Monday  14/02/2011/2011 Issue 14018

الأثنين 11 ربيع الأول 1432  العدد  14018

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

بعد أن تحدثنا في الحلقتين السابقتين عن أسباب تحديد سعر صرف الريال بـ 26 سنتا أمريكيا وقيمته اليوم بالنسبة للتضخم في أمريكا وبعض فوائد الربط التي ظهرت لنا وبعد أن عرجنا بصورة موجزة على كيفية سيطرة مؤسسة النقد على هذه القيمة للريال داخلياً وخارجيا، كان من المفترض أن نبدأ اليوم بشرح علاقة السياسة النقدية بالربط وما ينطبق علينا وما لا ينطبق من النظريات الاقتصادية

والممارسات العملية الحديثة. ولكنني رأيت أن أكشف أولا عن الضبابية الموجودة عند الكثير من المختصين فضلا عن غيرهم بالنسبة لعلاقة الريبو بالسايبر ومعنى الريبو وما يقابله من مؤشرات الفائدة التي يضعها البنك المركزي في الدول الأخرى، فهناك بعض الخلط عند الكثير، حتى إنني وجدت أن بعض معلوماتنا التي في الصندوق الدولي في غير مواضعها.

مهما اختلفت مسميات الفائدة وأنواعها في دول العالم، فإن البنك المركزي يضع حدا أعلى للفائدة وحدا أدنى ويحافظ عليها في الغالب، إلا في حالات استثنائية من أجل دعم الاقتصاد (فيخفض السقف حتى لا يعود سقفا). وعادة ما تكون هذه الفائدة محسوبة على أساس أن القرض يكون لليلة واحدة فقط، وهذا اعتبار مهم يفيدنا في الفهم لاحقا. فالاحتياطي الفدرالي الأمريكي يستخدم سعر فائدة اقتراض البنوك بين بعضها لليلة واحدة باستخدام احتياطياتها الزائدة عن حاجتها، كحد أدنى للفائدة. بينما يستخدم كحد أعلى للفائدة (ويكون في الحالات الاعتيادية بين 50-100 نقطة أساس زيادة على حسب جودة البنك، والأحوال الاقتصادية) وهو ما يسمى بسعر الخصم، وهو سعر الفائدة الذي يفرضه على البنوك حينما عندما لا تجد من يقرضها من البنوك الأخرى فتلجأ إلى البنك المركزي (الاحتياطي الفدرالي) فيقرضها من عنده «بطباعة» فلوس جديدة لم تكن موجودة من قبل (وقد يسحبها من السوق أو لا، يأتي هذا لاحقا عندما نشرح وضعنا في السعودية كعملة مربوطة). إذن فالبنك المركزي قد حدد أرضا وسقفا لأسعار الفائدة (فاليوم مثلا في أمريكا فالسقف هو سعر الخصم وهو 0.75% والحد الأدنى - الأرضي- وهو فائدة «الاحتياطات المركزية» 0.175%). ولكن هل له استثناءات؟. فمثلا وضع الاحتياطي الأمريكي (البنك المركزي) برامج تيسير خاصة وبشروط معينة للإقراض وتوفير السيولة (بما يسمى بنوافذ الخصم) كان فيها سعر فائدة الاقتراض من البنك المركزي أقل من سعر فائدة الاقتراض من احتياطيات البنوك وذلك من أجل السيطرة على الانعكاسات الاقتصادية لحادثة سبتمبر عام 2001 و2002 وفي الأزمة المالية عام 2007 و2008.

وعموما ففي غير الحالات الاستثنائية، فإن فائدة «سعر الخصم» تعد سقفا لأن البنك المركزي (في حالة التعويم، أو القدرة على التعقيم) يستطيع أن يقرض أي بنك يحتاج إلى أموال ولم يجد من يقرضه من البنوك الأخرى. وأما فائدة الاقتراض الاحيتاطيات البنوك فقد أصبحت حدا أدنى لأن البنك المركزي يتدخل في السوق النقدية ببيع وشراء السندات أي أنه يسحب الفلوس أو يزيدها حتى يجعل نقطة توازن عرض النقود والطلب عليها عند سعر الفائدة المعلنة كحد أدنى. ويشكل عام فهذا هو العمل في دول العالم مع بعض الاختلافات لاعتبارات معينة من دولة إلى دولة و كما هو الحال عندنا في السعودية.

فمؤسسة النقد جعلت من الريبو حدا أعلى للإقراض ومن الريبو العكسي حدا أدنى للإقراض. وقبل تفصيل ذلك، فالريبو عموما هو أداة من أدوات السوق المالية القصيرة الأجل مثله مثل قروض احتياطيات البنوك والسندات قصيرة الأجل والأوراق التجارية وغيرها مما يستخدم في السوق المالية القصيرة الأجل. وهو في حقيقته عبارة عن قرض مرهون بورقة مالية، وفي صورته عبارة عن بيع حقيقي لسند (عادة حكومي) مع وعد بشرائه لاحقا بأغلى مما بيع به، والفرق بين سعر البيع والشراء هو سعر فائدة الريبو ولا علاقة له بفائدة السند (إلا علاوة المخاطرة إن وجدت). وبائع السند هو في حقيقته مقترض وقد وضع السند رهينة عند المقرض ويسمى في حالته تلك أنه يقوم بالريبو لأنه هو من يتعهد بشراء السند مرة أخرى بالقيمة المحتوية على أصل القرض مع فائدته. وأما المقرض فهو مشتري السند ومقدم المال وهو الذي يسمى أنه يقوم بالريبو العكسي لأنه يتعهد بإرجاع السند الموعود بشرائه من قبل صاحبه. فعندما يحتاج بنك سعودي إلى الاقتراض من مؤسسة النقد لعدم وجود من يقرضه من البنوك السعودية وعدم وجود خيارات أخرى أقل كلفة فإن مؤسسة النقد ستقرضه على السعر المعلن حاليا بـ 2% (وهذا هو السقف الأعلى للفائدة) ويكون ذلك بالريبو وهو أن يبيع سندات حكومية على المؤسسة مع وعد بشرائها لاحقا على معدل 2% سنويا على أساس السنة =360 يوما فتكون الفائدة اليومية هي 0.0055%. وأما إن زادت عند البنك الفلوس فإن مؤسسة النقد تسحبها منه لكي تحافظ على السعر الأدنى للفائدة المعلن بـ 0.25 % أي تعطيه 0.000694% يومياً وهو سعر الريبو العكسي أو ما يسمى بسعر الإيداع فنكون قد أسمينا هذا النوع من سحب الفلوس بالإيداع، فكأن البنك يودع هذه الفلوس عند المؤسسة ويكون كأنه مشتري السند أي في محل المؤسسة سابقا فكأنه يقرضها فسمي هذا بالريبو العكسي.

السايبر

ولعلنا الآن نستطيع الانتقال إلى السايبر. والسايبر هو سعر الفائدة التي تقترض بها البنوك بين بعضها، عادة من احتياطيتها الزائدة، (والسعر المعلن هو على أساس سنوي على حساب أن السنة 360 يوما). وقد ذكرنا في بداية المقال أن ما تكلمنا عنه من أسعار الفوائد الأساسية التي تعلنها البنوك المركزية عادة هي على أساس ليلة واحدة. فالعقد ليلة واحدة يتجدد تلقائيا طالما أن الطرفين متفقان. وهذا يعني أن الالتزام هو لليلة واحدة فلو تغير سعر الفائدة لتغيرت في اليوم الثاني، وكذلك أن التجديد التلقائي اليومي قد لا يحدث لسبب أو لآخر، وكذلك أن الفائدة تكون متراكبة على أساس يومي، أي أن الفوائد تتحقق يوميا وتدخل ضمن القرض الأساسي إذا حصل التجديد.

أما السايبر فيختلف. فهو لمدة مقطوعة كأسبوع أو كشهر أو ثلاثة أو ستة أو سنة. وسعر الفائدة هو سعر مثبت خلال تلك الفترة وليس تراكميا. ولذلك فالسايبر قد يكون أحيانا أعلى من الريبو، أي أعلى من سقف سعر الفائدة (الحد الأعلى) التي تضعه مؤسسة النقد، وخاصة إذا كان الريبو قريبا جدا من الريبو العكسي. وذلك بسبب أن الفائدة في السايبر غير تراكمية والمدة قد تصل إلى سنة وتتأثر كثيرا بعوامل الطلب والعرض على احتياطيات البنوك والتي تكون استجابتها عبارة عن مرآة لأحوال السوق الاقتصادية وتوقعاتها. وقد يكون أقل. ولكن السايبر دائما أعلى من الحد الأدنى، أي الريبو العكسي، فالريبو العكسي هو أساس وقاعدة السايبر التي ينطلق منها. والريبو العكسي في الواقع هو قاعدة كل أنواع الفوائد لأنه هو أساس الفائدة التي تدفعها البنوك على الودائع. وقبل أن أشرح ذلك يستحسن أن أوضح السايبر وكيف تتحدد قيمته.

يتواجد عند البنوك احتياطيات نقدية غير إلزامية. يعني أن هناك من يودع الأموال عند البنك والبنك لم يستطع أن يعيد إقراضها فيودعها عند مؤسسة النقد بعملية الريبو العكسي ويأخذ فائدته (المفترض أنها سترجع إلى المودعين من زبائن البنك). واشرح بمثال يقرب الصورة. فالآن فائدة الريبو (السقف) هي 2% والريبو العكسي (الأرض) هو 0.25%. فبنك سعودي عنده مودعون كثيرون ولم يستطع أن يُقرض كثيرا، فأمواله الفائضة عن الاحتياطيات الرسمية يأخذ عليها فائدة الريبو العكسي بإيداعها عند المؤسسة. وهناك بنك آخر عنده عمليات إقراض أكبر من الإيداعات مثلا أو جاءه سحب مفاجئ كبير من زبون ثقيل أو طلب قرض من زبون لا يريد خسارته. فهذا البنك يحتاج إلى قرض بينما البنك الآخر يحتاج إلى إقراض الغير فتتم العملية بين البنكين بسعر فائدة السايبر التي ستكون مؤكداً أعلى من الريبو العكسي لإنها تنطلق منه ويفترض أنها أقل من الريبو لأنه هو السقف ولكن هذا لا يحدث دائما لما ذكرناه سابقا. وتتحدد هذه الفائدة (السايبر) بإضافة علاوة على الريبو العكسي على حسب العرض والطلب على الاقتراض بين البنوك. فعند وجود فوائض كثيرة عند البنوك ينخفض سعر السايبر ولكنه لا بد أن يكون أعلى من الريبو العكسي وإلا لما قام البنك بإقراض البنك الآخر فالإيداع عند المؤسسة أربح وأقل مخاطرة. وعند كثرة الأنشطة الاقتصادية أو الخوف من الأزمات المالية تقل فوائض البنوك المعروضة لإقراض البنوك الأخرى مما يرفع سعر السايبر حتى قد يتعدى السقف الأعلى وهو الريبو وبعد ذلك يصبح الاقتراض من مؤسسة النقد على أساس ليلة واحدة أقل كلفة، على افتراض أن المؤسسة ليس لها تحفظات على إقراض البنك.

أهم مؤشرات الفوائد في السعودية من عام 1999-2010

استخدامات السايبر

يستخدم السايبر كأساس مقياس لكلفة الاقتراض على المدى القصير. وللتوضيح فلنتخيل أن الفلوس هي سلعة في سوق الجملة، المقيد بتجار الجملة فقط. والتجار هنا هم البنوك وسلعتهم الفلوس وسوقهم هي احيتاطياتهم عند مؤسسة النقد. فالبنك إذا اشترى فلوس ثم أراد بيعها فسيضع عليها هامش ربح يزيد وينقص بمخاطرة الإفلاس والأحوال الاقتصادية المتغيرة وإن كانت طفيفة لأن الزمن - هو عامل مهم - قصير هنا. ويستخدم السايبر كمرجع ومستند في القروض الطويلة الأجل بأن يترك متغيرا يضاف إلى نسبة ثابتة على حسب المفترض فيضمن البنك تقلبات سعر الفائدة بذلك. فالسايبر كما قلنا هو متعلق بالريبو العكسي أساسا الذي يشكل قاعدته ثم تأتي عوامل الطلب والعرض على احتياطيات البنوك بعد ذلك. والريبو العكسي هو سعر الفوائد على الودائع البنكية، لذا فهو أساس أسعار الفوائد جميعها، لأن الفوائد على الودائع هي كلفة البنوك الأساسية. وعلى كل حال فنحن مرتبطون في الريبو العكسي بالدور والسياسة النقدية الأمريكية وليس لنا فيه استقلالية وهذا يأتي شرحه بالتفصيل والتمثيل الأسبوع المقبل إن شاء الله.

hamzaalsalem@gmail.com
 

من أجل بناء ثقافة اقتصادية واعية
مفهوم الفائدة عند مؤسسة النقد (الريبو وعكسه وعلاقته بالسايبر)
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة