Monday  14/02/2011/2011 Issue 14018

الأثنين 11 ربيع الأول 1432  العدد  14018

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

باستثناء فترة الخمسين سنة الأخيرة من مسيرة الحضارة الإنسانية كانت النقود عبارة عن قطع من معدن الذهب والفضة تستمد قيمتها من خصائصها الاستثنائية وهي النُّدرة وعدم القابلية للتلف، وتتفق كل الحضارات الإنسانية على هذين المعدنين بما فيها تلك المعزولة خلف بحر الظلمات قبل اكتشاف الأمريكيتين. وفي سورة الكهف احتفظ أصحاب الكهف بنقودهم معهم أثناء سباتهم الطويل، وبعد ما استيقظوا جائعين أرسلوا أحدهم بهذه النقود إلى المدينة ليشتري بها طعاماً. وعلى مر الدهور كانت أسعار البضائع والخدمات تتذبذب مقارنة بالذهب والفضة بين غلاء فاحش وكساد هامد بحسب صروف الدهر ونوائبه. فالقحط مثلاً يرفع أسعار المواد الغذائية والاستبداد يُسبب الكساد. وكتب التاريخ مليئة بأوصاف هذه الظواهر الاقتصادية، التي لا تختلف عن الأزمات الحالية سوى في المسميات، فالغلاء مثلاً أصبح يسمى التضخم. ويعد ابن خلدون من أكثر المؤرخين تأصيلاً وتحليلاً لهذه الظواهر. وفي العصر الحديث ظهرت البنوك التي كانت وظائفها الأولى قبول ودائع الذهب مقابل إيصالات مكتوب فيها كمية الذهب المودعة وتعهداً موقعاً من مدير البنك بدفع هذه الكمية لحامل الإيصال عند الطلب. وشيئاً فشيئاً أصبح الناس يتداولون هذه الإيصالات بدلاً من الذهب، وأصبحت تسمى النقود الورقية. وأذكر أن الفئات النقدية السعودية القديمة كان مكتوباً عليها عبارة (تتعهد مؤسسة النقد بأن تدفع لحامل هذه الورقة ما يعادل ريالاً واحداً من الذهب) وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ثبتت الولايات المتحدة سعر الدولار مقابل الذهب بما يعادل خمسة وثلاثين دولاراً للأونصة وربطت الدول الأخرى نقودها بالدولار (بما فيها الريال السعودي). ولكن القيمة الفعلية للذهب مقابل الدولار بدأت تنفصل شيئاً فشيئاً عن القيمة الرسمية بعد طباعة كميات هائلة منه للوفاء بمتطلبات إعادة تعمير أوروبا، حيث لم يعد الاحتياطي الفيدرالي يفي بالتزاماته بدفع الذهب لكل من يطلبه مقابل الدولار. وفي بداية السبعينات من القرن الميلادي الماضي بلغ الثمن الفعلي للذهب حوالي مائة دولار للأونصة (تجاوز سعره حالياً الألف وثلثمائة وستين دولارا للأونصة). ثم أعلنت الولايات المتحدة رسمياً فصل الذهب عن الدولار مُدشنة فترة جديدة من تاريخ الإنسانية بفصلها الرابطة الأزلية بين النقود والذهب. وحذت الدول حذو أمريكا، وانقسمت عملاتها إلى عملات حرة يحدد قيمتها أمام العملات الأخرى عامل العرض والطلب، وعُملات مربوطة بعملات حرة أُخرى. وخلال السنوات القليلة الماضية تنامت ظاهرة النقود الإلكترونية التي هي عبارة عن أرقام يتم تحويلها وتبادلها الكترونياً ويحملها الشخص في بطاقة أو في هاتفه الجوال. وأصبحت المتاحف الآن تُجمع النقود الورقية لتعرضها مع نقود الذهب والفضة.

 

النهاية المأساوية للنقود
إبراهيم بن محمد الناصري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة