Thursday  24/03/2011/2011 Issue 14056

الخميس 19 ربيع الثاني 1432  العدد  14056

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

استيقظت طفلتي الصغيرة (ميسون) مفزوعة في منتصف الليل، وهي تصرخ، استيقظ الجميع من نوم قلِق أصاب الجميع منذ أن أصبحت القنوات الفضائية لا تحمل إلا الفزع، والريموت كنترول لا يهدأ لهثاً..

من سرعة العدْو وراء القنوات التي كثيراً ما تتشابه في أخبارها وشريطها الأحمر (بلون الدم)، وقليلاً ما تتقدم قناة على أخرى في إذاعة الأخبار التي ملأت العالم، من تظاهرات، وثورات، وأعداد القتلى المرتفع جداً عن المعتاد، والذي بالكاد نتحمله، وتغييرات سريعة جداً في تفاصيل خريطة العالم العربي، وأصابع اتهام طويلة جداً تشير إلى تصريح قديم لكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدة الأمريكية حين قالت إن هناك خطة بشرق أوسط جديد، واستعمالها اصطلاح (الفوضى الخلاّقة)، ومخاوف لا حدود لها من هذه الفوضى التي بالضرورة لن تكون خلاّقة تماماً، فدائماً أرفض الفوضى مهما كانت، وأحاديث لا تنقطع عن طابور خامس (إيراني) في المنطقة العربية في محاولة لإعادة النفوذ الفارسي القديم إلى صدارة المشهد السياسي في العالم.

لم نكد نهدأ من كل هذا الجدل الدائر حولنا، في كل ثانية ترتفع أعداد القتلى في كل بقعة من العالم، حتى فاجأنا اليابان بزلزاله الرهيب الذي ملأ بشقوقه وصدوعه الأرضية صدارة المشهد الإعلامي (الدامي)، واستعادة ذكرى أحداث قنبلتي هيروشيما ونجازاكي، لتشير إلى أمريكا مرة أخرى أصابع اتهام جديدة، لكن هذه المرة، والتسونامي الرهيب الذي أغرق مدينة كاملة، بالإضافة إلى المخاوف من التسرب الإشعاعي الذي بلغ حد الـ400 ميللسفريت، وحسبما قالت التقارير إن درجة 100 فقط كفيلة بإصابة الإنسان بالسرطان، فهل أيضاً أمريكا هي (الشماعة) التي سنُعلِّق عليها كل مشكلة تواجهنا، حتى لو كانت من نوع (تسونامي) اليابان.

لم تكن الصغيرة وحدها القلقة بسبب أخبار الفضائيات والمعارك الشجارية التي تسميها بعض الفضائيات (حوارات) أو الرأي الآخر، والتي لم أر فيها إلا رأياً واحداً مسيّساً، يصب في خانة واحدة، جميعنا قلق دائماً، من حركة التغيُّرات السريعة التي أصبحت سمة العالم الآن، والكلام عن ال(فيس بوك) أو دولة ال(فيس بوك) ذلك الموقع الذي خرج عن كونه موقعاً للتواصل، إلى مُحرك رهيب للشباب، وأصبح على لسان الجميع الآن كلمة (مليونية).

كلما اقتربنا من يوم الجمعة، نضع أيدينا على قلوبنا، من جمعة الغضب، والصمود، والرحيل، وغيرها من الجُّمع التي ملأ صداها الآفاق.

يبدو أن زلزال الشارع العربي حرّك زلزال الشارع الياباني، فدرجة ال9 ريختر التي ضربت اليابان، وقلبت الرأس على القدم، مصحوباً بحركة مد بحرية رهيبة مخلِّفة آلاف القتلى، والكثير من علامات التعجب والاستفهام، لم تكن هذه الدرجات الزلزالية أرضية فقط، بل كانت سياسية، وعلينا تعلُّم كيفية الثبات والنجاة من مثل هذه الزلازل المرعبة، حتى لا تصبح الأوضاع مقلوبة، مثل السفينة التي ظهرت صورتها فوق سطح بيت، بسبب (التسونامي).

هذا القلق والتوتر الذي أصاب الصغار والكبار، وزاد من فزعهم من مناماتهم القلقة دفعني إلى أن أصرخ في كل من أقابله بأن يجعل قنوات برامج الأطفال المليئة بالبهجة والمرح في كل مكان أمام عيون صغارنا، خصوصاً بعد أن استيقظت الصغيرة فزِعة، ومحاولة إعادة البسمة إلى الوجوه القلقة، والتماسك في هذه اللحظات الحرجة التي تتطلب من الجميع حماية الجميع؛ فكثيرة وعظيمة الخطوب التي يواجهها هذا الجيل، والأجيال اللاحقة بعده، وإذا لم ننتبه إلى جوانب الترفيه في حياة الصغار، فستكون النتيجة مزيداً من الإحباط، والأمراض النفسية والجرائم أيضاً.

aboelseba2yahoo.com

 

تسونامي الأوضاع المقلوبة.. (المفزع)
حسين أبو السباع

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة