Tuesday  08/03/2011/2011 Issue 14040

الثلاثاء 03 ربيع الثاني 1432  العدد  14040

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

إذا أردت أن تعرف مستوى مجتمع ما من التقدم أو التخلف الحضاري فلا تسأل عن مواصفات الحياة الاستهلاكية، أي ماذا يستوردون ويستهلكون من منتجات الغير، فذلك سيدلك فقط على مقدار ما يمتلكه المجتمع من السيولة التي تسمح بالشراء للاستهلاك أو التكديس.

المؤشر الحقيقي على الوعي ستجده في تعامل المجتمع مع المرأة ! سواء وجدت المرأة في قصر ذي حدائق غناء أو بيت شعبي أو كوخ. أن تسأل عن أوضاع المرأة وتجدها تعامل كتحفة جميلة محفوظة في خزانة مقفلة، أو كباقة زهر تزين الموقع وتغير كلما ذبلت لتستبدَل بباقة غيرها، أو كمستعبدَة تعمل أربعا وعشرين ساعة في خدمة سيدها أو غيره مقابل أن يطعمها ويرضى عنها, أو كرهينة للجدران من المهد إلى اللحد.. كل ذلك يعني أنه ليس مجتمعاً راقياً !! ولو ادعى أن التفاصيل المتعارف عليها في التعامل مع المرأة مبررة، وأن القصد منها حماية المرأة أو الأسرة أو المجتمع من شيء ما. سواء كان ذلك الشيء عواقب ضعف عقلي مفترض في الأنثى, أو قلة التزام مفترضة في رجال المجتمع تجعل من الأنثى فريسة لا تستطيع الدفاع عن نفسها فهي محتم أن تسقط لُقمةً برضاها، أو تسقط بغير رضاها فريسة لغرائز ذكور الفصيلة.

سألني شاب مواطن كان يحاول أن يتفهم عالم المرأة وتفضيلاتها - ربما لأنه حديث عهد بالزواج - وتصنيف خصوصيات المرأة يعني تبرير اتخاذ قرارات حيوية في مرحلة مصيرية من العلاقة الثنائية الجديدة في إطار عام من معتادات ومتقبلات المجتمع ونصائح الأسرة.

قال: سؤال لمع في ذهني.. لو أردنا أن نرتب اهتمامات المرأة السعودية في الوقت الحالي من 1 إلى 10.. أين تعتقدين سيكون ترتيب رخصة السواقة لكل واحدة منكن ؟

قلت: لبعضنا، خاصة الشابات المتعلمات والعاملات الرخصة تمثل #1. ولبعضنا وخاصة من فوق الخمسين والمرتاحات ماديا, الرخصة ليست مهمة أبدا وربما أهم منها توفير سائق يعتمد عليه وهي المشكلة الأصعب. المهم في الحالتين حرية الحركة !

رد: أنتِ تتحدثين عن الكل بصيغة العموم يا دكتورة. بحكم أنك امرأة وقبلتِ أن تتحدثي بلسان الكل, لو طلبت منك تكرما أن تعددي أولويات المرأة السعودية في الفترة الحالية في نقاط من 1 إلى 10.

قلت: لا أتكلم عن الجميع لأن آرائي خاصة بي وقد لا تمثل غيري. وأولوياتي تختلف حتى عن أولويات بناتي وأنا من ربيتهن جميعا بنفسي، وحاولت أن يكون لكل منهن نفس القيم وأهمها أن تكون متعلمة مؤهلة تستطيع أن تعمل ويكون لها اكتفاء حاجتها ماديا دون الاعتماد على أحد غير ذاتها. ويبقى أن المشترك بين كل النساء في مجتمعنا هو كون أعراف المجتمع ثم الأسرة تتحكم في حياة المرأة بصورة تجعلها غير قادرة على الاستقلالية بخياراتها حتى الحميمة منها. المشترك بين كل النساء ليس نظرتهن إلى كيان المرأة, وهل هي مكرّمة في المجتمع أو فاقدة للثقة والاحترام والحرية؟؛ فهن يختلفن في تقييم تقبلهن للأوضاع من 100% إلى 0%. وبالتالي حتى أولوياتهن تختلف فهناك من ترى الزواج والإنجاب أهم أولوياتها وهناك من ترى الحب المتبادل أهمها، وهناك من ترى حرية الحركة والثقة المتبادلة أهمها, وهناك من ترى النجاح المادي أهمها.

رد: أتفق معك دكتورة: الارتباط بزوج العمر؛ إكمال التعليم والدراسات العليا؛ الحصول على وظيفة؛ إنشاء مشروع خاص يحقق الذات والمادة.. ما هو الغالب من وجهة نظرك لدى أغلب الفتيات بالمجتمع من الجيل الحالي أقصد؟

قلت: هناك مستويات من الرغبات والطموحات الفردية أوضحها ما يحظى بدعم المجتمع مثل ضمان المستقبل؛ يبدأ بالاحتياجات المادية والجسدية ومنها الزواج والإنجاب والاستقرار الأسري. وهناك احتياجات الاستقرار النفسي ومنها الرضى عن النفس, والحب المتبادل, وتقدير المجتمع؛ ومنها تحقيق النجاح بكل معالمه المادية والمعنوية. وهي أحيانا احتياجات متضاربة: مثلا هي فتاة ذكية ومتعلمة ومؤهلة وترغب في زوج ناجح مرموق؛ لكن مثله قد لا يرغب في زوجة تعمل وتنجح بنفسها, بل يفضلها جزءا من مقتنياته الشخصية ومتفرغة له ومتقبلة ألا يكون متفرغا لها. وقد ترغب في الارتباط بشاب تسعدها رفقته لكن الشاب في أول دربه يعني عيشة عدم استقرار مادي, واحتمال أن يفضل غيرها بعد صبرها حتى يكوّن نفسه. الغالب هو أن الفطرة والغريزة تتمحور حول رفيق الدرب ذي مواصفات تختلف من شابة إلى أخرى.

عاد: أستطيع أن أفهم كلامك دكتورة، لكن هل تعتقدين أننا حالياً نقبع في أسفل مثلث احتياجات ماسلو النفسية؟ على افتراض أننا نتفهم ذلك النموذج كفكرة وليس بالضرورة أنه قابل للتطبيق أو حقيقة.

قلت: لا نستطيع التعميم. قد يكون بعضنا مجتمعيا لا يسمح للمرأة إلا بالمستوى الأدنى في هرم ماسلو. وقد يكون بعضنا الآخر يرى لها الحق في كل المستويات من تحقق الرغبات. والفروق بين أفراد المجتمع وفئاته من حيث مستوى التعليم والانفتاح على واقع الآخرين عالميا, وقدرة الفرد على مجابهة ضغوط الأسرة أو القبيلة لاحتكار القرار الخاص بالفرد, هي في الأخير ما نرى نتائجه في التصرف الفردي في أي أسرة. واقول لنكن مجتمعا راقيا: لا تصنفوا وضع المرأة حسب تفضيلاتكم. ولا تفرضوها معممة على كل النساء. اسألوا كل امرأة عما تريد فهي أدرى بما تختار، ولماذا هو حق لها. كفرد وليس كفئة تضيع فيها تميزاتها.

 

حوار حضاري
اسألوا المرأة عما تريد
د. ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة