Thursday  10/02/2011/2011 Issue 14014

الخميس 07 ربيع الأول 1432  العدد  14014

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

      

كثير من الرحلات تنساها وتنسى ما تم فيها حال عودتك منها.. لكن بعض الرحلات تبقى مرسومة في وديان ذاكرتك!. من هذه الرحلات التي بقيت في ذاكرتي رحلة قصيرة إلى (تركمانستان) عندما شاركت في الوفد الذي سافر إليها لافتتاح الأيام الثقافية السعودية هناك برئاسة معالي الوزير المثقف د. عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام.

هذه الرحلة.. وهذا البلد لا يمكن لأي عربي أو مسلم يزوره ولا يسعد ويمتلئ فخراً وهو يرى عظمة التواصل بين هذا البلد وجزيرتنا العربية.

لقد عشنا أياماً قليلة، لكنها كانت مبهجة قضيناها في (عشق أباد).. ولقد عشقنا هذه المدينة بجمالها وأناقتها وحسن تعامل أهلها وكذا الشأن بالمدن الأخرى التي كانت تحيط بها.

لقد ارتبطت (تركمانستان) بعظماء الفكر والفقه واللغة الذين خدموا الإسلام ولغة الضاد.. فهذه مدينة (النّسا) التي أنجبت الإمام النسائي راوي أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهذه (مرو) التي كان الإمام أحمد بن حنبل أحد أبنائها، وهذه (زمخشر) بلد الإمام اللغوي والعالم الجليل جار الله الزمخشري، وهذه (جرجان) بلد الإمام البلاغي عبدالقادر الجرجاني وغيرهم من الأسماء التي أنجبتها (تركمانستان).

أرأيتم كيف جمع (الرحم) رحم العلم بيننا وبين أشقائنا التركمانيين.

لقد كان من آثار هذا النسب العلمي هو: تفاعل الشعب التركماني مع مناشط وبرامج الأيام الثقافية السعودية التي نظمتها وزارة الثقافة والإعلام، وتمثل هذا التفاعل بالحضور الكبير حيث امتلأت بهم أكبر قاعات عاصمة تركمانستان، ثم الإصغاء العجيب من حضور وحاضرات حفل الافتتاح وما صاحبه من برامج ومعارض وقمة التفاعل مع هذه الأيام وافتتاحها تحت رعاية الرئيس التركماني التي قدم فيها الأيام الثقافية بكلمة بليغة أثنى فيها على بلادنا وعلى هذه الأيام التي ترسّخ العلاقات، وهذا التفاعل شمل كل الأماكن التي تم فيها عرض نماذج من الثقافة والفنون السعودية كما أفادني الصديق د. عبدالعزيز بن سلمة رئيس الوفد ووكيل وزارة الثقافة والإعلام للإعلام الخارجي، الذي كان مع زملائه أعضاء الوفد شعلاً من النشاط والعطاء؛ ما جعل هذه (الأيام الثقافية) تحقق - بحمد الله - رسالتها في التعريف بالإنسان السعودي وعطاءاته الثقافية والفنية.

أتوقف عند جمال تركمانستان.. فالعاصمة (عشق أباد) لوحة معمارية أخاذة أو هي بالأحرى (كرستالة بيضاء فضية) على حد وصف الأديب أ. حسين بافقيه؛ فعمائرها متناسقة في أشكالها وارتفاعها ولونها الأبيض الباهر الجميل، وبين كل عمارة وعمارة مساحة محددة تحيط بها حديقة، وملاعب أطفال، وفي الليل تضيء هذه البنايات حتى تخال لكأنك وسط

(كرنفال فرح) تسبح فيه هذه المدينة وبناياتها وأضواؤها.

ومن المعالم التي بهرتنا ذلك الجامع الكبير أو التحفة الفنية الذي بناه الرئيس التركماني السابق.. لقد انبهرنا أمام جماله وأناقته ومعماريته، وقد ظللنا مع معالي د. عبدالعزيز خوجة وقتاً ونحن نتأمل جماله وجلاله سواء داخل المسجد أو خارجه.. الله ما أعظم هذا الدين، فها نحن نصلي لربنا وسط هذا المسجد الجميل متجهين من هذه البقعة إلى مهوى أفئدتنا (مكة المكرمة).

أبناء (تركمانستان) هم أحفاد أولئك الرجال العظام الذين خدموا العلم الشرعي، والأدب العربي، ولقد فوجئنا - حقاً - بأن عدداً كبيراً من العلماء والأدباء كانوا من هذا البلد. كنت والأديب أ. حسين بافقيه كلما ورد اسم وجدناه من علماء الإسلام واللغة كالزمخشري والإمام أحمد والجرجاني، وكم ترحمنا على الموسوعة جار الله الزمخشري صاحب المصنفات العظيمة الدينية واللغوية عندما رأينا تمثاله في حديقة الإلهام في مدينة ((عشق أباد)).. لقد شهق عاشق عطاء الزمخشري أ. أبو هاشم حسين، ووقفنا لنأخذ صورة بجانب هذا العظيم الذي ترك وطنه وجاء إلى مكة المكرمة ليكون قرب بيت الله متفرغاً للعلم وخدمة الإسلام.

وبعد:

أجزم بأن مثل هذه الأيام مثلما عايشتها في (أيام تركمانستان) أو في أيام وأسابيع ثقافية أخرى نظمتها وزارة الثقافة والإعلام أو نظمتها وزارة التعليم العالي.. تعطي رسالة مهمة للأشقاء وللآخر تقول لهم: إن حضارة بلادنا ليست حضارة بناء معماري ومادي فقط بل هي حضارة ثقافة وعطاء وإنسان بقدر ما يأخذ من حضارة العصر فإن هذا الإنسان السعودي يضيف إليها ويشارك فيها.

 

3 أيام في (عشق أباد)
رحم العلم ووشيجة الثقافة..!؟
حمد بن عبدالله القاضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة