Tuesday  01/03/2011/2011 Issue 14033

الثلاثاء 26 ربيع الأول 1432  العدد  14033

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

لعدة قرون كان هناك أناسٌ كثيرون حول العالم يعتقدون وجود شيء اسمه «أضواء الزلازل»، وهي أضواء كانوا يعتقدون أنها ترافق حصول الزلازل، لكن كالكثير من المعتقدات الشعبية الشائعة فإن هذا الزعم لم يكن له دليل عدا كلام الناس، وعلماء الزلازل (كباقي العلماء) لا يعتدون بذلك كمصدر سليم للمعلومة، لذلك أهملوا هذه الأقاويل ولم يلقوا لها بالاً، إلى أن أتى عام 1965م. في وسط اليابان في هذه السنة، وتحديداً في منطقة اسمها ماتسوشيرو، ضُرِبت المنطقة بزلازل متكررة، ولأول مرة استطاع العلماء التأكد من قصة شفق الزلازل: اتضح أنها حقيقة. أثناء هيجان الزلازل في اليابان تلك السنة ظهر الشفق جلياً في السماء، وانتقلت الأعين من التحديق بذهول إلى التصوير والتوثيق. أما صفة الشفق فهو ضوء أو أضواء تصبغ جزءًا من السماء أثناء الزلزال، ألوانها مثل ألوان الشفق القطبي، أي الشفق الملون الذي يُرى في سماء القطبين الجنوبي والشمالي، وله منظر بديع، ولون شفق الزلازل يمكن أن يكون أبيضاً أو أزرقاً لكن غالباً يحوي ألوان الطيف كاملة ولا يقتصر على لون واحد، ويمكن أن يُرى على بعد 100 كيلومتر وأكثر، مثل ما حصل عام 1976 في الصين في منطقة اسمها تنجشان، ففي إحدى الليالي في شهر يوليو أضاءت السماء وانتبه النائمون لألوان تسللت إلى غرفهم في الليل. بعدها بيومين اشتعل زلزال قوته قرابة 8 درجات بمقياس ريختر، قام بتدمير المدينة وحصد قرابة ربع مليون شخص. الشاهد هنا هو أن هذا الضوء رآه المسافرون وقاطنو المدن الأخرى لمسافة بلغت 400 كيلومتر. هذه القصة وغيرها تشير إلى أن شفق الزلزال لا يرافق حصول الزلازل فقط بل يسبقها أحياناً كنذير دمار. بعد عام 1965 وبعد أن صدق العالم ظاهرة شفق الزلزال، قام العلماء والصحفيون بتأكيد هذه الظاهرة كثيراً، ومن أقرب الأمثلة هو عندما رآى الراؤون هذا الشفق المخيف في زلزال بيرو عام 2007 وزلزال سيشوان في الصين عام 2008 وزلزال لازيلا في إيطاليا عام 2009 وأخيراً زلزال تشيلي عام 2010 والذي قُتل فيه قرابة 500 شخص، كلها رؤيت فيها تلك الأضواء المشؤومة.أما ماهيتها فلا يوجد تفسير قاطع لها حتى الآن، رغم ظهور عدة فرضيات ولكن لا أحد منها مُجمع عليه. إحدى الفرضيات تتكلم عما يسمى الكهرباء الانضغاطية، وهي عملية تُنتِج شحنات كهربائية عند - مثلاً - اصطدام مواد تحوي معادن معينة، منها معدن المرو المنتشر في الأرض، وتقول الفرضية إن الصفائح الصخرية أسفل الأرض عندما تتحرك لتنتج الزلازل فإن آلية الكهرباء الانضغاطية تجعل معادن المرو تنتج حقولاً كهربائية بالغة القوة في السماء. طبعاً من المخيف معرفة أن الضوء الذي تراه الآن في السماء هو نذير لزلزال مدمر على وشك أن ينزل على مدينتك، لكن هل تعرف ما هو الأخوف؟ أن تعرف أنه لن يصيبك زلزال واحد فقط بل عشرات الزلازل! هناك ظاهرة اسمها سرب الزلازل، وتعني أنه بدلاً من زلزال واحد وما يتبعه من هزات ارتدادية فإنه تضرب عدة زلازل في وقتٍ واحد، تصل العشرات أو المئات أحياناً، فمثلاً في بداية عام 2008 أُصيبت منطقة في المكسيك بهذه الظاهرة، حيث قام سرب مكون من أكثر من 500 زلزال مع هزاتها الارتدادية بخض تلك المنطقة بلا توقف إلى أن انقشع السرب. ما هو مقلق هو عندما ينظر الشخص إلى سرب زلازل مكون من 500 زلزال مثل هذا السابق ذكره (أو 1000 زلزال مثل ما حصل في ولاية نيفادا في أمريكا في 2008). أقول، ما هو مقلق هو أن ينظر الشخص لمثل هذه الظواهر المدمرة ثم يستقلّها، هاتفاً بسخرية: «ألف زلزال فقط؟ لم تروا شيئاً!». هذه العبارة يستطيع اليابانيون ترديدها، لأن الزلزال الذي ذكرتُه في البداية والذي ضرب منطقة ماتسوشيرو لم يكن زلزالاً واحداً فقط، بل سرباً من الزلازل ابتدأ عام 1965 وانتهى بعدها بسنتين. العدد الإجمالي لزلازل هذا السرب؟ أكثر من سبعمائة ألف!الزلازل مما يبتلي به الله عباده، وقد تكون تطهيراً وشهادة للمؤمنين، أو عذاباً على أعداء الله، كما قال تعالى عن قوم شعيب: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}، والرجفة قال بعض المفسرين أنها الزلازل. نعوذ بالله من غضبه.

 

الحديقة
أنوار الدمار
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة