Monday  14/02/2011/2011 Issue 14018

الأثنين 11 ربيع الأول 1432  العدد  14018

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

      

كمواطن مسالم يفضّل تنمية حقيقية وعادلة في ظل الاستقرار الاجتماعي أنصح كل قيادي كل في مجاله من قمة الهرم في السلطة إلى قاعدة الهرم في البيروقراطية الإدارية أن يحسب حسابات المستقبل بطريقة جديدة. خلال شهرين فقط خرج الشباب العاطل والمحبط إلى الشوارع فتبعته الجماهير وأسقطت اثنين من أعتى الأنظمة الحاكمة العربية. سقوط أي نظام مركزي يصاحبه عاجلاً أو آجلاً سقوط كل متعلقاته البيروقراطية من مسؤولين كبار وأصحاب نفوذ وكبار ملاَّك ومستفيدين وانتهازيين، خصوصاً أولئك الذين وصلوا إلى الأعلى بدون استحقاق منطقي.

نوعية المواطن العربي المخضرم المطيع انتهت. ظهر الآن في العالم العربي، وبنسبة ستين في المئة من عدد السكان جيل شاب له مواصفات جديدة غير تلك التي كانت لأجداده وآبائه. الجيل الشاب الجديد في العالم العربي له هذه المواصفات:

أولاً: أنه مطلع على أحوال شباب العالم في الدول الأخرى وعلى الطرق التي تتعامل بها دولهم معهم. هذا الاطلاع جعله يقارن ويعرف أن الشباب بحقيقة التطبيق وليس بالكلام الأجوف هم الثروة الحقيقية لأي وطن ولأي أمة. يعرف أن الشمس الجديدة القادمة من المشرق تحمل في أشعتها قدراً وقيمةً أكبر بكثير من الدفء والطاقة والضوء مقارنة بالشمس المتجهة نحو الغروب. يعرف الجيل الجديد أيضاً من خلال التحامه المعرفي الجديد بشباب العالم أن كل شاب لديه في الحياة فرصة واحدة لتحقيق ذاته وإثبات عبوره في الحياة وذلك من خلال العمل والإبداع والزواج والإنجاب وإعطاء مكنونات مواهبه لوطنه وأمته قبل أن تبدأ شمسه في الغروب ليحل محله شاب آخر. لم يعد جيل الشباب الجديد يقبل أن تطلع شمسه وتعبر أفق الحياة ثم تغرب دون تأثير يذكر وكأن الله لم يهبه هذه الحياة القصيرة ليقدم فيها شيئاً يبقى بعد مماته، ولو على مستوى بناته وأبنائه.

ثانياً: هذا الجيل الشاب أصبح يتوجه أولاً للعالم الخارجي عبر وسائل الاتصال العولمية قائلاً إنه سوف يخرج في مسيرات احتجاج مدنية للمطالبة بحقوقه في بلده بالطرق السلمية ويطلب تأييد شباب العالم بنفس الطرق. بعد أن يضمن انتباه العالم له يتوجه إلى المسؤولين في بلده برغبته في النزول إلى الشارع، فإن سارت الأمور بطريقة التفهم والتفاهم حلّت الأمور واستطاعت الدولة التعامل مع مطالب الشباب بطريقة حكيمة ووطنية. إن حصل وحدث العكس فالشباب صار يعرف أن ما سيحل به سوف يكون على مرأى ومسمع من العالم كله. إنه يقول لشعوب العالم: انظروا، أنا لن أنزل للشارع وفي يدي سكين أو بلطة أو بندقية. ليس في يدي سوى لائحة مطالب استحقاقية والرغبة عن التعبير عنها بصوت مسموع. في تلك الأيام التي كان التغيير فيها يتم بقوة السلاح كان من المنطقي أن تجابهه سلطات الدول بالسلاح، لكن لم يعد مقبولاً أمام العالم المفتوح التعامل بالقوة الغاشمة مع من قد أخبر العالم مسبقاً بنواياه السلمية.

ثالثاً: جيل الشباب الجديد في العالم العربي ليس لديه ما يفقده بسبب البطالة والإحساس بفقدان كرامة العيش من خلال الكسب الشريف، رغم أن لديه مؤهلات كافية للحصول على مصدر رزقه. من خلال ذلك تكوّنت لديه حساسية شديدة مضافة إلى مقارنة أحواله بأحوال أقرانه الشباب في دول أخرى تعاملت مع الفساد والتنفيع الطبقي بطريقة تشريعية وتطبيقية عادلة. إذاً، ولأنه ليس لديه ما يفقده فإنه يكون قد فقد مقومات وأسباب الخوف، وشباب تونس ومصر أثبتوا ذلك على مرأى ومسمع كل العالم.

شباب بمثل هذه المواصفات يجب أن يحترم وتؤخذ مطالبه بكامل الاعتبار، وبطريقة النزول إليه والبحث عنه قبل أن ينزل هو إلى الشوارع طالباً المواجهة مع من يعتقد أنه سبب إحباطاته وبطالته.

 

إلى الأمام
اكسبوا الشباب
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة