Tuesday  29/03/2011/2011 Issue 14061

الثلاثاء 24 ربيع الثاني 1432  العدد  14061

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كنت أظن نفسي أعرف شيئاً عن وطننا العربي تاريخاً و أرضاً، حكاماً ومحكومين، واكتشفت هذه الأيام أنني أجهل الكثير سواء عن المكان أو الإنسان أو حتى الزمان العربي، مثلي في هذا مثل كثير من الكتاب والمفكرين الذين كانوا يكتبون عن شعوبنا العربية المقالات والكتب، ويلقون المحاضرات والدروس، ويدعون أنهم يحتكمون في كل هذا إلى المناهج العلمية الرصينة!!، ليس هذا فحسب بل كشفت الأحداث الأخيرة في بلاد العرب أن عدداً من رؤساء دولنا العربية لا يعرفون عن شعوبهم إلا أنهم أرقام في سجلاتهم المدنية فضلاً عن غيرهم من الساسة والمنظرين الذين يمضون أوقاتهم في التفكير والتخطيط والدراسة من أجل غد أفضل!!، ولذا أطرح هنا أمام متخذي القرار والدارسين والمثقفين من المحيط إلى الخليج فكرة دراسة نفوس الشعوب واتجاهاتهم واهتماماتهم ومنهجية التفكير لديهم وعلاقاتهم بالعالم من حولهم ونظرتهم للآخر بل لذواتهم بشكل جدي دون الاعتماد على الرؤية الانطباعية الأولية السائدة لدى العقل العربي المعاصر والتي تتكئ وبشكل مباشر على الحدس والتخمين أو حتى توظيف الأدوات العلمية بصورة مشوهة تضر الحقيقة وتفسد النتائج وتصرف التوصيات عن مسارها الصحيح.

إن هذا النوع من الدراسات سيعرفنا على أنفسنا جيداً وسينسف كثيراً من القناعات التي كنا نرددها منذ سنوات ولا زلنا، ونعتقد جازمين أنها الحق الذي لا مرية فيه ولا يمكن أن يخضع للمراجعة والتمحيص في يوم ما.

لقد قيل فيما قيل إننا شعوب متخلفة قطيع من الرعية لا نفهم الحياة ولا يمكن أن نفهمها مهما طال الزمن، كما أننا راضون بما هو واقع في تفاصيل أوجاعنا المتأزمة والمتجذرة، وسلمنا نحن الجماهير بهذا اعتقادناً منا أن هذا هو قدر الله الذي لا يمكن أن يتبدل أو يزول وليس لدينا داخل ذواتنا رغبة التغيير فضلاً عن امتلاك القدرة على تحقيقه واقعا معاشا في الزمن المنظور.. قيل إننا أمة تعاني من هزيمة نفسية حكاماً وجماهير، مثقفين وأكاديميين ومفكرين، ولذا لن تقوم لنا قائمة ولو بعد حين..قيل إن نصف المجتمع مهمش في عالمنا العربي ولذا لا بد أن تخرج المرأة إن نحن أردنا عز الحياة وشرف العيش ولذة التقدم والرقي في سلم التطور والبناء.. قيل إن عقولنا لا تجيد فن التفكير ولذا رضينا أن يفكر غيرنا نيابة عنا زمنا ليس بالقصير واكتفينا باجترار ما يٌصّدر لنا من نظريات وأفكار فضلاً عن السلع والأخبار.. قيل إن ديننا عنوان الرجعية لا يمكن أن يرسم منهج الحياة لإنسان القرن العشرين فضلاً عن القرن الجديد الحادي والعشرين الذي هو مضرب المثل بالتوحد الثقافي عالمياً وسرعة التغيير وقوة التبادل والتأثير.. قيل إن لغتنا العربية ليست لغة العلم ولا يمكن أن تكون حاضرة في المحافل الدولية والمنتديات والمحاضرات والندوات الداخلية فضلاً عن الخارجية، ولذا لا بد أن تتوارى عن الساحات كلها الأكاديمية والفكرية والسياسية والاقتصادية لتحل محلها اللغة الإنجليزية..قيل إن الإعلام العربي لا يمكن أن يجيد فن نقل الأحداث فضلاً عن تحليلها وقراءتها واستشرف مستقبلها.. قيل عن إنساننا العربي إنه بدوي لا يعرف إلا الجمل والصحراء ولا يجيد إلا ركوب النساء.. بل قيل عن نبينا أشرف إنسان في الوجود وأكرم رسول على الإطلاق بأنه ... قيل عن عدونا إنه يسرق النفس من بين الضلوع، وإنه يعرف قبل أن تفكر بماذا ستفكر، وإن لديه سجلات ومحفوظات سرية عن كل واحد منا منذ ولادته حتى يموت، وإن كل صغيرة وكبيرة تحدث في عالمنا العربي سواء من قبل الحكام أو الشعوب، على المستوى الجمعي أو الفردي هي بتخطيط يهودي وبتفكير غربي وربما بتنفيذ عميل صهيوني حتى صرنا نخاف من جدراننا ونخشى على عقولنا أن تسرق في وضح النهار ونحن غافلون بعد أن تسربلنا بعقدة المؤامرة من أخمص أقدامنا حتى مفارق رؤوسنا..

لقد بالغنا كثيراً في احتقارنا لأنفسنا وجلدنا لذواتنا وفي ذات الوقت بالغنا أكثر وضخمنا عدونا حتى صار حاضراً في كل حدث مشاركاً في كل مناسبة متمثلاً في كل فكرة شاخصاً في كل حين وللأسف الشديد.. نعم يجب ألا نحتقر العدو ولا نقدس الذات ونبالغ في نظرتنا لأنفسنا ولكننا مطالبون بأن نتوازن في هذا وذاك ونضع الأمور في نصابها الصحيح دون إسفاف أو إجحاف وهذا من العدل في القول الذي أمر الله به والذي هو جذوة اتقاد العزيمة وعنوان الثقة بالنفس وسبيل الشعور بالعزة ومفتاح العمل الصحيح من أجل التغيير الإيجابي الفعال في بلادنا العربية وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
العقل العربي «يعيد اكتشاف نفسه من جديد»
د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة