Tuesday  15/02/2011/2011 Issue 14019

الثلاثاء 12 ربيع الأول 1432  العدد  14019

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

كان من أهم أخطاء العراقيين الذين تولوا الحكم في العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين هو رفعهم لشعار (اجتثاث البعث)، في محاولة لقطع الطريق على عودة رجال صدام إلى الحكم مرة أخرى. اجتثاث البعث كان من أهم أسباب انتشار الفوضى، وتكريس ثقافة التشفي وتصفية الحسابات، التي أعقبت سقوط النظام في العراق. ويكاد يتفق المراقبون أن من أسباب البطء في عودة الاستقرار واستتباب الأمن في العراق اليوم كان توجه القيادات التي جاءت بعد سقوط صدام إلى التشفي والمحاسبة الجماعية لكل من كان ينتمي إلى حزب البعث في العراق. ويخشى كثيرون أن تكون فترة ما بعد مبارك شبيهة بفترة ما بعد صدام؛ وأن يتم التعامل مع كل القيادات الحزبية ورجال العهد البائد بذات الطريقة التي مارسها العراقيون، وكانت من أهم أسباب الانفلات الأمني، الذي ما زال يعيشه العراق اليوم، وربما يستمر الوضع كما هو عليه لسنوات قادمة؛ فالإصلاح الذي لا يستشرف العواقب، ويُقدر مآلاتها، قد يقود الأوطان إلى ما لا تحمد عقباه؛ وما آلت إليه أوضاع العراق بسبب (اجتثاث البعث) أقرب مثال على ما أقول.

ثورة مصر كانت وما تزال حتى الآن ثورة سلمية، لم يرق فيها من الدم ما عرفته ثورات سابقة على ذات المنوال الشعبي. وأهم ما يجب أن يحافظ عليه المصريون أن يحافظوا على هذا الوجه السلمي لهذه الثورة الشعبية، وأن ينتقلوا إلى المرحلة الديمقراطية بأقل قدر من الخسائر؛ فشعار (عفا الله عما سلف) يجب أن يكون (حاضراً) وبقوة في التعامل مع رجال المرحلة السابقة؛ وهذا لا يعني أن يتم (العفو) عن كل المجرمين والمفسدين واللصوص، الذين استغلوا الفترة السابقة في الإثراء غير المشروع، وإنما يجب أن يترك للقضاء أن يقوم بدوره في تجريم أو تبرئة من تدور حولهم الشبهات، خصوصاً أن المؤسسة القضائية المصرية تعد من أقوى المؤسسات في مصر، وقد استعصى إفسادها على كل من حكموا مصر منذ انقلاب 1952، رغم بعض الاستثناءات خصوصاً في العصر الناصري، غير أن هذه الاستثناءات بقيت هامشية، ونأت هذه المؤسسة في عمقها العدلي عن هذه النتوءات الاستثنائية التي عرفها تاريخها، واستطاع الجسم القضائي المصري خلال تاريخه أن يقاوم (فيروساتها)؛ وخرجت هذه المؤسسة من كل الأزمات التي مرت عليها سليمة معافاة.

ومن يتابع الأوضاع في مصر الآن يجد أن هناك نقمة شعبية عارمة على أجهزة الأمن، خصوصاً بعد ما اقترفه بعض منسوبيها من تجاوزات تصل إلى درجة (الجرائم) في التعامل مع المحتجين في المظاهرات الأخيرة؛ غير أن الإنجازات التي عرفتها مصر في تاريخها، وجعلتها دوحة وارفة بالأمن والأمان، يعود إلى هذه الأجهزة أيضاً. أن ينسى المصريون إنجازات هذه الأجهزة، ويتذكرون (فقط) انحرافاتها في التعامل مع المحتجين، فيه ظلم وإجحاف، وتفريط بهذه الأجهزة التي كان لها الفضل في ما تشهده مصر من أمن وأمان. كما أن هناك أعضاء من الحزب الوطني الذي كان حاكماً في السابق هم من الكوادر السياسية التي لا يشوب تاريخهم أية شوائب؛ إلغاؤهم أو شطبهم من الحياة السياسية المصرية لمجرد أنهم كانوا أعضاء في الحزب الوطني فيه إجحاف وظلم أيضاً، وخصوصاً أن منهم من اكتسب تجربة إدارية جيدة، وساهم مساهمة فعّالة في كثير من الجوانب المشرقة التي عرفتها مصر في العقود الثلاثة التي كان فيها حسني مبارك يتولى سدة الحكم؛ فضلاً عن أن هؤلاء الشرفاء مصريون قبل أن يكونوا أعضاء في الحزب الوطني.

إنها دعوة (للتسامح) الذي ما واكب شيئاً إلا زانه، ونبذٌ للأحقاد والتشفي والبغضاء الذي ما اكتنفَ أمراً إلا شانه.

إلى اللقاء.



 

شيء من
خطأ العراقيين هل يتكرر في مصر ؟
محمد عبد اللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة