Saturday  19/02/2011/2011 Issue 14023

السبت 16 ربيع الأول 1432  العدد  14023

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

أثبتت شركة «أرامكو السعودية» قدرة فائقة على تنفيذ ما يُسند إليها من مهام استثنائية، إلى جانب مهامها الأساسية في قطاع النفط. الاعتماد على الشركة في إدارة بعض مشروعات التنمية العاجلة يؤكد على كفاءتها، وقدرتها على التعامل مع المشروعات بأمانة وإخلاص لتحقيق الأهداف المرسومة؛ يبدو أن شركة النفط العالمية باتت حاضرة بقوة خارج محيط تخصصها، وربما مارست دور «المُنقذ» لبعض المشروعات المُستعصية!. الثقة بأداء «أرامكو السعودية» والقناعة التامة بقدرتها على مواجهة التحديات، وإنجاز المشروعات الحيوية بكفاءة عالمية، وانضباطية جعلها مسؤولة عن تحمل (المهام الصعبة) في قطاعات غير نفطية كالتعليم، الصناعة، الرياضة، وأخيرًا، مشروع تصريف الأمطار والسيول المزمع تنفيذه في مدينة جدة. (مِحنَة) جدة أعطت الوطن (مِنحَة) الاعتماد على الشركات العالمية في الإشراف والتنفيذ، وهو ما كنَّا نطالب به منذ أكثر من خمس سنوات؛ وأسهمت أيضًا في إسناد إدارة مشروع تصريف السيول لشركة «أرامكو السعودية» اعترافًَا بكفاءتها، وربما إقرار بتقصير الآخرين! الخمس سنوات الماضية كانت حُبلى بالتجارب التنموية القاسية التي استهلكت أكثر من 2.5 تريليون ريال دون أن تحقق الكفاءة على مستوى نوعية المشروعات وجودتها.

«المشروعات الضائعة» التي تحدث عنها خادم الحرمين الشريفين لم تكن لتضيع لو توفر للوزارات الخدمية الفكر الإداري الاحترافي، وثقافة العمل السائدة في «أرامكو السعودية»؛ إدارة المشروعات فن لم تستطيع أيًا من وزاراتنا الخدمية التعامل معه بكفاءة «أرامكو» أو «الهيئة الملكية للجبيل وينبع».

كنت أشرت إلى أهمية نقل ثقافة العمل السائدة في «أرامكو السعودية»، إلى الوزارات والإدارات الحكومية للوصول إلى الكفاءة في تنفيذ المشروعات، وضرورة الاستفادة من خبراتها العالمية في مجال الإنشاءات وإدارة المشروعات؛ واقترحت في الوقت نفسه تأسيس شركة إنشاءات متخصصة، تتولى إدارة وتنفيذ مشروعات الدولة، وكتبت في 6-10-2009 تحت عنوان « أرامكو للتنمية والتطوير» ما نصه: «الحل يكمن في نقل ثقافة أرامكو إلى وزارات الدولة من خلال شركات تطوير عالمية، خاصة فيما يتعلق بطرح المشروعات بمراحلها الرئيسية، وفي مقدمها: التصميم، تقييم التكلفة العادلة، اختيار المنفذ، وجهة الإشراف وفق تصنيف عالمي، الالتزام بالوقت وعدم السماح بتحويل المشروعات إلى مقاولين آخرين...

أقترح أن تؤسس الحكومة شركة مستقلة باسم (أرامكو للتنمية والتطوير) فتكون ذراعها التنموية في الوطن، وتضع عليها من تختار من العقول المنفتحة من خريجي (جامعة أرامكو)، والخبرات العالمية، ويكون لها مجلس إدارة يضم أفضل القيادات الوطنية الناجحة عمليًا، ويرتبط المجلس مباشرة بمقام رئيس مجلس الوزراء الذي كان له الفضل -بعد الله- في اكتشاف قدرات أرامكو السعودية الفائقة في مجال تنفيذ المشروعات المدنية الإستراتيجية، وتعريف المواطنين، وعلى رأسهم (النخب)، بتلك القدرات الكامنة».

«أرامكو السعودية» قادرة على إنجاز المشروعات الضخمة بكفاءة، إلى جانب مشروعاتها الخاصة، وأجزم بأن لديها الرغبة التامة في تقديم المساعدة والدعم، وهو عمل وطني ولا شك، إلا أن الاستمرار في تحميلها مسؤولية إدارة مشروعات الوزارات المقصرة، لن يُساعِدَ في معالجة المشكلة، بل ربما أدى إلى تقاعس الوزارات في تحمل مسؤولية إنجاز مشروعاتها التنموية، وإصلاح حالها، إضافة إلى أن تخصص أرامكو في قطاع النفط يفترض إلا يسمح لها بالاندماج الكلي في مشروعات التنمية مخافة تأثر عملها الرئيس.

نحن في حاجة إلى تطوير العمل الحكومي، والاعتماد على التخطيط الإستراتيجي كمنهج ثابت، ونقل ثقافة أرامكو السعودية، والهيئة الملكية للجبيل وينبع إلى وزارات الدولة، والتعامل مع مشروعات التنمية وفق معايير الإدارة العالمية المطبقة في تلك المُنشأتين، وتفعيل الدور الرقابي، ومحاسبة المقصرين، وقياس الأداء، كي نضمن استنساخ «أرامكو السعودية» في جميع الوزارات، بدلاً من استنزاف طاقاتها وتحميلها مسؤولية معالجة أخطاء الآخرين.

أعتقد أن خيار سحب تنفيذ المشروعات التنموية من الوزارات، وعهدها إلى جهة مستقلة قادرة على إنجازها باحترافية عالمية، كما هو معمول به في الهيئة الملكية للجبيل وينبع، هو الأنسب إذا ما أردنا تحقيق جودة المشروعات، وتحقيق التكامل بينها، وخفض التكاليف.

ما زلت أعتقد بأهمية تأسيس هيئة مستقلة، تُشابه في عملها وزارة الأشغال، لتكون مسؤولة عن إدارة وتنفيذ المشروعات الحكومية، شريطة أن تُدار باستقلالية من قبل كوادر محترفة من خريجي (جامعات) «أرامكو»، «الهيئة الملكية للجبيل وينبع»، وربما «سابك»؛ والخبرات العالمية، وأن تُعطى الصلاحيات الكاملة لاقتراح، وترسية المشروعات المتكاملة وفق المعايير العالمية بعيدًا عن البيروقراطية، وتعدد مرجعية التنفيذ، وأسلوب طرح المناقصات الحكومية، وترسيتها التي يُعتقد أنها من أسباب فشل كثير من مشروعات التنمية.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
أرامكو السعودية والمشروعات المستعصية
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة