Thursday  17/02/2011/2011 Issue 14021

الخميس 14 ربيع الأول 1432  العدد  14021

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تأمل الناس من حولك، استمع بعناية لأحاديثهم عن أنفسهم وعن زمنهم وواقعهم، عن حظوظهم ومكتسباتهم، راقب بصمت وتبصر بلا تعليق ولا مشاركة في فلسفة الأمور، وحين يختزن ذهنك ما سمعته وتنفرد بنفسك حاول تحليل المسألة وفسرها تفسيراً منطقياً لا دخل للعواطف ولا مشاعرك الشخصية فيه بقدر الإمكان؛ ستجد أن الناس بين متفائل ومتشائم وقليل من هم في الوسط بين هذا وذاك، وسيتضح لك أن منهم من يخشى الموت، وترهقه نظرات الناس وموقعه بينهم، يهتم بتفاصيل سيئ الأمور تجاه ذاته ويحلها محل المتهم أو القاصر عن بلوغ التمام، ويعيش بين أقرانه وأقاربه وحيِّه على هذا المشهد اليومي الذي يقض مضجعه وينغص عيشه.. وستلاحظ ما هو أعجب من الصور الأولى، فذاك غني وهبه الله بسطة في الرزق والمال غير أنه لا يهنأ بنوم ولا يستمتع بنهار، وملذات الدنيا صعبة المنال عليه وهي بين يديه مدرك لها خاضعة له، وآخر وهبه الله بسطة في الجسم مع الصحة والعافية غير أنه يخشى ما يرى وكل مالا يرى، يعرف كل أنواع الفيروسات والجراثيم وفصائلها وأنسابها وأصولها وفروعها، وتاريخ نشأتها ومواقع تكاثرها، ويخشاها كخشية الأرنب من السبع الجائع، فيم هي لم تأبه به ولم تعبأ، بدليل الصحة والجسم المكتنز الذي يتمتع به، غير أنه التشاؤم يسيطر على بعض النفوس والعقول، يناقضه الفأل الحسن، والنظرة المتفائلة للدنيا ومقوماتها بمنظار أبيض وعيون تملؤها إشراقات الأمل، بحياة تحفها السعادة والحبور تتطلع كل مساء لغد أفضل، وكل صباح تلتمس مساءً يغمره الود والتحنان، هذه الأنفس المشرقة بآفاق الأمل السعيد لم تخالجها هواجس وأقاويل تتحدث بين حين وآخر عن زمنها الرديء (كما ترى بعض الأنفس المتشائمة)، وليس في قاموسها شيء يمت لهذه المعاني الرديئة المحبطة، وكأني بها تتساءل في إطار تفاؤلها: من قال برداءة الزمن، ومن يحكم بهذه الأحكام، وكيف لنا أن نحدد معايير رداءة وجودة الزمن الذي نعيشه؟ هل هي عامة ومتفق عليها، أم أنها خاصة بمن يعيش في داخل تلك الأحاسيس، وهو قياسه لنفسه بقدر درجة تشاؤمه الذي نال من زمنه فاتهمه بالرداءة ولنفسه بسوء الطالع في زمنه هذا، فرداءة زمن شخص ما - كما يزعم - قد تتزامن مع زهو وازدهار زمن إنسان آخر أو جماعة ومجتمع بكامله، فحكمه إذن خارج المنطق ومعطيات العقل والاستبصار، فقد يكون هو بمرحلة يراها صعبة ولم يفكر بأنها مع عدم رضاه بها أزهى وأفضل من فترة أخرى قد يمر بها، فيمكن على ضوئها أن يفند مزاعم رداءة الزمن الذي لا يفتأ يردده ويحيط نفسه بآثاره المتوهمة التي لا وجود لها سوى في دواخل نفسه وخواطره المرتكزة على عناصر واهية من التشاؤم، لا تلبث أن تتبدد لو فتحنا نوافذ الأمل وأبواب التفاؤل (افتح النافذة فثمة ضوء).

 

نوافذ للأمل
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة