Thursday  24/03/2011/2011 Issue 14056

الخميس 19 ربيع الثاني 1432  العدد  14056

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

واجهت اليابان طوفان الماء وهو يطغى بمفرده على كل مقومات الحياة ومعطيات التقنية، لم يدفعه أي مخلوق على وجه الكرة الأرضية، إنما هو أمر الله بالأسباب التي يريدها سبحانه، ولم تمنعه تقنية النانو والمفاعلات النووية والروبوتات، وعجزت عن صده كل ما أنتجته العقلية اليابانية من عجائب الالكترونيات وبدائع التكنولوجيا، غير أن أسبابا قد اتخذها اليابانيون ربما كانت عاملاً مساعداً في الحد نسبياً من تضاعف حجم خسائر الكارثة الناجمة عن الزلزال وفيضانات تسونامي العاتية، وهذه الإجراءات يفترض أن تحتذيها جميع الدول التي لم تأخذ بها بعد، فلم تستنكف اليابان من قبول معونة الدول الأخرى رغم ما يتمتع به السكان من ثقافة عالية وتدريب جيد على مواجهة الكوارث والأزمات، ومع توفر الخطط المسبقة لهذا الأمر وهو ما تفعله عادة الدول المتقدمة علماً ووعياً بتحمل مسؤولياتها، بل إن اليابان أمام الكارثة طلبت عون الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولازالت الجهود (حتى كتابة هذه الأسطر) تحرز تقدما رغم كثافة التلوث الإشعاعي وانقطاع الكهرباء وتوقف الاتصال والمواصلات بشكل كبير، يروى أن الركاب في إحدى محطات القطار هناك أخلوا المحطة حالما تأخر القطار دقيقة واحدة لشكهم أن في الأمر ما يدعو للقلق وهو ما كان بالفعل حين الزلزال، مما يدل على حسهم العالي وانضباطهم وتعاونهم الذاتي، وبعد النكبة سجلت صور من التعاون والتفاني وهو ماعهد منهم، حدثني احد الشباب الدارسين في طوكيو أنه حينما يحل فصل الصيف وترتفع درجات الحرارة في بعض المدن يبدأ بعض المواطنين ممن يجدون الفرصة والوقت بتقديم المثلجات والمياه الباردة عند إشارات المرور ومحطات القطار وذلك بالتعاون مع جهات الاختصاص في عمل منظم يدفع الجميع لمزيد من الارتياح والطمأنينة والتآلف وبالتالي مزيد من العطاء المثمر والازدهار العام في كل جوانب الحياة، كم أتمنى أن تنفذ هنا خطط لمواجهة الطوارئ والكوارث والأزمات وإعداد ما يلزم من دور إيواء وملاجئ ونحوها، ليس من قبيل التشاؤم ولكن العاقل من اتعظ بغيره وتعلم من دروس الآخرين قبل فوات الأوان، مع البدء بجرعات من التدريب والتهيئة النفسية لدى الناشئة والشباب وتعريفهم بأهمية المسألة ومردودها الايجابي على المجتمع حين النوازل لاقدر الله.

والعرب تطلق معنى الطوفان على الماء الكثير العام الطام الذي يغشى كل مكان، أو القتل الذريع و الموت الوبائي، قال تعالى (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون) 14العنكبوت، وفي آية غيرها يقول سبحانه: (والذي نزل من السماء ماءً بقدر فأنشرنا به بلدةً ميتا كذلك تخرجون)11 الزخرف، وبقدر أي لاكما أنزل على قوم نوح بغير قدر حتى أغرقهم، بل هو بقدر لا طوفان مغرق ولا قاصر عن الحاجة، وبعد فلنتأمل العبر الكونية والقدرة الإلهية في هذه الطوام العظام، وأن ندرك أن ما يحل بغيرنا ليس ببعيد عنا إن أراد الله ذلك نسأله سبحانه أن يجيرنا من كل شر.

 

الماء يطغى على التكنولوجيا
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة