Friday  04/03/2011/2011 Issue 14036

الجمعة 29 ربيع الأول 1432  العدد  14036

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

من هدايات القرآن الاجتماع على الحق والوحدة فيه
د. محمد بن فهد بن عبدالعزيز الفريح *

رجوع

 

إن من أوصاف القرآن أنه يدل ويرشد ويحث ويأمر بالتي هي أقوم قال الله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} ومما أمر الله به وأوجبه الاجتماع على الحق والاعتصام به, والبعد على أسباب الخلاف تحقيقاً للوحدة فقال سبحانه: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}, وقد جاء في مواضع كثيرة من القرآن الأمر بالوحدة على التوحيد والحق, وعدم التنازع والتفرق, وهذا مقصد ظاهر المعالم, بيّن الأوصاف, لا يحتاج إلى تقرير, ولا إلى بيان وتحرير, بل عند التنازع أمر بالرجوع إلى القرآن والسنة {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} قطع للفرقة, وجمعاً للكلمة, وقد منَّ الله على المؤمنين الأولين بنعمة الاجتماع بعد التفرق, والتأليف بين قلوبهم فقال {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً}، وقال: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}, وأمر الذين بعدهم باقتفاء أثرهم, والسير على نهجهم, حتى يكون الاجتماع , وأخبر أن أمة الإسلام -التي أخلصت العبادة لله وحده- أمة واحدة فقال: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}, وقال: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}، بل حذر من التشتت, والتفرق في الدين, وأن هذا من الصفات المذمومة فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}.

وقد برزت مظاهر وحدة المسلمين في أمور كثيرة جداً أذكر فقط صورتين قد تغيب عن بعض الناس, الصورة الأولى: إيجاب صلاة الجماعة حتى في أصعب المواقف, وهو الجهاد في سبيل الله إظهاراً لاجتماع المسلمين, وإخافة لأعدائهم. ففي أداء هذه الصلاة جماعة مقاصد شرعية كثيرة, وفيها تحقيقاً أن المصلون جماعة كالجسد الواحد المترابط.

والصورة الثانية في موطن يقرب القلوب, ويؤلف بينها, وتنزل البركة وهو ما رواه أبو داود أنه قيل لرسول الله: يا رسول الله إننا نأكل ولا نشبع قال: «فلعلكم تفترقون؟ « قالوا: نعم قال: «فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه», فحث على الاجتماع عند الأكل, فكيف بغيره من الأمور الواجب الاجتماع عليها, وأولها الاجتماع على إفراد الله بالعبادة, والحذر مما يناقضها, هذه الوحدة التي من أجلها أنزل الله كل كتبه, وأرسل جميع رسله, وهو أول المقاصد ولذا كان أول ما فرق الناس هو الشرك فلما تفرقوا بعد اجتماعهم على التوحيد أرسل الله الرسل فقال سبحانه {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}، وقال: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}, ولذا كان الرجوع إلى القرآن تدبرا وتفهما وعملا وحفظا وتنشئة الشباب على ذلك وحثهم عليه سببا -بإذن الله- في جمع كلمة المسلمين وتوحد تصفهم بما يعود على أمتهم بالخير الديني والدنيوي, والله من وراء القصد.

* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة