Wednesday  23/03/2011/2011 Issue 14055

الاربعاء 18 ربيع الثاني 1432  العدد  14055

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الشك من الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان على مستويات مختلفة، وقد يكون إيجابياً حيث الإتقان، فبه أمرٌ يستنفرُ الفعل والنفس والناس من حول الشخص، وحينما يُصابُ به الإنسان فإنه يصاب بجحيم لا يستقر معه خاطر، ويبلغ حدًّا من السلب متى ألحّ على الإنسان بما يُفسد علاقته مع نفسه ومع الآخرين، أو أن يؤدي به إلى مطامع وإفساد يتوجه به نحو الآخرين، وفي هذه الحالة يصاحبه الحسد والغيرة والانفعالات الفاسدة.

الشك يفسره الإنسان بطريقة تؤدي إلى حالة من رضائه وليس الغير، والشك في مستوى معين ذو معانٍ عدة منها معنى يختص به الفلاسفة، ومعنى آخر يفسره السيكلوجي والطبيب الأخصائي في أمراض النفس، كما يفسره معنى يدفع به الحسّ الأخلاقي، ومعانٍ أخرى يسوقها عدد من الناس وفق مشاعرهم وتخصصاتهم.

والشك لا ينحصر أثره السلبي على من يُصاب به بل يمتدُّ إلى الآخرين من الناس فتتوتر العلاقة معهم، ومن يُصاب به أو يتواجدُ في نفسه فهو معرضٌ للوساوس وليس له من أمره في ذلك حيلة أو قدرة، ويظل خاطر الشك يتكرر بشكلٍ التصدي له في هذه الحالة أمرٌ قد يكون صعباً، حتى وإن بدت ضرورة التخلص من الشك حتمية لاسيما أن الضرر في ذلك ينعكس على الشخص نفسه وإذا استعرض الإنسان مشاهد من جذور الشك، وكذلك نتائجه فإن في الاستعراض له تفاصيل ومعرفة تُغني محاولة التخلص من الشك كأمر سلبي، فكل أمر لا تدعمه نتائج إيجابية فهو لا يلزم حياتنا بل إنه عبء عليها.

وأظنُّ أن كثيراً منا مُدرك لما يقدر عليه أو العكس، وأثناء محاولة التخلص من الشك يتوجب ألا ينحرف بنا طريقه عن صوابٍ نقصُده.

الحياة المقدر لنا أن نعيشها، ومقدار العبء ينعكس على هيئة قلق وترقب بين فعلٍ ورد فعل، كما أن هذه الظاهرة تنعكس على الناس في هيئة حذر يصاحب العلاقة إذا وجدت.

وأعتقد ظناً أنه يؤثر على حدة الذاكرة بجانب تأثيره على التركيز كقدرة ذهنية، ومن عابر القول أن وضع من يعاني من الشك من الناحية الاجتماعية قلق وغير مريح.

وقد حذر المولى عز وجل في كتابه الكريم من الانسياق وراء الشك، يقول: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} (يونس آية 94).

هذا لو كان الشك مصدره الآخرين، فكيف يكون الحال حينما يكون المصدر الإنسان نفسه!

الوقاية هي ما نستطيع، وأن نرضى بكل أمرٍ هو من أقدار الله عز وجل ونتذكر ما راود النبي إبراهيم عليه السلام حينما توجه إلى ربه ليتبين ما أحاط بها من شكوك حينما قال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة آية 260). والله المستعان.

 

مأساة الشكّ
د. عبدالمحسن بن عبدالله التويجري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة