Friday  18/02/2011/2011 Issue 14022

الجمعة 15 ربيع الأول 1432  العدد  14022

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

قراءة في كتاب حب الحصيد (الجزء الثاني)

 

رجوع

 

بقلم - محمد بن ناصر العبودي

حفل كتاب (حب الحصيد) بإيراد رقائق وعظات من سير السلف الصالح وأخبارهم.

وابتدأ من ص 118 من الجزء الأول بدأ يتكلم على بلادنا، وأول العناوين لذلك عنوان (أرض نجد).

وذكر على الخصوص الزراعة في نجد عموماً وفي مدينة بريدة خاصة. ثم جاء عنوان بعد ذلك وهو (في شعر الوصف البليغ) واستغرق هذا العنوان أربع صفحات، ثم تلاه عنوان آخر هو (تربية القرآن الكريم).

وبعد ذلك تكلم المؤلف على مراحل عمر الإنسان، وأتى بشواهد جميلة مطابقة، إلا أن التطبيع في أحدها أفسدها وهو بيت طرفة بن العبد:

نحن في المشتاة ندعو الجفلى

لا ترى الآدب فينا ينتقر

فقد كتب صفاف الحروف اسم طرفه، بالقاف طرقة، وكتب المشتاه التي هي وقت الشتاء (الشناة) وبهذا حرف المعنى وكسر وزن البيت.

وقد فسر المؤلف الكريم الجفلى والَّنقرى تفسيراً صحيحاً وهو أن الجفلى الدعوة العامة للطعام، والنقرى الدعوة التي يخص بها قوم دون آخرين.

ثم عاد المؤلف إلى الحديث عن الوطن: بريدة، فذكر عنواناً بلفظ: (حديث الماء في بريدة وفي القصيم).

واستغرق ذلك 12 صفحة.

وبعد ذلك عناوين متنوعة مثل (تسابيح) و(رجال عاصرتهم).

وربما يكون من ذكرهم تحت هذا العنوان من أهم ما في الكتاب لأنه ترجم لعدد من المشاهير في بريدة، وذكر انطباعه عنهم وأولهم الشيخ القاضي عمر بن سليم رحمه الله.

وبعده القاضي عبد الله بن حميد.

ثم والده الشيخ عثمان بن بشر.

ثم الشيخ صالح بن أحمد الخريصي.

فالشيخ صالح بن إبراهيم البليهي.

فالشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سليم.

ثم إلى العناوين المهمة المتنوعة كل ذلك في أسلوب أدبي راق، وإيضاح نير.

وعلى وجه العموم فإن ذلك أدخل الكتاب في كتب (المحاضرات الأدبية) كما كان أسلافنا العرب يسمونها، وليس المراد بالمحاضرات عندهم إيراد الخطب وإنما هي الاختيارات الأدبية التي يستطيع الإنسان أن ينتفع بها في المجالس والاجتماعات الأدبية أي يذكر الشواهد منها على ما يدور البحث فيه، ويمكن وصفها بأنها كتب المختارات العلمية، ولا يوردها المؤلف بنصها جافة غير مفسرة، وإنما يفسرها ويوضح مدلولاتها وأحياناً يقارن بين ما نحن عليه مما ذكره منها.

ويأتي بعد ذلك عنوان مهم هو:

(محطات في حياتي).

قال في مقدمته (ص 290):

ما قصدت التنويه بحياتي لكن الهدف المقصود هو العبرة والاعتبار والمقارنة والادكار، سيرة الآباء يحسن أن يعلمها الأبناء ويتوارثها الأحفاد لعل وعسى أن يكون فيها شيء من الفائدة والموعظة والترحم. هذه الحلقة سوف أتطرق فيها إلى سرد دراستي وتحصيلي في الصبا والشباب فأقول: يعلم الكل أنه في السنين الماضية كان تحصيل العلم والتعليم يتم عن طريق المشايخ في حلق المساجد تلك الحلق التي تعم أكثر مساجد المدينة (بريدة): يقوم عليها رجال خير محتسبون قصدهم نشر العلم وهدفهم تبصير الناس. حلق المساجد خرجت القضاة والأئمة والمدرسين والوعاظ والمرشدين فكانت ينابيع خير ومصادر إشعاع رحم الله أهلها وأحسن جزاءهم.

مع حلق المساجد توجد كتاتيب تحتضن صبيان المسلمين تعلمهم المبادئ وتسير بهم في درجات التعليم، كل كتاب حسب مستواه مهمتها الرئيسية تدريس القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة، يلتحق فيها من يستطيع والده الاستغناء عنه بضع ساعات من النهار مع شدة العمل وكثرته، ويلتحق بها من عند والده فضل مال يدفعه للمعلم مع قلته.ويعتبر الكتاب من المؤسسات التعليمية التربوية القديمة التي تسد شيئا من حاجات المجتمع، وقد عرفتها جميع المجتمعات الإسلامية وطبقتها تحت مسميات شتى.

منطقة نجد التي منها مدينة بريدة عرفت هذه الكتاتيب من قديم فقد ذكر الرحالة شارل هوبير الذي زار مدينة بريدة في شهر رمضان من عام 1296هـ أنها تملك أربع مدارس ذكر ذلك في كتابه رحلة في الجزيرة العربية الوسطى، وأنا عرفت فيما عرفت عدداً من المدارس والكتاتيب الأهلية. انتهى. وهذا الفضل أو ما تحت عنوان (محطات في حياتي) هو في نظري أهم ما في الكتاب؛ لأن المؤلف -حفظه الله وزاده من التوفيق- ذكر أشياء قديمة يتذكرها مثلي بصعوبة وتكلم على أشخاص برزوا فيها فكان كلام المؤلف في ذلك واضحاً مفصلاً، كما لو كان يقرأ من مذكرات كتبها في ذلك الحين الذي مضت على بعضه سبعون سنة أو نحوها، وتكلم على أشخاص تتفاوت أقدارهم عند الناس ومنهم زملاء له بالدراسة أساتذة وكبار من كبار جماعة بريدة فكان كلامه في ذلك كله كلام العارف المنصف الذي يذكر لكل محسن إحسانه، ولا يبحث عن إساءته إن كانت له إساءة. واقتراحي على أخي الكريم الأستاذ محمد بن عثمان البشر أن يجرد سيرة حياته من الكتاب، وأن يضم إليها ما لم يذكره فيه، ويقيني أنه سوف يكون كتاباً ممتازا يلقي ضوءاً أو أضواءً على فترة من تاريخ المجتمع في بريدة في عشر الستين أو السبعين والثلاثمائة، ويترجم لأشخاص نسبهم الناس ونسوا ما قدموه.

وقد استغرق هذا الفصل على أهميته خمس عشرة صفحة، وعندما انتهيت من قراءته تمنيت لو أن المؤلف لم يقف بهذا الفصل المهم. لا سيما أنه أعقبه بفصل عنوانه: (شيء من المفردات اللغوية) كله من العربية الفصحى.

وبعد ذلك عنوان: (بعض الطرائف والنوادر).

(حب الحصيد)

وهكذا تعددت العناوين أو العنوانات على حد اختيار بعض الأدباء القدماء في الكتاب مما صدق تسمية المؤلف لكتابه بأنه (حب الحصيد) فالإنسان أي إنسان يحصد أشياء في هذه الحياة بعضها فيه حب جيد، وبعضها ليس كذلك، والأستاذ المؤلف محمد بن عثمان البشر ذكر (حب الحصيد) ولكنه ذكر كيف كان يذر ذلك الحب في بعض الأحيان وكيف كان الحصيد مع مشقة أو بسهولة، وكيف كانت ظروف الناس عندما زرعه وحصد مما حصد من حبه، ومن هم البارزون وغير البارزين من الأشخاص الذين شهدوا ذلك إلى آخر ما سوف يأتي الكلام، وعليه عند الكلام على الجزء الثاني من هذا الكتاب الحافل (حب الحصيد).

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة