Saturday  05/03/2011/2011 Issue 14037

السبت 30 ربيع الأول 1432  العدد  14037

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لم يتوقف الجدل عند المسلمين عن موضع العقل، وهل هو في القلب أم في الدماغ؟، تساؤل ما زال يُثار من حين إلى آخر في بلد صدرت فيه فتاوى تقضي بجواز نقل أعضاء الجسد في حالة الوفاة الدماغي، والذي يعتمد علمياً على معايير سريريه ثابتة وأدلة كهربائية قطعية، وإذا ثبت خلو الدماغ من أي إشارات حيوية في حالة عدم وجود مؤثرات ومتغيرات كيميائية، يعتبر الإنسان شرعياً متوفى دماغيا..

ما تداوله الإعلام عن نتائج المؤتمر العالمي الثالث في الأحساء في أكتوبر 2010 لا زال يثير العديد الأسئلة من جديد عند الأطباء وعلماء الشرع والعامة؛ فقد نص خبر إعلامي عن رئيس المؤتمر أن العلماء والأطباء الحاضرين أبدوا تحفظهم على فتاوى نزع الأجهزة الطبية عن المتوفين دماغيًا في حالة عمل القلب، وحذروا من أن الإقدام على مثل هذا الفعل بمثابة قتل للنفس البشرية، لكنني لا زلت أجد صعوبة في الحصول على نص التوصيات العلمية للمؤتمر، وهل بالفعل طالب العلماء المشاركون برفض قانونية الموت الدماغي..؟

كنت أحسب أن الموضوع في وضع المحسوم أمره على المستوى المحلي، بعد أن تابعت حلقة حوار مباشر على الهواء على القناة السعوديه منذ حوالي 15سنة تقريباً، كان ضيوفها الدكتور خالد الجبير استشاري جراحة القلب، وفضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وقد وجه الدكتور الجبير سؤالاً مباشرا لفضيلة الشيخ عن تفسيره لنتائج زراعة قلب متوفى هندوسي لمريض سعودي، خرج منها السعودي كما كان، مسلماً ومحافظاً على أداء الفروض..

للقلب مكانة عظيمة في الإسلام ففي القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتحدث عن القلب، وأنه مكان الإيمان والنفاق والشك واليقين والخوف والحب، ومن هذه الآيات قوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) الحجرات 14، و قوله تعالى (قلوب يعقلون بها)، و قوله عز وجل (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب)، وقال الفراء «أي عقل، وسمي القلب قلباً لتقلب أحواله.. لكن: هل كان المقصود بالقلب في القرآن الكريم مضخة الدم التي لا يتغير الإنسان إذا تم استبدالها بأخرى، أم أنه كناية عن التقلب في الإيمان والحب والشك، وأن موضعه هو الدماغ الذي إذا أصابه داء الخرف فقد الإنسان عقله..!».

كان موضع الجدل حديث الرسول عليه الصلاة والسلام (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب، «صحيح البخاري»، والقلب في مفهومه المعرفي الحالي ليس مضغة، ولكن خلايا تحتفظ بتشكيلتها كرباط لخلايا عضلية منفصلة، وتترتب خلايا العضلة القلبية على شكل شبكة كبيرة، ترتبط خلاياها معاً بنهايات تظهر في المجهر على شكل تخطيطات تشبه السُّلم، أما ألياف العضلة القلبية فمرتبة على شكل لولبي، والأقرب أن أنسجة الدماغ في طبيعتها أقرب إلى المضغة من عضلة القلب القوية الترابط والأنسجة.

ما صرح به الدكتور عبدالله العبدالقادر رئيس المؤتمر إما أن يعد اكتشافاً مذهلاً لم يجد صداه إلا في المملكة، أم أنه كان بحثاً علمياً اكتسب أهميته عندما دغدغ مشاعر الرأي القديم الذي يرى أن عضلة القلب محل العقل والإيمان، لكن الأمر الأكثر أهمية كان تأكيد الدكتور العبدالقادر أن العلماء المشاركين في المؤتمر أجمعوا على ضرورة مراجعة فتاوى المجامع الفقهية في تعريف الموت الدماغي، مشيراً إلى أن علماء المؤتمر أجمعوا على أن هذا القرار خاطئ من الناحيتين العلمية والطبية، وهو ما قد أعاد الغموض عند العامة إلى الواجهة، وأثر سلباً على برامج نقل الأعضاء، وعلى حكم الموت الدماغي الشرعي والعلمي المتفق عليه علمياً وعالمياً!.

حقيقة الأمر أن المؤتمر الذي عقد في الأحساء وحضره اختصاصيو القلب من جنسيات مختلفة من جميع أنحاء العالم، أكد في بعض الأبحاث والدراسات الوافية التى عُرضت أثناءه «أن هناك خلايا عصبية في القلب مشابهة لتلك الموجودة في الدماغ، وأن وجود تلك الخلايا العصبية في القلب أدى إلى استحداث مجال جديد يدعى علم القلب العصبي، أو ما يُصطلح عليه باللغة العربية ب»المخ القلبي»،.. ولكن: هل ما تم عرضه في المؤتمر يعد دليلاً دامغاً على أن العقل موقعه القلب، وأن الإنسان المتوفى دماغياً واع ويعقل، أم أن ما تم طرحه في المؤتمر كان أبحاثا علمية لم تكن محصورة فقط على عضلة القلب، وتم تفسيرها في غير موضعها!

يتبع..

 

بين الكلمات
أين مكان العقل.. هل هو القلب أم الدماغ؟ (1)
عبد العزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة