Monday  14/02/2011/2011 Issue 14018

الأثنين 11 ربيع الأول 1432  العدد  14018

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في تكرار كارثة تصريف السيول في جدة دعوة حقيقية لفهم أبعاد الأزمة الإدارية التي يواجهها الوطن، فالكارثة حدثت للمرة الثانية خلال فترة زمنية قصيرة، والتوجيهات لإصلاح الوضع لم تتوقف منذ الأزمة الأولى، ولا شك أن النوايا الطيبة واضحة وضوح الشمس، والرغبة الصادقة في تصحيح الوضع وتطوير البلاد أمر مفروغ منه، لكنها قد لا تكون كافية لإنهاء المعاناة في عروس البحر الأحمر، وغيرها من أزمات إدارة التنمية في مختلف مناطق المملكة، فالبيروقراطية الإدارية الحالية قد لا تسمح بتحقيق تلك الرغبات، والحل لن يخرج من دراسة الوضع الإداري القائم ثم إصلاحه وتحويله إلى أنظمة إدارية أقل مركزية.

لئلا تتكرر كارثة جدة للمرة الثالثة، على الوطن بقيادته ومواطنيه مواجهة الصعاب التي تقف عثرة ضد نجاح خطط التنمية المستديمة الحالية، فحجم الإنفاق الوطني في التنمية تجاوز كل المعدلات السابقة، وتجاوز أيضاً المركز إلى الأطراف، لكن نتائج تلك الجهود ما زالت تتعثر بسبب البيروقراطية، وقد يزيد من صعوبة المهمة عدم قدرتنا على مواجهتها بشجاعة، ومن التسليم إلى حقيقة لا مفر منها وهي تطوير أنظمة حديثة لمراقبة ومتابعة برامج تنفيذ هذه المشاريع العملاقة، وذلك من أجل ضمان نجاح هذه الخطوات الرائدة على أرض الوطن.

ما تم إنجازه خلال السنوات الأخيرة في التعليم والصحة والبنية التحتية يستحق الإشادة، لكن أيضاً هدف الإشادة بالإنجاز قد لا يكفي، إذ لا بد أولاً من المحافظة على تلك المكتسبات، ثم المطالبة باستمرارية البناء الإنساني والعمراني، فوطن المستقبل هو الوطن الذي يسعى دائماً للخروج من دوائر البيروقراطية. ولن يحتاج تطوير التنظيم الإداري إلى معجزة من أجل فك الاختناق البيروقراطي، ولكن إلى شجاعة وآلية إدارية متطورة، تحفظ الوطن وتضمن له المستقبل الآمن، لذلك يجب فتح الحوار في كيفية تطوير التنظيم الإداري داخل أسوار الوطن، فما يحدث من جمود وبيروقراطية هو ضد مستقبل الوطن، وقد يصعب من مهمة تحقيق توجيهات القيادة..

كذلك لا يمكن بأي حال إغفال إنجازات وخبرات الدول المتقدمة في هذا الشأن، فالنجاح الأكمل لهذه الحركة التنموية القوية أن تحميها أنظمة ووسائل إدارية متقدمة وشفافة، والفرص قد لا تعود مرة أخرى، ونحن ربما في إحدى آخر هذه الفرص، فالطفرة الحالية استثنائية وتاريخية، وقد تكون الأمل الأخير في إخراج بذور العصبية والجهل والفرقة والانشقاق والأنانية والفئوية إلى الأبد من تراب هذا الوطن الكبير..

تكمن العقبة الأهم في مستقبل الوطن في تبعات المركزية الإدارية، التي أدت إلى تكدس إدارات منتهية الصلاحية في بعض المؤسسات الإدارية، والتي قد تكون أحد أهم أسباب الشلل البيروقراطي الحالي، فتعطيل أو تأخير تنفيذ المشاريع ليس في حقيقة الأمر مسؤولية سمو أمير المنطقة، والحل أن يتم توزيع المسؤوليات الإدارية التنفيذية على المناطق المختلفة، وأن يكون أمير المنطقة ومجلسها مسؤولين عن مراقبة تنفيذ المشاريع واستلامها، على أن يتم انتخاب أعضاء المجلس، وبذلك تتخلص المناطق من المركزية الوزارية، والتي من المفترض أن تتفرّغ لإعداد الخطط الإستراتيجية، ومراقبة جودة تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع.

خلاصة الأمر أن وطننا العزيز يتمتع بمواصفات التفوق، حيث تجتمع فيه الثروة الطبيعية والانفجار السكاني والتنوّع الجغرافي والسواحل الطويلة، كذلك يتميز بعمق التاريخ الذي يمتد إلى جذور الحضارة العربية والإرث الإسلامي العظيم، كما توحّده زعامات تاريخية لا تألو جهداً في إيصال هذا الوطن إلى قمة المجد والرخاء..

 

بين الكلمات
تكرار كارثة جدة.. دعوة للفهم..
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة