Friday  01/04/2011/2011 Issue 14064

الجمعة 27 ربيع الثاني 1432  العدد  14064

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تفكر الإنسان وتأمله حول ما يدور حوله نعمة من نعم الله عليه، فقد ميز الله الإنسان بالعقل لكي يقرر في الأشياء بحكمة وعقلانية فقد أمر المولى عز وجل الإنسان بالتأمل والتفكير ليس في كل ما يخص الإنسان عن قرب فقط بل التفكير فيما هو أشمل من ذلك وهو الكون الذي نعيش

فيه مما سوف يقوي عقيدة الإنسان ويحسن من وضعه في الحياة بصورة عامة.

وينبغي ألا تأخذنا عجلة الحياة وشؤونها عن هذه الميزة العظيمة التي سيستفيد منها كل منا في ضوء حدود تفكيره وطبيعة الوضع الذي يعيش فيه ذلك أن التفكير والتأمل يختلف من إنسان إلى إنسان آخر فالإنسان البسيط العادي ينبغي أن ينحصر تفكيره غالباً فيما من شأنه تطوير ذاته والرفع من مستوى أسرته الاجتماعي والمادي والثقافي والعمل على أن يؤمن لهم سبل الحياة الهانئة في حالة غيابه.

أما الإنسان الذي وهبه الله المال فينبغي أن ينصب تفكيره بأن هذا المال لم يوهب له عبثاً وعليه أن يحسن التصرف فيه بأن يكون سبباً لإصلاح أسرته وليس فسادها وأن يكون سبباً لكفاح أبنائه وتأمين مستقبلهم واعتمادهم على أنفسهم وليس عالة على والدهم وما يملكه من ثروة وأن يكون في ماله الوفير نصيب لذوي الحاجة وأعمال الخير ومنفعة الوطن وأن يكون فيه نصيب له هو في دنياه وآخرته (فنعم المال الصالح للرجل الصالح) إذ تشاهد في كثير من الأحيان أشخاص من ذوي المال ولكن لا يظهر عليهم ما يدل على ذلك ليس زهداً منهم فيه ولكنه بخلاً وشحاً أو عدم اهتمام، بل ترى بعض هؤلاء يقصر في بذل الصدقات على الفقراء والمساكين وأن أعطى من ماله فقليل جداً، بل إن بعضهم يقصر حتى في دفع الزكاة المفروضة.

وأما بالنسبة للمسؤولين وأصحاب الأعمال فإنه ينبغي ألا تصرفهم حركة العمل اليومية عن التفكير في تطوير إجراءات العمل وأنظمته بالإضافة إلى رفع مستوى أخلاقيات العمل وأن يخصصوا حيزاً من وقتهم لذلك بألا يحتفظوا بكل الصلاحيات لأن ذلك سوف يؤثر على مبدأ التفكير والتطوير المطالبين به، بل ينبغي عليهم منح العديد من الصلاحيات لمرؤوسيهم، فالوظيفة الحكومية أو الخاصة تؤدي خدمة للوطن والمواطن ولكي تكون هذه الخدمة نوعية ونموذجية ينبغي متابعتها بالتطوير والتحديث وهذا لن يتم إلا بالتفكير المستمر في إحداث سبل التطوير من قبل القياديين سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص. وأما بالنسبة لفئة الشباب فإن مبدأ التأمل والتفكير قد يكون مطلوباً منهم بأكثر من غيرهم لاعتبارات عديدة من أهمهما أن مرحلة الشباب هي المرحلة الذهبية للإنسان الذي فيها تكتمل قواه الفكرية والجسدية ومن تلك الاعتبارات أيضاً أن الشباب هم عدة المستقبل وأمله، فهم الذين سيتحملون المسؤوليات في كافة المجالات المتعلقة بخدمة الوطن والمواطن، ولذا فإن الشباب مطالبون بالمزيد من التأمل فيما من شأنه استغلال هذه المرحلة الذهبية بما يعود عليهم وعلى مستقبلهم وعلى وطنهم بالخير والتقدم وعدم إضاعة الوقت وإهداره فيمالا فائدة فيه وعدم الانصياع لدعاة الفتنة والإخلال بالأمن والإضرار بالوطن ومكتسباته ولنا المثل القدوة في ذلك في أسلافنا إذ لا يكاد يصل عمر الشاب منهم (15) سنة إلا وهو ناضج فكرياً وعملياً بل إن بعضهم ألف الكتب وكلف بقيادة المعارك وهو في هذه السن أو أزيد قليلاً.

وأما بالنسبة لفئة كبار السن فإن التأمل والتفكير مطلوب منهم أيضاً فهم الذين صقلتهم التجارب والخبرة وتجاوز العديد من المراحل، فالتأمل مطلوب منهم من أجل تقييم إنجازاتهم تجاه أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم فإن كان هناك ما يستدعي معالجة الثغرات فعليهم القيام بذلك، كما مطلوب منهم التأمل في المستقبل وماذا يجب أن يفعلوه من أجل أسرهم وتأمين مستقبلها وماذا عن صلتهم بربهم وما هي أعمال الطاعات التي يجب القيام بها لكي تكون خاتمة طيبة لهم وهم قد بدأوا رحلة العودة لله عز وجل.

وأما عن الأخوة الأفاضل العاملين في مجال الحسبة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأعتقد أنهم يدركون أن ديننا الحنيف هو الخاتم والشامل وأنه دين كل زمان ومكان وأن أهم ما يتميز به الوسطية والسماحة (بعثت بالحنيفية السمحة) ولذا فإن المؤمل منهم التفكير ملياً في عملهم وأنه ينبغي أن يستند إلى النصوص القاطعة والقواعد العامة التي أوردها الإسلام وليس إلى الاجتهاد الفردي أو الشخصي حتى تكون أوامرهم ونواهيهم مقبولة لدى المجتمع من دون إضرار مادي أو معنوي بأحد. أما عن سيدات مجتمعنا فمطلوب منهم الاعتقاد الجازم بأن لهن دورا كبيرا في المجتمع (النساء شقائق الرجال) كما هي عقيدتنا وأن كثيرا مما يواجهنه من قيود ووصاية ليس من الدين في شيء بل هو عادات وتقاليد، فالإسلام احترم المرأة وأقر حقوقها وجعل لها ذمة مالية مستقلة وحثها على طلب العلم والمعرفة واشترط موافقتها على شريك حياتها بل إن الأمر يتجاوز ذلك وهو عدم إلزامها بالخدمة في منزل زوجها أو بإرضاع ابنها وابنتها إلا برضاها، ولذا فإن التأمل والتفكير منهن ينبغي أن يكون في حدود هذه الأطر من دون إفراط أو تفريط.

Asunaidi@mcs.gov.sa

 

دعوة للتأمل والتفكير
د. عبدالله بن راشد السنيدي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة