Thursday  10/03/2011/2011 Issue 14042

الخميس 05 ربيع الثاني 1432  العدد  14042

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

طبيعة مجتمعنا الحساس تفرض على ضحية الابتزاز التزام الصمت، وما ذكرته هيئة التحقيق والإدعاء العام يوم أمس، من أنها تستقبل 120 قضية ابتزاز سنوياً، بمعدل 3 قضايا في الأسبوع الواحد، ما هي إلا قطرة من بحر. حيث وصلتني أعداد ليست بالقليلة من فتيات وسيدات تعرضن للابتزاز، وهن مستمرات في صمتهن خوفاً من المجتمع وخصوصاً إن كانت متورطة في التمادي مع الجاني (المبتز) فتجد نفسها مستمرة في دائرة مظلمة، وتحاول معالجة الحادثة إما بدفع مبلغ مادي للمجرم من أجل شراء رقبتها التي صار يعبث ويتحكم بها ولا حول لها ولا قوة، أو بمحاولة اللجوء إلى أحد الأشخاص للحديث مع ذلك المجرم ومحاولة ثنيه عن ممارساته عن طريق أسلوب الترهيب تارة والترغيب تارة أخرى.

إن النقطة المهمة في قضية ابتزاز النساء، والتي لم تتحدث عنها لا الندوات ولا المحاضرات المنعقدة لمناقشة هذه القضية، هي مواصفات ذلك المجرم. إذ إن غالبية المبتزين هم من الأشخاص الذين يتمتعون بذكاء ودهاء شديدين، إذ تجد الواحد فيهم يعرف من أين تؤكل الكتف، ويكون قد قام بدراسة عميقة لشخصية المجني عليها، فتجده يعرف نقاط ضعفها، ومواطن الاصطياد؛ وعندما يدخل في حياة (الضحية) فهو يدخل بطريقة ذكية جداً يعرف من خلالها أنه سيكسب ثقتها.

في الحقيقة، عندما تصلني رسائل من هذا النوع، أول سؤال أطرحه هو: كيف هو مدخل المجرم في حياتك؟ أغلب الإجابات تأتي عن طريق كسب الثقة والعزف على وتر نقاط ضعف الضحية، إحداهن تقول: «بدأ معي بالخوض في مسائل الأصل والفصل، وعن تقارب النسب بيني وبينه، وأنه بناء على هذا فإني أهمه وأمري يعنيه، ومصلحتي هي في المقام الأول بالنسبة له، وأنه يريد أن يرفعني ويساعدني لأكون سيدة أعمال مهمة!»، وأخرى تقول: «دخل معي من بوابة الزواج، وأنه رجل أعمال غني ومعروف». وثالثة تقول: «دخل معي من بوابة خوفه من الله والتزامه». إذن، المداخل كثيرة، والمجرم يعرف جيداً من أين يدخل على ضحيته. النهايات التي جاءتني عبر تلك الرسائل، كانت جميعها تنتهي بالابتزاز الجنسي ثم المادي، وتستمر الضحية في مماشاة المجرم خوفاً على نفسها وحياتها وسمعتها، وتخرج من دائرة مظلمة إلى أخرى، لأن طبيعة المجرم المبتز لا تتوقف عند أخذ ما يريد، فهو يحصل على مبتغاه ويوهم الضحية بأنه توقف عن أذيتها، ويتركها فترة من الوقت، ثم يعود ليمارس ابتزازه.

إن كشف هذه القضية التي كانت من ضمن القضايا المسكوت عنها، هي بادرة جيدة وممتازة، ومعنى ظهور النقاش على العلن هو بداية الطريق إلى حل المشكلة، لأن حلها لا يكون إلا بالاعتراف بها. وهذا ما يحصل حالياً، وما ينبئ عن وجود نية جادة لمعالجة هذه القضية الخطيرة، تحديداً إذا اعترفنا أن نسبة النساء (الصامتات) أكثر بكثير ممن تحدثن ولجأن إلى الجهات الأمنية.

طبيعة المرأة في مجتمعنا، تفرض عليها الخجل والخوف على سمعتها، لذا ما دمنا نملك النية لمعالجة قضية الابتزاز فإننا بحاجة إلى إدارة نسائية في هيئة التحقيق والإدعاء العام، تعمل فيها نساء متخصصات سيجعل كثيراً من الصامتات يخرجن عن صمتهن، ويكشفن للجهات الأمنية عن هؤلاء المجرمين، أيضاً نحتاج إلى آلية واضحة لسير عمل هذه القضية بحيث تكفل للضحية السرية التامة، مع ضرورة أن يكون هناك خط ساخن يعمل على مدى الأربع وعشرين ساعة لتلقي البلاغات، وكذلك لتقديم الاستشارة بحيث تتصل الضحية وتجد من يرشدها على الطريق الأمثل لحل قضيتها. كفانا الله وإياكم من كيد هؤلاء المرضى.

www.salmogren.net

 

مطر الكلمات
ابتزاز النساء الصامتات
سمر المقرن

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة