Friday  25/02/2011/2011 Issue 14029

الجمعة 22 ربيع الأول 1432  العدد  14029

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

وصف السيد عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية انتفاضة الشعب المصري ومظاهراته المليونية ضد نظام حسني مبارك ب(الثورة البيضاء)، لأنها اتسمت بالسلم والتحضر العاليين في كل مراحل تحولاتها رغم الاستفزازات الأمنية وأعمال البلطجية التي تعرض لها المتظاهرين،

كما أطلق عليها المفكر والأستاذ الجامعي سعد الدين إبراهيم رئيس مركز بن خلدون للدراسات الإنمائية ب(ثورة اللوتس) على غرار (ثورة الياسمين) في تونس، لأن وردة اللوتس بلونها (الزهري) ُتعبر عن واقع حيوي ومستقبل مشرق، وأياً يكن الوصف الذي نالته هذه الثورة الشعبية، إلا أن العبرة ليست في أوصاف إيجابية أو مظاهر احتفالية بعد تنحي الرئيس مبارك، إنما في (العلامة الفارقة) التي سجلتها المظاهرات المصرية خلال مجمل الأحداث التي جرت على أرض الكنانة.

هذه العلامة بلا شك مميزة في واقع العرب وتاريخهم الحديث، وربما تكون حالة فريدة على مستوى العالم، الذي يختزن في ذاكرته ثورات شعبية وأحداث مشابهة منذ الثورة الفرنسية عام 1789م وحتى الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام 2004م، وقطعاً هي ليست في تحول الأحداث بشكل متسارع من احتجاجات عامة إلى مظاهرات عارمة انتهت بتنحي مبارك بعد 30 عاماً في الحكم الرئاسي، وليست في مواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني من خلال استخدام وسائل التقنية الحديثة، وهي ليست في كون الشباب هم المكون الأول للجماهير الهادرة والمحرك الرئيس للأحداث الجارية في مختلف المدن المصرية، كما أنها ليست في موقف المؤسسة العسكرية المشرف، وتحديداً (الجيش) الذي كان الحامي لمؤسسات الدولة والضامن - بعد الله - للاستقرار الوطني من انفلات الأوضاع الأمنية تحت وطأة الغليان الشعبي والتدفق البشري للميادين والشوارع.

العلامة الفارقة في مسيرة كل الأحداث المصرية كانت في تحطم (جبل الخوف) لدى الإنسان المصري العادي بطريقة ناعمة وممارسة سلمية على مدار 18 يوماً، رغم سقوط أكثر من 300 قتيل، وإصابة أكثر من 5000 إنسان، خاصىً أن المواطن العربي دائماً ما يُتهم بالخوف، الذي أودى به إلى السلبية المفرطة وعدم المطالبة بحقوقه الوطنية وفق الطرق المشروعة. وجبل الخوف لم يتشكل من فراغ، ولكن بسبب مساحة التباعد بين الجماهير الوطنية وقيادتها السياسية، التي لم تشعر بمآسي المواطن العادي، ولم تتحقق بشكل فعلي من حصوله على كل حقوقه، في ظل وجود بعض الأجهزة الفاسدة، ووسائل إعلام كانت تنقل الصورة الخطأ والبيان المكذوب، لهذا كان الخيار الوحيد لهذا المواطن أن يخرج ويحطم جبل الخوف كي يختصر تلك المساحة ليصل إلى المسئول الأول، غير أن الإشكال الحقيقي أن هذا المسئول لم ينتبه إلى أن الوقت قد فات، وأن عبارة (فهمتكم)، أو (أني أتفهم)، صارت مجرد تاريخ. من هنا تجد نعمة الأمن والاستقرار في البلاد، التي تلتحم فيها القيادة بالشعب فلا توجد مساحات تصنع جبال الخوف، ويحارب فيها الفساد بكل صوره. حفظ الله بلادي العزيزة ومصر المحروسة وكل بلاد المسلمين من أحداث الفتن ما ظهر منها وما بطن.

 

علامة مصر الفارقة في تاريخ العرب!
محمد بن عيسى الكنعان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة