Tuesday  29/03/2011/2011 Issue 14061

الثلاثاء 24 ربيع الثاني 1432  العدد  14061

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

المال الذي يُؤتى الإنسان عليه أن يحسن استخدامه، ويشكر الله على ما آتاه، وأن يؤدي حق الله فيما أنعم عليه به، وعليه ألا يقتر على نفسه، كما أنه عليه أن يصرف بقدر حاجته كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَة إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا} (الإسراء: 29)، وقوله سبحانه وتعالى {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّه لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف: 31).

كان المجتمع السعودي بل والخليج قبل طفرة السبعينيات الماضية يتصرف باستهلاكه بشكل وسط، وبطريقة مقبولة؛ فلا إسراف ولا تقتير، إلا أنه بعد هذه الطفرة تغير نمطه الاستهلاكي بشكل كبير.

لقد وضع الإسلام لنا قواعد ومبادئ اقتصادية تؤدي إلى التوازن في المجتمع وتوعية الاستهلاك.

إن سلوك الأفراد بل المجتمع في الاستهلاك له دور كبير في أن نصبح من أكبر الدول المستهلكة في كثير من المواد الضرورية والكمالية، وبذلك أصبحنا أكثر استهلاكاً من دول كنا ننتقدها بأنها مجتمعات استهلاكية. في السبعينيات الماضية كنت في الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة وكنتُ، أقرأ أن نسبة الفقر في تلك الدولة 10 % (أعتقد أنها ما زالت النسبة نفسها إن لم تكن زادت)، وأن ما يُطرح من أطعمة قابلة للاستهلاك، أي غير تالفة، يمكنها أن تُطعم 10 % من السكان، وكنت أقول في نفسي «يا له من مجتمع مسرف ومبذر».

أما الآن فإنني أعتقد بل أجزم بأننا نهدر أكثر من 20 % - 30 % من المواد الاستهلاكية الغذائية فقط، بل وأكثر من ذلك من مواد أخرى، وكم تكلفتها ودروها في رفع الأسعار؟.. فلينظر كل منا إلى تصرفاته وأفراد أسرته، وأن ما يرمى في براميل النفايات من أغذية أكثر من حاجتنا ومقدرتنا، وهكذا في الحفلات والزواجات. وللتأكد من ذلك لننظر إلى براميل الفضلات القريبة من المطاعم الشعبية بل والأحياء ليلاحظ الحجم الهائل من الغذاء المرمى بهذه البراميل، بل وحتى الروائح التي تزكم الأنوف من شدتها.

ومن الهدر الاقتصادي البضائع الرديئة التي نستوردها وبكثرة، تحت سمع وبصر الجهات الرسمية، التي لا تعمر إلا فترة قصيرة، وقد تكون مصنوعة من المخلفات أو المواد الضارة بالبيئة، وكمثال بضائع محال (كل شيء بريالين).

إن ثقافة الاستهلاك والوعي الاستهلاكي لدينا متدنية على مستوى الأفراد والأسرة والمجتمع؛ لذلك نحقق وبجدارة - مع الأسف - مراكز عالمية متقدمة في الاستيراد لغرض الاستهلاك؛ فنحن رابع أكبر دولة في العالم مستوردة للشعير، وهذا مثال واحد - وأرجو ألا يغضب مني الإخوة المستفيدون من هذه المادة المعانة - بغرض المباهاة والمزايين وليس لتأمين مادة غذائية ضرورية، ليس لها علاقة بالأمن الغذائي، إضافة إلى أنه من الممكن تحسين استهلاك هذه المادة بتصنيع وخلط مادة غذائية حيوانية بتكلفة أقل وبفائدة أكبر وبكميات أقل، وليت الإعانة توجَّه لمثل هذه الخلطات فقط.

إن ثقافة الاستهلاك لدينا مسؤولة عن ارتفاع أسعار المواد بشكل كبير؛ فعندما يرتفع سعر مادة معينة تجدنا لا نبحث عن البديل، وإنما نندفع بزيادة شرائنا لهذه المادة لغرض التخزين، وهو عكس المنطوق الاقتصادي «إذا زاد الطلب ارتفع السعر»، وعكس القول الشعبي «الغالي دواه تركه»، وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما طلب منه أن يرخص سعر اللحم قال لهم «اتركوه ليرخص».

باختصار:

هناك ظاهرة خطيرة تتمثل في تدني مستوى فيتامين D (دال) في المجتمع السعودي لكل من يُجري فحصاً مخبرياً؛ ما يجعل الأطباء يوصون بوصفات وجرعات من هذا الفيتامين؛ فما رأي وزارة الصحة عن هذه الظاهرة؟ كما يلاحظ اختفاء هذا العلاج من الأسواق، وبالاستفسار من الصيدليات يقولون إنه نفد من الوكيل!

أمنية:

نأمل من مصلحة الإحصاءات العامة أن تقوم بتعديل سلة دراسة تكاليف المعيشة؛ فما كان قبل عشرين عاماً يختلف عن اليوم، وما كان كمالياً أصبح اليوم ضرورياً.

وبالله التوفيق.

مستشار إداري واقتصادي

musallammisc@yahoo.com
 

نحو العالم الأول
ثقافة الاستهلاك
محمد بن علي بن عبدالله المسلّم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة