Monday  28/02/2011/2011 Issue 14032

الأثنين 25 ربيع الأول 1432  العدد  14032

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

رحل وكانت ابتسامته لي ظلاً ظليلاً.. وماء بارداً سلسبيلاً

رجوع

 

في رثاء محمد عبد الله العزاز..

في كل لقاء بيننا كان مبتسماً دائماً مهما كانت الظروف... كنت قبل أن أدخل عليه أناديه مازحا «قدوو»... تدليل جدو.. فيرد وهو مبتسم: «محدن يردو»..

ذات صباح جاءني خبر وفاته فتألم قلبي قبل عيني، لم أغلق الخط لعل الخبر مزاحا أو كذبا لكن ليس في الموت مزح..

نهضت من فراشي وغيرت وجهتي من عملي إلى مغسلة الأموات للوداع الأخير، دخلت وجدته ممداً على لوح الخشب وغطى جسده النحيل بقماش أبيض..عرفت أن الدنيا ليس فيها رجاء إلا من الله سبحانه وتعالى، إذا كانت هذه نهايتها.. دخلت عليه وقبلت رأسه وكأنني أراه نائماً بوجهه الأبيض رحمة الله عليه.

نعم رحلت.. فقدنا قلبك الأبيض «الوحيد»

رحلت والكل يدعي لك بالرحمة.. والغفران..

رحلت وبكت بعدك الجدران الجديدة..

رحلت وبكت الحقول والنخلة التي لم تمت بعدك..

عزائي للقادمين من الغياب.. من الغربة والعذاب..

بعد كل عناء السفر لم يسمعوا حمدا لله على سلامتك.. بل أحسن الله عزاءك..

لم يلحق بأبيه.. لم يحادثه.. لم يسمعه وهو يتكلم.. بكائي عليه أكثر..

ماذا بقي بعدك..

رحل بدون أن نسمع سبب للرحيل..

رحل بدون أن نسمع منه في حياته كلمة مستحيل..

رحل وكانت ابتسامته لي ظل ظليل.. وماء بارد سلسبيل..

لم يكتب الشعر في حياته.. لكنه عشق القصص وكانت رواية أحد عشر وأحد عشر أكثر رواية يحبها ويرددها لنا حول النار.. وكانت وفاته رحمه الله في يوم أحد عشر من سنة 2011..

لم يبحث عن المعرفة.. جاءته بنفسها.. عشق كل جميل وقديم..

لم يبحث عن الكمال..»ولله الكمال».. ارتفع قدره واكتمل..

أطلق أجراس الماضي فدقت الطبول والأفراح..

لم يزر كل المدن لكنه شعر بالحرية..

لم يقف على أبواب بابل ولم يحلم بمال كسرى وقيصر..

لكنه يملك قلباً يتسع لسكان العالم..

في كل رصيف يمكله قصيدة.. ولحن حزين..

في وداعه غنينا قصائده بلحن مدمي..

ليت للفراق جسد.. لكنت مزقته..

وليت للحياة رجل لكنت ناديته..

ما زلنا نحبك حتى بعد الرحيل.. وكل يوم يتجدد حبك في عروقنا..

ما زلنا نبحث عن قلب كقلبك.. وما زال البحث مستمراً..

ما زالت الدروب دروباً.. وما زال هناك متسع..

ما زلنا نمشي ونهذي.. ونهدي الورد والذكريات..

ما زلنا نبحث عن رائحة القهوة.. وصوت القدس العتيق..

لم يبحث يوماً عن كرم العنب.. لكنه ملك حديقة الزيتون..

ما زلنا نسافر في دنيانا من بلد لآخر.. ومن قلب لآخر..

أتعرف الفرق بين قلبك وقلوب الآخرين..؟

الآخرون يملكون مدخلاً ومخرجاً.. أما قلبك فلا.. مدخلٌ واحد ولا مخرج له..

قلبك يخالف الريح ويعيد التاريخ..

قلبك كصهيل خيل على سفح جبل.. لا يستطيع البرابرة الوصول إليه..

قلبك كامبراطورية الكل يحلم بها..

قلبك كقطرة مطر في ليلة دافئة..

قلبك كرحلة طير انتهت كلماتها.. وخبأتها السماء في كفن الأرض..!!

لأول مرة أحس ببرودة البحر في جبينك..

وأشم رائحة المسك في جسدك الطاهر..

لأول مرة أحس بالألم بعد أخي صالح رحمه الله..

الألم.. ذلك الشيء الذي نرحب به رغماً عنا في دارنا..

لن نتغير حتى نلقاك..

تكفينا ذكراك الطيبة..

والدعوات الصادقة..

إلى جنة الخلد وارقد بسلام..

ولنا لقاء هناك..

بندر عبد الله العزاز

azzaz-b@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة