يمكنهم من فهم مطالبهم، وإنما هم مسيَّرون بأيدي الإخوان مرة، وبأيدٍ أجنبية مرة أخرى، ولكن من يتتبع هؤلاء في مدوناتهم الساخطة، وكشفهم العجيب لسلب الحريَّات في مصر، مستخدمين أحدث التقنيات في الإنترنت، من مواقع التواصل الاجتماعي، إلى موقع «اليوتيوب» لتوثيق ما يحدث في مصر من فوضى وانتهاك لحريات الفرد واستعباده، يدرك أن هؤلاء الشباب ليس مجرَّد حانقين لأنهم لم يجدوا وظيفة فحسب، بل لأنهم يريدون أن يكونوا جزءًا من القرار السياسي في وطنهم، ليس بحثًا عن وجاهة أو ثروة، بل تأصيلاً لهذه الحقوق التي طالبوا فيها على مدى السنوات العشر الأخيرة من حكم نظام الحزب الوطني الديمقراطي هناك. فما حدث في ميدان التحرير، لم يكن مخجلاً فحسب للعرب وللمصريين، بل كان مأساويًّا بامتياز، وكأنما الرئيس لم يكتفِ بثلاثين عامًا من الفقر والبطالة والفساد، فكل الادعاءات التي تدعو إلى جوب ترك حرّية المظاهرات السلمية تبخَّرت حينما أعيدت مصر، وفي قلب القاهرة إلى مطلع القرن العشرين، فلا إنترنت، ولا اتصالات خلوية، بل إن العجز على تفريق هؤلاء الشباب المتظاهرين، بتقديم بعض التنازلات التي لم ترضهم أبدًا، جعلهم يخططون على اقتحام الميدان ومحاولة تفريق المعتصمين فيه، بواسطة الخيول والجمال، ومن يتأمل المشهد يصاب بصدمة، كما لوكان في مشهد من فيلم تاريخي، بينما هو أمام مشهد معاصر، في قلب مدينة تاريخية عريقة ومتجدّدة، فهل تفريق المتظاهرين بخيول جامحة وهراوات يعد شكلاً حضاريا؟ أم اكتشف النظام ذلك فحرَّض سيارات أمن، وسيارات دبلوماسية على دهس المتظاهرين بلقطات حيَّة تفجع القلب وتبكيه؟

لا أعرف كيف استعدت ملامح المخرج السينمائي الشاب خالد يوسف تلميذ المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين، وهو يلهث ويبكي في الأيام الأولى، محذِّرًا من اقتحام هؤلاء «البلطجية» للمتحف الوطني ونهبه وإحراقه، كان يتحدَّث بحرقة، وبعدها بأيام وفي ذروة جمعة الرحيل، كان يقول للمذيع بأن المشهد العظيم لملايين المتظاهرين أبلغ من الكلام، فهل تنبأ هذا المخرج الشاب بالمشهد حينما شارك أستاذه في إخراج فيلمه الأخير «هي فوضى»؟ بل هل كانت الفوضى التي صوَّرها في فيلمه كانت في حجم الفوضى التي أحدثها نظام يعاند ويكابر أمام جموع الملايين في مدن مصر ونجوعها وهم يهتفون: «ارحل!».

















 

نزهات
لا تسلبوا الشباب انتفاضتهم!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة