Wednesday  23/03/2011/2011 Issue 14055

الاربعاء 18 ربيع الثاني 1432  العدد  14055

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

الأوامر الملكية الكريمة التي صدرت يوم الجمعة، كانت موجهة بمجملها لمعالجة عدد من المسائل التي تشغل المواطن السعودي بصورة ملحة، في مقدمة تلك المسائل البطالة والإسكان والرعاية الصحية فالناس مهمومون بحسن معاشهم بالدرجة الأولى، ثم تأتي مسائل تهم نخب المواطنين أكثر من غيرهم كمحاربة الفساد ورفع كفاءة مؤسسات الأمن والحسبة ورعاية المساجد وتحفيظ القرآن، والاهتمام الملكي بالإصلاح انطلق منذ أمد بعيد وهو متواصل بإذن الله بصورة مستدامة، فالحياة بمستجداتها تمثل فرصاً وتحديات لنا كأمة وأفراد وعلينا التفاعل معها بالاهتمام والجهد المناسب لنصل للمستوى المعيشي الذي يليق بنا والمرتبة المتقدمة بين الأمم، لذا يجب علينا كشعب أن لا نقف موقف المتلقي الشاكر لجهود الإصلاح الملكية، وإنما علينا أن نساهم بدور فعال يدعم مسيرة الإصلاح ويغذيها بالطاقة الخلاقة، لن أفي في هذا المقال القصير بما يمكن أن يساهم فيه المواطنون في دفع حركة النمو والإصلاح ولكن سأقتصر على ما يبدو ملحّاً ومحورياً، فالمطلوب هو التفاعل الإيجابي والعمل على جعل جهود الإصلاح الملكية شمعة إيقاد لشعلة البناء والتطور الحضاري والإنساني.

في عام 2009 م بلغ إجمالي الناتج المحلي السعودي 1.4 تريليون ريال وإجمالي الناتج المحلي من غير البترول بلغ 799 بليون ريال في حين كان مجمل القوى العاملة في الاقتصاد السعودي من دون العمالة المنزلية 7.363.529 عاملاً، وبلغ عدد الوظائف الجديدة التي خلقها الاقتصاد في ذات العام 129.693 وظيفة وبلغ عدد العاطلين عن العمل من السعوديين 448.547 عاطلاً عن العمل، وبلغت نسبة السعوديين المشاركين في سوق العمل 22% من السكان السعوديين القادرين على العمل، وبمقارنة تلك البيانات مع بيانات دولة مماثلة في عدد السكان كماليزيا التي بلغ عدد سكانها في نفس العام 27.467.837 نسمة وهو قريب من عدد سكان المملكة وبلغ مجمل ناتجها المحلي في نفس السنة 724 بليون ريال (أقل من ناتج المملكة غير البترولي بـ 75 بليون ريال) وبلغ مجمل القوى العاملة في الاقتصاد الماليزي في نفس العام 11.380.000 عامل وخلق الاقتصاد الماليزي 240.000 وظيفة وبلغ عدد العاطلين عن العمل 321.060 عاطلاً عن العمل من المواطنين كما بلغت نسبة الماليزيين المشاركين في سوق العمل 63% من المواطنين القادرين على العمل.

عند عقد مقارنة تحليلية للإحصائيات السابقة التي حصلت عليها من كل من مصلحة الإحصاءات العامة بالمملكة ومصلحة الإحصاء الماليزية لا يستطيع المحلل إلا أن يصل لعدد من الاستنتاجات، أولها أن منشآت العمل السعودية حققت معدلات عالية فيما يخص العائد الإنتاجي على الفرد العامل، وهو ما يوحي بوجود سبب من اثنين أو كلاهما، فالأول هو أن تلك المنشآت متفوقة باستخدام التقنية ولديها معايير إجرائية فعالة في تحسين الإنتاج، والسبب الثاني، أن ساعات العمل التي ينتجها الفرد العامل في تلك المنشآت، أكثر من المعدل في ماليزيا بصورة كبيرة فالقوى العاملة في المملكة أقل بنسبة 35% من القوى العاملة في ماليزيا واستطاعت أن تحقق ناتجاً إجمالياً يفوق ماليزيا بـ 70 مليار ريال، وبالاستدراك نجد أن الحقيقة الدامغة هي، أن المنشآت الماليزية متفوقة على نظيرتها السعودية بمراحل من حيث استخدام التقنية ونظم تحسين الجودة والكفاءة الإدارية والشفافية والالتزام بالقوانين السائدة، لذا يبقى السبب محصوراً في ساعات العمل التي يبذلها العاملون في المنشآت السعودية، فهي كما نعلم غير مراقبة، حيث يعمل كثير من العمال الأجانب ساعات طويلة، معظمها لا يدفع له أجر إضافي، وهذا أحد أسباب عدم قدرة الاقتصاد السعودي على خلق وظائف جديدة، لذا نقول لذوي الأعمال السعوديين، هذا دوركم الإصلاحي الملح هذا اليوم، وهو أن تكفوا عن قسر العمال على ساعات عمل طويلة، وتكتفوا بما يحدده نظام العمل وإذا كان هناك حاجة لمزيد من ساعات العمل لتلبية متطلبات نشاطكم فعليكم خلق وظائف جديدة، هذه مساهمتكم المطلوبة في هذه المرحلة، وإن كان عليكم بذل الجهد في تحسين ظروف العمل واستقطاب العمالة عالية الإنتاج بحيث يمكنكم منافسة المنتجات الأجنبية والتصدير للخارج فنحن بحاجة لهذا الجهد حتى نضمن تنوع مصادر دخلنا الوطني.

الاستنتاج الثاني من تلك المقارنة التحليلية، استنتاج مخجل ومحبط، فالواضح أننا شعب معظمه من الممددين أرجلهم بغية العيش السعيد بدون جهد، حيث أن كل 4 سعوديين من القادرين على العمل يعتمدون على كاسب واحد يعيلهم، نسبة مشاركة السعوديين في سوق العمل 22% من القادرين على العمل، هي أقل من بعض الدول الإفريقية الفقيرة، إن لم تكن الأقل بين شعوب الأرض ولدينا 800.000 عامل وعاملة في منازلنا يغسلون ثيابنا ويطبخون أكلنا ومعظمنا ينام ويصحو في كل يوم ولا يضيف للحياة أي شيء يذكر، لا شك أن من يعمل هو وزوجته ولديهم أطفال بحاجة لمعونة في أعمال المنزل، ولكن هناك بيوت تغص بالعاطلين من الذكور والإناث لا يخدمون أنفسهم في مأكلهم ومشربهم. هذه الحقيقة يجب أن توقظ فينا الحماس للتغيير، إن لم يكن خوفاً من الفقر فليكن طلباً لحسن المعيشة، الدولة وإن بذلت فهي لن تستطيع في المستقبل ضمان المستوى المعيشي الحالي فعدد السكان بازدياد والعالم بات يتنافس على الموارد مما سيجعل أسعارها ترتفع باطراد، لذا لا بد من الإصلاح في هذا الشأن، فيجب أن يسعى الجميع بجد لاكتساب المهارة والمعرفة وخوض غمار المنافسة لاقتناص العمل المناسب، ويجب على المشرعين أن لا يقفوا في سبيل دخول المواطنين والمواطنات الراغبين مجالات عمل شريفة ومنتجة، بدعوى الخوف من التغيير، فالتغيير المقنن أفضل بكثير من التغيير القسري الذي سيفرضه واقع الحياة وضغوطها. هذا هو الإصلاح المطلوب اليوم من الشعب السعودي، وإن لم يفعل فكل إصلاح آخر لن يكون ذا جدوى إستراتيجية وسيكون حلول وقتية سرعان ما تغمرها التحديات من جديد.

mindsbeat@mail.com
 

نبض الخاطر
ماذا بقي من الإصلاح؟
محمد المهنا أبا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة