Wednesday  23/02/2011/2011 Issue 14027

الاربعاء 20 ربيع الأول 1432  العدد  14027

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

بدعوة كريمة من رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك شاركت مع نخبة من محرري وكتّاب (الجزيرة) في حوار مع معالي الدكتور عبدالله العثمان - مدير جامعة الملك سعود - والذي كان يرافقه عدد من وكلاء الجامعة في زيارة للجريدة. لم تكن هذه المرة الأولى التي أستمع للدكتور عبدالله وهو يطرح رؤياه حول التعليم الجامعي في المملكة بصفة عامة وجامعة الملك سعود بصفة خاصة، فقد استمعت له مرة قبلها وهو يطرح تصوراً لمستقبل التعليم بصورة شاملة، وفي كلتا المرتين أعجبني الإلمام العميق والتفصيلي بتاريخ وواقع التعليم الجامعى داخل المملكة وخارجها، ولكون ذلك الإلمام مؤسسا لازما لتكوين رؤية تطلعية لما يجب أن تكون عليه الجامعة في المستقبل، ليس هذا فحسب بل إن رؤياه التطلعية مفصلة في ذهنه بصورة واضحة ويبدو أنه يمتعه أن يسهب ويسترسل في وصفها، مما يشعر المستمع بتمكنه وإصراره والتزامه بتلك الرؤية التي هي مضمون واسع لست كلمات (ريادة عالمية وتميز في بناء مجتمع المعرفة). كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة تخصص جهدا ومالا لوضع رؤية تطلعية تعبر عن طموح المسئولين فيها لتحقيق إنجازات في المستقبل، ولكن قليل من القياديين في تلك المؤسسات ملم بما يقتضيه تكوين تلك الرؤية من فهم للواقع والتاريخ او إدراك لحقيقة الفرص والتحديات التي تحيط ببيئة مؤسسته ناهيك عن الإلمام بمواطن الضعف والقوة في هيكلية تلك المؤسسة، فكثير من القياديين لا يكترث بتكوين الرؤية التطلعية أو الالتزام بتحقيقها، فهي في نظر هؤلاء لا تعدو نصاً منمقاً صاغته جهة استشارية وظفت لذلك الشأن، وبعد أن انتهت المهمة كل عاد لمعتاد همه وعمله، وباتت الرؤية نصاً أجوف من أي مضمون عملي تحتل عنواناً في موقع المؤسسة الإلكتروني أو أحد مطبوعاتها، وهذا واقع كثير من الرؤى التي أهملت حتى إن كثر منها قد نسي نصه ناهيك عن معناه. الرؤية التطلعية هي الصورة التي يحملها القائد في ذهنه لما يريد أن تكون عليه مؤسسته في المستقبل والتي يتخيلها بوضوح تام حتى يكاد يعيش فيها من المتعة التي يستشعرها وهو يصفها، وكل ما كانت الرؤية، كذلك كان الإصرار والبذل في الجهد والفكر أبلغ لتحقيقها، وكلما كان القائد على دراية بذلك كان تأثيره كبيرا في تحقق الرؤية، فالقائد الناجح هو من يطرح رؤياه أمام العاملين معه ويشركهم في حلمه، ويجتهد في اكتساب إعجابهم وثقتهم بتلك الرؤية من خلال تفعيل قيمة معنوية سامية مشتركة ومدمجة بالرؤية، ثم يضع الوسائل والإستراتيجية التي بها يحقق تلك الرؤية، والرؤية الجيدة تكتسب القبول ويصبح لها جماهير تدعم تحقيقها، وتتطور من رؤية فردية لرؤية جماعية، ومن رؤية جماعة لرؤية مجتمع، في حين أن القائد الخلي من رؤية تطلعية للمستقبل أشبه بهائم الصحراء الذي يسير بلا وجهة تقوده لغاية واضحة فهو يمشي بلا هدف. لذا لن يتمكن من تحقيق تطوير يذكر لمؤسسته، وسيكون غير قادر على توظيف قدرات العاملين معه لجهد مشترك، فكل يدور حول نفسه والجهد ضائع في ذلك الدوران، لذا نجد تلك المؤسسات الموبوءة بهؤلاء القادة إن كانت حكومية فهي تستهلك من الجهد والمال ولا تنجز شيئاً، وإن كانت خاصة فسبيلها للفناء. في مقال سابق قلت: إن الرؤية هي نجم الشمال، وقلت: إن الرؤية لا تكون مؤثرة إلا عندما يعبر عنها بصورة تحرك المشاعر وتشعر المستمع بالطاقة الهائلة لدى صاحبها لتحقيقها، هذا ما شعرت به عندما كنت أستمع لحديث الدكتور عبدالله العثمان، لذا أسجل نفسي اليوم مع الجمهور الذي اكتسبهم لدعم رؤيته، وأتمنى أن يكون على رأس كل جهاز حكومي مسؤول يتطلع ويعشق الصورة التي يطمح أن تكون عليها مؤسسته ويتحدث عنها بإسهاب ويحشد الجهود لتحقيقها. عندما يحدث ذلك، لن نشتكي أبدا من التقاعس والاتكالية والأثرة والفساد. فتلك الأوبئة لا تنتشر في المؤسسات التي تعمل برؤية ثاقبة.

mindsbeat@mail.com
 

نبض الخاطر
الرؤية الثاقبة تحرك المشاعر
محمد المهنا أبا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة