من المميز أن يرافق معرض الرياض للكتاب هذا الكم من الندوات وهذا الحضور العالمي من المشاركين فيها بخاصة من ترك له بصمة واضحة في مجالات مختلفة تضمنتها الندوات.
أحمد الزين يغنيه برنامجه الأسبوعي المشوق أن نتحدث عنه أو نعرف به، فقد كان برنامجه الثقافي سفيره إلى قلوبنا بسلاسة تقديمه وثراء ضيوفه وحضوره حول العالم احتفاء بالمثقفين على اختلاف أطياف ثقافتهم.
في مشاركته بمحاضرة في معرض الرياض كان كعهدي به حاضرا بامتياز. . مثقفا من طراز رفيع ، مشوقا بما قدم من طرح كان الأقرب للحكاية التي بدأ بها ورقته ليعطينا أنموذجا مميزا للمحاضرة الثرية المشوقة في آن.
حيث تدور الحكاية حول حكمة والده وهي حكمة العقل والمعرفة التي رغم حروفها القليلة زرعت في عقله جمرة لا تنطفئ مدى الحياة وهي جمرة السؤال الذي حضر بالزين من ذلك الريف البعيد إلى فكرة الكتاب وتعدد القراءات والثقافات وتنقل به من منبر لمنبر ومن كتاب لكتاب وقد قبضنا معه في تلك الأمسية على جمرة السؤال الملح: لماذا تغيب ثقافة العقل عن هذا الفضاء الرحب وتتزاحم ثقافة الضجيج؟
في « سوانح وأقلام في السياسة والثقافة والإعلام» للدكتور عبد الرحمن الشبيلي وجدت أجوبة متعددة من خلال قراءة واعية لمحتوى الكتاب باب الإعلام خاصة حيث أشار فيه: إن معظم أجهزة الإعلام العربية تعيش أزمة احتراف وإبداع كونها تمارس عملها اليوم بعقلية الماضي مرتدية ثوب الحاضر وتقنيته» هذا إن كان هو القصد من إرفاق هذه الفقرة ليس تغييب الثقافة بل ضعف الاحتراف في العمل الإبداعي.
حيث إننا نقر بأن إنتاج البرامج الثقافية وتقديمها وإعدادها يحتاج الكثير من الجهد والنظر في الموضوع لأن الإعلام الثقافي حقل خصب وشاق في الوقت نفسه لعدة أسباب لا يسعني حصرها هنا.
وبالعودة للكتاب « عندما تفقد الوسيلة الإعلامية جاذبيتها وتأثيرها فإنها تخسر أهم أسباب البقاء ألا وهو تعلق المتابع وارتباطه بها، وهي لا يمكن أن تستعيد مكانتها إلا عبر جهد أصيل « وهذا يضعنا أمام سؤال آخر لم تبهرنا برامج أجنبية تبقى عقود من الزمن بينما سرعان ما تجهض برامجنا؟ ولماذا تحضر ثقافة الاستهلاك بزخم بينما ثقافة المعرفة ثقافة شحيحة؟
سأختم بحكاية حيث غضب والدي رحمه الله وهو يراني منهمكة بقراءة مجموعة من الكتب كنت اخترتها لأخوض مسابقة المطالعة في المرحلة الثانوية وطلب مني أن ألتفت لكتبي المدرسية، لكن والدتي الرائعة أجابته بأن القراءة والمطالعة أمر مهم ولا بأس إن خسرت علامة أو اثنتين في الشهادة النهائية لكنني أكسب ثقافة عامة ومعرفة من قراءة هذه الكتب.
نتمنى أن يحفل فضاءنا بما يليق بثقافتنا وأن نحتفل بالثقافة ونرتقي بما نقدم من برامج ثقافية جديرة بالمتابعة وجديرة بفكرنا وبتنوع المعرفة.
