Thursday  17/02/2011/2011 Issue 14021

الخميس 14 ربيع الأول 1432  العدد  14021

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

جرت العادة في المملكة أن (يُكرَّم) بعض أصحاب المناصب العليا في الدولة، عندما يتم الاستغناء عنهم، بتعيينهم سفراء للمملكة في الخارج. والسؤال الذي يفرضه السياق: هل عمل السفير هو تكريم (لشخصه) أم أنه أولاً وقبل أي شيء مهمة وطنية لها متطلباتها، ويجب بالتالي أن يشغلها القادرون على الاضطلاع بهذه المتطلبات على أفضل وجه؟.. كلنا رأينا في اليوتيوب على الإنترنت تصرُّف أحد السفراء مع مواطنة عندما طلبت منه حل مشكلتها، فتعامل معها بتعالٍ، بينما هو (خادم) للوطن والمواطن في الخارج؛ وأولى مهامه أن يحل ما يعترض المواطنون خارج المملكة من مشاكل، وما يواجهونه من صعاب. غير أن (الموظف) عندما يرى نفسه أنه في محل تكريم، وليس في مهمة وظيفية، فسوف يتصرف بعيداً عن متطلبات وواجبات وظيفته، وربما يرى نفسه أكبر من كونه سفيراً، خصوصاً إذا كان قد وصل إلى منصب (وزير) مثلاً، أو إلى منصب وكيل وزارة، في مسيرته الوظيفية، عندها يصبح أي منصب آخر هو بالضرورة (أقل) من منصبه الذي كان فيه، فيتعامل وكأنه في عمله الجديد كسفير في مهمة استجمام وراحة أو هي سياحة، فلا يحفل بمهمته الجديدة ولا متطلبات تأديتها كثيراً، لأنها لن تُشكِّل في تاريخه الوظيفي أي إضافة.

كما أن العمل الدبلوماسي يحتاج إلى نشاط، و(طموح)، ورغبة في تسجيل منجزات تضيف للإنسان في مسيرته الوظيفية ما يحقق بها طموحاته؛ فإذا كان السفير دونما طموح، لأنه حقق كل ما يصبو إليه في مسيرته الوظيفية، وليس في الإمكان أفضل مما تحقق، فإن عمله كسفير لن يمنحه من (المثابرة)، ناهيك عن الاهتمام، ما هو مطلوب منه في عمله كسفير.

والعمل الدبلوماسي هو مهنة واحتراف في الدرجة الأولى. ولم تعرف الدول المتقدمة تعيين كبار المتقاعدين، أو المسنين، من موظفيها في مناصب سفراء إلا استثناء، وفي حالات نادرة، لأن العمل الدبلوماسي يحتاج إلى حيوية وطاقة قد لا تتوفر في الإنسان المتقاعد، فضلاً عن المسن، الأمر الذي يجعل السفارة تبدو وكأنها مصابة بالخمول، وربما الترهل، وفي المحصلة تتقاعس عن تأدية دورها المفترض.

وهناك شكوى تتردد دائماً من غياب كثير من سفارات المملكة عن تأدية أدوارها، وبالذات الشق الذي يُعنى بمتابعة شؤون المواطنين السعوديين في الخارج. ويبرز هذا بوضوح عندما يتعرض مواطن إلى مشاكل وهو خارج وطنه، أو تحل ببلد ما أزمة مفاجِئة تتطلب أن يتم ترحيل السعوديين بسرعة، هنا تطفو المشاكل على السطح، ويتضح مدى الترهل الذي تعاني منه السفارات.. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- في أحد لقاءاته بمجموعة من سفراء المملكة قد نقد ما اسماه بالنص (غلق أبواب السفارات)، وكرر على مسامعهم أن مثل هذا التصرف، والابتعاد عن خدمة المواطنين لا يرضاه (أبداً)، إلا أن كثيراً من السفارات، بعد هذا النقد (القوي) من الرجل الأول في البلاد، ما زالت للأسف تغط في نوم عميق، وعندما تستيقظ في الأزمات يتضح مدى الارتباك والتخبط الذي يعاني منه العاملون فيها.

إنها دعوة صادقة أن ننأى بمنصب السفير عن أن يكون منصب (مجاملة)، يُنهي فيه كبار موظفي الدولة بعد (تقاعدهم) حياتهم الوظيفية؛ فعمل السفير يحتاج إلى طاقات قادرة على العطاء والقيام بمتطلبات العمل الدبلوماسي خير قيام. إلى اللقاء.



 

شيء من
سفراؤنا في الخارج
محمد عبد اللطيف آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة