Wednesday  16/03/2011/2011 Issue 14048

الاربعاء 11 ربيع الثاني 1432  العدد  14048

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

في المقابلة التي قدمتها السيدة أسماء العبودي في صحيفة الحياة مع الباحثة التربوية السعودية منيرة إبراهيم جمجوم يوم الثلاثاء 3 ربيع الثاني 1432هـ توقفت طويلاً عند السؤال التالي وإجابته:

السؤال: على اعتبار أننا مجتمع محافظ، إلى ماذا نعزو انتشار الفوضى الأخلاقية في المدارس؟

الجواب: نحن مجتمع محافظ، لكننا أيضا مجتمع متناقض نردد أهمية التمسك بالأخلاق الإسلامية السمحة نظرياً، ثم نقتل ذلك فعلياً. مفردات الإساءة والتنميط في مجتمعنا تطغى على مفردات الحب والتسامح والأخوة. هذا التناقض يؤدي إلى اضطراب في التكوين الأخلاقي للطالب ويضعه في مأزق يصعب معه تكوين موقف متوازن اتجاه ما يواجهه من معضلات أخلاقية.

انتهى السؤال والجواب.

نلاحظ في الجواب وصف المجتمع بصفتين تبدوان متناقضتين، هما المحافظة والفوضى الأخلاقية. هل هذا هو الواقع فعلا، أم أنه مجرد نوع آخر من جلد الذات؟ أرجو أن يجيب القارئ على السؤال بتجرد وبعد التفكير الكافي قبل الجواب.

أعتقد شخصياً أن هذا هو الواقع فعلاً، ليس في البعض القليل من تصرفاتنا وتعاملاتنا وأحكامنا وإنما في الأغلب منها، وذلك لأسباب اجتماعية انعزالية إقصائية ما زالت مترسبة في داخلنا بحيث تجعل تطبيق التعاليم والأحكام الشرعية العادلة مثلما هي حاضرة في النصوص، ضعيفا وفي كثير من الأحيان متناقضا تماما مع القواعد الشرعية، مما يوجب علينا العمل جديا على التخلص من هذه الفوضى والتناقضات الاخلاقية.

ما هو مفهوم المحافظة عندنا؟ المفهوم بحد ذاته (كحزمة من المفاهيم الأخلاقية والسياسية والتعليمية والاجتماعية) مفهوم جديد وفد علينا من الغرب. هناك يفهمون المحافظ على أنه المواطن الذي يفضل بقاء أنماط العيش القديمة ومفاهيم التعامل الاجتماعية على ما هي عليه قدر الإمكان وعدم الأخذ بالمستجدات إلا بحذر شديد، ولكن مع الحرص الكامل وغير المشروط على الخضوع للقوانين السائدة وإبقاء المتناقض معها من المفاهيم كقناعات شخصية لا يتم فرضها على الآخرين.

لكن ما هي المحافظة عندنا نحن؟ هل هي المحافظة على الترابط العرقي والعشائري والقبلي في التزاوج وفي أفضلية التوظيف وفي غض النظر عن المخالفات وفي التوسط ومحاولة التخفيف في الأحكام والتبعات القانونية؟ هل هي المحافظة على الولاء المناطقي والأسري في الحصول على المصالح المادية والمراكز والوظائف الوجاهية حتى لو تعارض ذلك مع مبدأ وضع الكفاءة المناسبة في المكان المناسب؟ هل هي التطليق لعدم تكافؤ النسب، وهل وهل وهل إلى آخره. أنواع التصرفات والمفاهيم الاجتماعية المتناقضة عندنا كثيرة ولا تنطبق عليها بالضرورة الأخلاقيات والضوابط الشرعية ولا مواصفات العيش الوطني المشترك.

لذلك عندما يدرس الطلاب من الابتدائية إلى نهاية المرحلة الجامعية الكثير من النصوص والضوابط الشرعية للأخلاق والمعاملات والمحرم والمباح والمنهي عنه، ثم يتعايشون يوميا خارج المدرسة، وربما حتى داخلها مع ممارسات غير عادلة تتناقض مع ما درسوه، أي شخصية سوف يشبون عليها عندئذ؟ ألا يؤدي ذلك إلى الاضطراب الأخلاقي للطالب كما ذكرت الأستاذة منيرة جمجوم؟ احسبوها على كيفكم ولكن فكروا في المستقبل.

 

إلى الأمام
الأخلاقيات في مجتمع محافظ
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة