Sunday  13/02/2011/2011 Issue 14017

الأحد 10 ربيع الأول 1432  العدد  14017

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

من الأشياء التي أسمعها وأقرؤها في النقاشات بين الناس (أياً كان الموضوع) هو استخدام معظم الناس حججاً خاطئة، أبرزها ما يسمى مغالطة دمية القش. هذه المغالطة يقوم فيها الشخص بأخذ جزء من كلام خصمه ويبني منه حجة وهمية يوهم أن خصمه قد قالها ثم يفندها بسهولة، وهو أسلوب ملتوٍ يقع الكثير من الناس ضحية له.

مثال على هذا: تخيل أن هناك مزرعة يملكها رجلان، يقول أحدهما لشريكه «ما رأيك أن نقيم سياجاً كهربائياً بدلاً من السياج العادي الحالي؟»، يجيب الآخر «لا أوافق؛ لأن التكلفة ستكون عالية»، فيرد الأول غاضباً «لماذا تريد أن تترك المزرعة بدون حماية؟»

الذي فعله هذا الشخص هو أنه أخذ كلام خصمه الواضح وصنع منه حجة ورقية هشة أوهم أن خصمه قالها، ثم ردّ عليها بشكل يجعل أي طرف ثالث يوافق عليه. لو أن هناك شريكاً ثالثاً لأوحى له هذا الكلام أن الثاني لا تهمه حماية المزرعة فعلاً، بينما هو لم يقل ذلك، وإنما فقط قال إن التكلفة عالية، لكن الأول نجح في تحويل المناقشة ضده بهذه المغالطة عندما صنع من كلامه دمية أو رجلاً من القش ثم هشمه بسهولة.

من أشهر الأمثلة على هذا الأسلوب هو وقوع دان كويل ضحية لهذه المغالطة. حصلت مناظرة قام بها السيناتور دان كويل (نائب الرئيس السابق بوش الأب) ولويد بنتسن عام 1988 على التلفاز أمام جمهور من الحاضرين والصحفيين. كان كويل هو نائب بوش عندما خاض بوش حملته الانتخابية الرامية لكرسي الرئاسة الأمريكية، ومن التقاليد أن يتناظر المرشحون على التلفاز عن أهدافهم وخططهم فيما لو فازوا بالرئاسة أو نيابة الرئاسة. عندما سُئل دان كويل عما يؤهله ليكون نائباً للرئيس (فيما لو فاز بوش ليكون رئيساً) أجاب: «لدي خبرة طويلة أكثر من الكثير ممن حاولوا الحصول على منصب نائب الرئيس، وقضيت زمناً في الكونغرس يماثل ما قضاه جون كينيدي (الرئيس الراحل)». وجون كينيدي رئيس محبوب ولدى الكثير من الأمريكان صورة إيجابية بل عاطفية عنه. عندها رد خصمه: «يا سيناتور، لقد عملتُ مع جون كينيدي، وعرفت جون كينيدي، وكان صديقاً لي. يا سيناتور، أنت لست جون كينيدي»، في تحقير لدان كويل وتفضيل للرئيس السابق، عندها ثار الجمهور بالتصفيق. هذا أغضب كويل، وجعله يرد قائلاً «لا داعي لمثل هذا!»، وفي فورة غضبه نسي أن خصمه قد استعمل مغالطة رجل القش، وكان بإمكانه أن يفند كلامه بسهولة: كان يمكنه أن يوضح للجمهور الحاضرين والشعب الأمريكي الذي يشاهدهم على التلفاز أنه لم يقل إنه يقارن نفسه بكينيدي أو أنه أفضل منه، وإنما قال إن كينيدي حصل على الرئاسة عام 1961 وكان قد قضى وقتاً يماثل ما قضاه كويل في مجلس الكونغرس، إذاً ليس كويل أقل مؤهلات من كينيدي.

لكنه لم يفعل. واستطاع خصمه أن يلعب على مشاعر الأمريكان المتيمين بحب الرئيس الراحل كينيدي وإيهامهم بأن كويل قصد أن يفضل نفسه على كينيدي، ووقع كويل ضحية لأسلوب رجل القش.

لحسن حظه، شاء الله ألا تكون هذه ضربة قاصمة لحملته وحملة جورج بوش، وتأهلا للرئاسة ونيابة الرئاسة.

 

الحديقة
دمية القش
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة