Saturday  19/02/2011/2011 Issue 14023

السبت 16 ربيع الأول 1432  العدد  14023

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في مجتمعنا أصبحت الوظيفة الهدف النهائي لأي شاب وشابة بل إنها تكاد تكون الفرصة الوحيدة أمامهم؛ لأن الطريق إلى الاشتغال بالأعمال الحرة عن طريق إقامة المؤسسات والمشاريع الخاصة صار أكثر صعوبة نتيجة المتغيرات والمستجدات وارتفاع تكاليف العمل الخاص الذي باتت فرص النجاح فيه محفوفة بالمخاطر؛ فالخوف من الفشل والخسارة يجعل الشباب يترددون كثيراً في الإقدام، خاصة أنه لا يوجد دعم مالي كافٍ، وليس أمامهم سوى انتظار الوظيفة التي أصبحت هي الأخرى صعبة المنال، وحُلْم الحصول على وظيفة مناسبة تحوَّل إلى معجزة؛ ما دفع بكثير من أبنائنا وبناتنا إلى البقاء في البيوت والانضمام إلى صفوف العاطلين عن العمل الذين يتزايد عددهم يوماً بعد يوم؛ فالجامعات والكليات والمعاهد ومِنَح الابتعاث تدفع بآلاف الخريجين، ومحاضن البطالة تستقبلهم بكل ترحاب.

أصبحنا اليوم وبكل أسف أمام قضية وطنية كبرى صنعها لنا سوء التخطيط وانعدام المواءمة بين مخرجات المؤسسات التعليمية ومتطلبات سوق العمل الحكومي والخاص من التخصصات.

التقرير الذي بثته وزارة الداخلية ونشرته بعض الصحف المحلية كشف أن نسبة 90 % من نزلاء السجون السعودية من العاطلين عن العمل، وأن نسبة 70 % منهم من خريجي الجامعات السعودية. هذا التقرير لا ينبغي إغفاله؛ فهو يبوح عبر مضامينه الملتهبة بمؤشرات الخطورة التي تحدق بالمجتمع؛ فهؤلاء العاطلون خنقهم الفراغ، وضغط عليهم الفقر، ودفعتهم الحاجة إلى الانحراف وارتكاب الجرائم أو الاستدانة ثم العجز عن السداد؛ ما ألقى بهم في السجون حيث المصير المجهول والمستقبل المظلم.

استراتيجية «التوظيف مقابل القضاء على البطالة» يجب أن يتم العمل بها اليوم قبل الغد، وأن تُحوَّل إلى قضية وطنية كبرى توضع في صدارة الأولويات، وأن تهبَّ كل مؤسسات الدولة للمشاركة في حلها؛ فالسكوت والتطنيش ودفن الرؤوس في الرمال ليست حلولاً بل إنها التي خلقت الأزمة الخطيرة التي نعيشها حالياً وسط الخوف من أن تستفحل مستقبلاً فلا تفيد أية حلول؛ فنحن الآن على مواعيد قريبة لعودة آلاف المبتعثين والمبتعثات وعلى مقاعد الدراسة الجامعية ينتظم مئات الآلاف من الطلاب والطالبات، وكل واحد منهم تتجاذبه آمال التخرج الباسمة واليأس من المستقبل الغامض، فماذا أعددنا لهم؟

استراتيجية التوظيف مقابل القضاء على البطالة يجب أن تأخذ في حساباتها عدداً من القضايا المرتبطة بتوظيف المواطن، ومن أبرزها إعادة النظر في وجود العمالة الوافدة في بلادنا وبهذه الأعداد الكبيرة واستحواذها على معظم الوظائف، خاصة الوظائف الإشرافية والإدارية في القطاع الخاص وإدارة تلك العمالة للمشاريع من الباطن. والقضية الأخرى هي الوظائف الشاغرة التي لم يتم إشغالها، وظلت حبيسة الأدراج لسنوات، وكشف سرها وسربه تقرير مجلس الشورى. تصوروا لو أن مائة وثمانين ألف وظيفة تم إشغالها فكم من العاطلين سيُوظَّف؟ وقد يكون هناك أكثر من هذا العدد! لكن الكشف عنها يحتاج إلى البحث والمراجعة المستمرة.

القضية الثالثة ذات الصلة الوثيقة بالتوظيف مضمنة في السؤال عن وجود خطط سنوية لإحداث وظائف تقابل الطلب المتزايد، والسؤال عن وجود آليات للتوظيف وَفْق معايير دقيقة تأخذ في الاعتبار الكفاءة والجدارة والأقدمية!

القضية الرابعة والمهمة: لماذا لا يُعوَّض أي عاطل بمبلغ مالي يساعده على مواجهة ظروف الحياة حتى يتم توظيفه؟

يجب أن نحارب البطالة بتوظيف الشباب مثلما نحارب الإرهاب؛ فكلاهما عدو لدود للوطن.

Shlash2010@hotmail.com
 

مسارات
قضية التوظيف!
د. عبد الرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة