Friday  18/03/2011/2011 Issue 14050

الجمعة 13 ربيع الثاني 1432  العدد  14050

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

جدد حياتك

      

لايمتهن البشر الناس الحرف ولا يجمعون التحف ولا يطلبون العلم ولا يبتكرون الاختراعات ولا يسنون القوانين ولا ينشدون النوم أو يتأملون في النجوم إلا بهدف الوصول إلى السعادة، وكثيرا ما تبدو لنا السعادة كطيف خيال ولمحة سراب! وما أكثر من تحدث عن السعادة وخاض في غمارها! فكم أُلف من كتاب ودوّن من بحث ونظمت من محاضرة في فن السعادة بل وأصبحت السعادة تدرس ضمن أشهر منهج أكاديمي في أقوى الجامعات ومن بينها جامعة هارفارد، و لم أجد مفهومًا انقسم على تحديد تعريفه المفكرون والفلاسفة وعلماء النفس كالسعادة، ولقد اختلفت تعريفات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى بيئتهم؛ وسأبحر معكم في رحلة قصيرة في محيط السعادة لعلنا نصيب شيئا من مفاهيمها، فجملة من البشر اختزلوها في تحقيق بعض الأهداف فشاب يقول سعادتي تتحقق بقبولي في الجامعة وتلك سعادتها أن ترزق بزوج رومانسي وذاك سعادته في الحصول على سيارة فخمة ورابع يحصر سعادته في انفصاله عن زوجته!! والسعادة في الحقيقة استهداف لا هدف! فرحلة الوصول إلى الهدف أمتع بكثير من لحظات تحقيقه!! وهناك تعريفات أخذت بعدا معنويا حيث عرف بعضهم السعادة بأنها فعل الخير وبذل المعروف وحب الآخرين والاعتناء بهم وعلى الضفة الثانية يقول آخرون: إن أصحاب القلوب الكبيرة لايسعدون فهم في حالة من التعاسة دائمة، لأن الحياة قد عمرت بالمصائب والكوارث وأصحاب الحاجات لذا هم لاينفصلون أبدا عن الإحساس بالشقاء! ويرى الأديب ذائع الصيت بودلير أن «التعاسة هي أن تجد ما اعتدت عليه»! وقال آخر: «بل السعادة تكمن في البحث عن الذي لا تعرفه، فإذا عرفته فعليك أن تلوذ بشيء آخر إن أردت السعادة موجة تتلو موجة في محيط لا ساحل له»! ويقول عبدالوهاب مطاوع: «إن السعادة هي ذلك الشعور المتصل بالبهجة والطمأنينة والسرور الذي يرافق الإنسان ولو اعترض مجرى حياته مشاكل مؤقتة أو آلام عابرة»، وبعض التعريفات أخذت بعدا عاطفيا رومنسياً حيث اختزال السعادة في قرب الحبيب و السعادة هي الحب فأن تكون محباً فهذا أمر لذيذ لكن أن تكون محبوباً فهذه هي السعادة. وأما الروائي مارك توين فيرى أن السعيد هو القنوع، فإذا رضي الإنسان بحياته وقنع بها، فقد بلغ قمة السعادة، بينما يرى الكاتب هربرت ويلز: أن السعادة هي راحة البال، وليس هناك ما هو أثمن ولا أندر من تلك اللحظات التي يحس فيها المرء بأن ضميره مرتاح، لأنه لم يظلم أحد. وأمير القصة العربية د. يوسف إدريس لا يرى السعادة في الراحة كما يراها البعض، ويقول: نحن لا نسعد إذا استرحنا دائما.. نحن نسعد بساعة الراحة إذا جاءت بعد عناء يوم كامل.. ويرى أحد الفلاسفة أن الموت هو أن نسجن أنفسنا داخل حياة متشابهة و أن ندور في دائرة واحدة مهما كانت تلك الدائرة. بينما كان الترحال هو قمة سعادة السندباد المصري الكاتب أنيس منصور الذي يقول «ليست الجنة أن ترى شيئا واحدا مهما كان حلوا ولكن أن ترى الكثير وأن تعرف الكثير.. فالجنة في التنقل لا في البقاء حيث أنت».. وبعض التعريفات أخذت معنى مادياً فبعضهم عرف السعادة بأنها المال والبنون، ومنهم من اختزلها في الكرسي والمنصب وآخر في قصر وزوجة جميلة وسيارة وهكذا وهناك من يعرف السعادة بضدها فالأحوال النفسية التي تصنف بأنها ضد السعادة لاحصر لها كالألم والهم والحسرة والاكتئاب والحزن والقلق والخوف والإحباط والشعور بالدونية والتشاؤم، والسعادة عندهم تكون في خلو الإنسان من هذه الأحوال ويعتقد الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، الذي أشعل الثورة الفرنسية، أن السعادة تتمثل في الطموح، فالتطلع إلى مستقبل أفضل وحياة أكثر حرية وكرامة، هو السعادة عينها، ولا سعادة بغير طموح».

أما الأديب البرتغالي ساراماجو فيرى أن السعادة الحقيقية هي أن يتخذ المرء خطوات تجاه معرفة ذاته، وأنت أيها القارىء العزيز ماهو مفهومك للسعادة راسلوني وسوف أعرضها لاحقا بإذن الله في هذه الصفحة.

ومضة قلم:

أنا إن عشت لست أعدم قوتاً

وإذا مت فلست أعدم قبرا

khalids225@hotmail.com
 

فجر قريب
هل أنت سعيد؟
د. خالد بن صالح المنيف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة