Saturday  02/04/2011/2011 Issue 14065

السبت 28 ربيع الثاني 1432  العدد  14065

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في إطار التوسع السريع والتطور الكبير اللذين تشهدهما التربية الخاصة في المملكة العربية السعودية منذ عام 1417هـ عندما تبنت وزارة التربية والتعليم إستراتيجية تربوية تدعم فلسفات وسياسات البيئات الاندماجية على حساب الأنظمة العزلية.

وفي ظل الطفرة الكبيرة التي يشهدها التعليم العالي في بلادنا، طفقت الجامعات السعودية تتسابق في إنشاء أقسام التربية الخاصة حتى بلغ عددها في هذا العام الجامعي حوالي (20) برنامجاً غالبيتها على مستوى البكالوريوس، وبعضها على مستوى الدبلومات المهنية، وأقلها على مستوى الماجستير، وراح الطلاب والطالبات يلتحقون بها في أعداد كبيرة يدفعهم متغيران مهمان، الأول: قدرة وزارة التربية والتعليم في السنوات الماضية على استيعاب خريجي وخريجات التربية الخاصة، والثاني: الحوافز المقدمة لمعلمي ومعلمات التربية الخاصة.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة هو: هل ستستطيع وزارة التربية والتعليم استيعاب الأعداد الكبيرة المتوقع تخرجها في السنوات القادمة؟!

الإجابة على هذا السؤال يمكن أن تكون (بلا ونعم في آن واحد)، فإذا ظل الحال على ما هو عليه الآن، وهو حال تسود فيه الصورة النمطية بين الخطط الأكاديمية في معظم هذه الأقسام، ويتم التركيز على التخصصات التقليدية القديمة، فإن الوزارة لن تستطيع استيعاب هؤلاء الخريجين والخريجات، بل إنهم سوف يتكدسون في هذه التخصصات التي تشبعت بالخريجين والخريجات أو أوشكت على ذلك، الأمر الذي قد يسهم في مشكلة البطالة في بلادنا الحبيبة.

أما الإجابة (بنعم) فيقيناً تستطيع الوزارة أن تستوعب هؤلاء الخريجين والخريجات على مدى سنوات طويلة قادمة بشرط أن يتم التعاون والتنسيق والتكامل بين وزارة التعليم العالي ممثلة في أقسام التربية في الجامعات، ووزارة التربية والتعليم ممثلة في الإدارات المعنية بالتلاميذ ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، وذلك من خلال الاستفادة من فريق مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية لدعم وتطوير برامج التربية الخاصة في الكليات والجامعات السعودية، أو تشكيل فريق عمل بين الوزارتين تكون مهمته الرئيسة إعداد إستراتيجية وطنية متكاملة لتحديد طبيعة احتياج وزارة التربية والتعليم من الكوادر البشرية المتخصصة في التربية الخاصة كماً ونوعاً على مدى العشرين سنة القادمة، وبالذات في التخصصات الجديدة التي يحتاجها الميدان التربوي.

وتأسيساً على ما تقدم يتضح أن كثرة أقسام التربية الخاصة في الجامعات السعودية أمر إيجابي يؤدي إلى حل المشكلة الأزلية المتمثلة في النقص في الكوادر البشرية التي طالما عانت منها وزارة التربية والتعليم وحالت بينها وبين استكمال عملية تقديم خدمات التربية الخاصة لكافة التلاميذ الذين هم في حاجة إليها.

وتؤكد الإحصاءات المحلية والعالمية على صحة هذا الطرح، إذ إن أكبر تحد يواجه التربية الخاصة هو حجم المشكلة التي تواجهها، وهي مشكلة ذات بعدين: بعد كمي وآخر نوعي، فأما البعد الكمي فيتمثل في النسبة الكبيرة من الأطفال الذين هم في حاجة إلى خدمات التربية الخاصة، إذ تشير الإحصاءات العالمية إلى أن حوالي 20% من تلاميذ مدارس التعليم العام في أي بلد من بلدان العالم قد يحتاجون إلى خدمات التربية الخاصة (Hallahan الجزيرة Kauffman 2003).

وتجسيداً لذلك، فإن الإحصاءات الصادرة في العام الدراسي 2003-2004م عن مكتب التربية الخاصة والخدمات التأهيلية بوزارة التربية والتعليم الأمريكية توضح أن عدد التلاميذ الذين يستفيدون من خدمات التربية الخاصة في الولايات المتحدة في المرحلة العمرية من ثلاث إلى إحدى وعشرين سنة بموجب قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقات (The indivisuals wits disabilitie education act IDEA) يبلغ 6.633.902 تلميذ وتلميذة، وهذا العدد يشكل نسبة 13.7% من إجمالي التلاميذ الأمريكيين الملتحقين بمدارس التعليم العام في ذلك العام الدراسي.

وفي المقابل، فإنه يعتقد أن التلاميذ الذين يستفيدون من خدمات التربية الخاصة في العالم العربي يشكلون نسبة ضئيلة تقل عن 1% من إجمالي تلاميذ مدارس التعليم العام، وتشير الإحصاءات العربية إلى أن نسبة التلاميذ الذين يستفيدون من خدمات التربية الخاصة لا تتجاوز 2% إلى 3% من إجمالي التلاميذ المستهدفين بتلك الخدمات (الخطيب والحديدي، 1998، الخطيب والحديدي، 2003، القريوتي السرطاوي والصمادي 1995). وعلى الرغم من النمو الكمي والتطور النوعي اللذين شهدهما قطاع التربية الخاصة في المملكة، خصوصاً بعد بدء العمل بمقتضى إستراتيجية التربية الخاصة سنة 1417هـ، وما صاحب ذلك من زيادة كبيرة في أعداد التلاميذ الذين يستفيدون من خدمات هذا القطاع، إلا أن أعداد هؤلاء التلاميذ في القطاعات الحكومية والأهلية والخيرية لا تتجاوز -حتى الآن- 100.000 تلميذ وتلميذة، وهذا يعني أن التلاميذ الذين يستفيدون من خدمات التربية الخاصة في المملكة يشكلون نسبة 2.5% من إجمالي التلاميذ المسجلين بمدارس التعليم العام الذين يزيد عددهم في العام الدراسي 1425-1426هـ على 4.000.000 ملايين تلميذ وتلميذة حسب الإحصاءات الصادرة عن مركز الحاسب والمعلومات بوزارة التربية والتعليم، ويشكلون نسبة 12.5% من إجمالي التلاميذ المستهدفين بخدمات التربية الخاصة، الذين يقدر عددهم بحوالي 800.000 تلميذ وتلميذة حسب النسبة العالمية المشار إليها آنفاً.

وحسب النسبة التي تمخضت عن نتائج البحث الوطني لدراسة الإعاقة لدى الأطفال دون سن السادس عشر الذي أجراه مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة سنة 2000م، وهي 6.3% فإن عدد التلاميذ المستهدفين بخدمات التربية الخاصة يقل بحيث يصبح 252.000 تلميذ وتلميذة، في حين ترتفع نسبة الذين يستفيدون من خدمات التربية الخاصة في المملكة لتصل إلى حوالي 40% على أنه ينبغي النظر في هذه النسبة كمؤشر للجانب الكمي من حجم مشكلة التربية الخاصة بالمملكة في ضوء أنه على الرغم من أن هذه الدراسة تعتبر أفضل دراسة مسحية في مجال الإعاقة بالمملكة حتى الآن، إلا أنها عانت -مثل الكثير من الدراسات المسحية- من قصور تمثل في عدم قدرة أدواتها على اكتشاف الكثير من الإعاقات الخفية الخفيفة لعدم حساسيتها لتلك الإعاقات التي تشكل غالبية الإعاقات في المجتمع المدرسي.

وفي كل الأحوال، فإن نسبة المستفيدين من خدمات التربية الخاصة في المملكة تعتبر متدنية بمقاييس الإحصاءات العالمية، إلا أنها أعلى بكثير من التقديرات التي تشير إليها الإحصاءات العربية.

وأما البعد النوعي، فيتمثل في تعدد فئات التربية الخاصة، إذ يزيد عدد الفئات التي تعنى بها التربية الخاصة على أكثر من اثنتي عشرة فئة، بل إن الفئة الواحدة تتشعب إلى أكثر من فئة، فعلى سبيل المثال المعوقون بصرياً ينقسمون إلى مكفوفين وضعاف بصر، والمعوقون سمعياً ينقسمون إلى صم وضعاف سمع، والمتخلفون عقلياً ينقسمون إلى قابلين للتعلم وقابلين للتدريب وفئة اعتمادية، وفوق هذا كله، فإن الفئة الفرعية تتكون من مجموعة غير متجانسة من الأطفال، الأمر الذي يستوجب إعداد برنامج فردي لكل طفل على حدة.

ولا شك أن هذا التعدد، والتشعب في فئات التربية الخاصة، وذلك التفاوت الكبير في القدرات والمهارات بين أفراد الفئة الواحدة يستدعي تكثيف الجهود ومضاعفاتها في سبيل الارتقاء بكم ونوع البرامج والخدمات المقدمة لكل فئة من هذه الفئات حسب خصائصها واحتياجاتها بما في ذلك الاهتمام بالجوانب الكمية والنوعية للكوادر البشرية العاملة في مجال التربية الخاصة.

مستشار التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم

 

كثرة أقسام التربية الخاصة في الجامعات السعودية.. هل هي مشكلة أم حل لمشكلة؟!
د. ناصر بن علي الموسى

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة