Monday  04/04/2011/2011 Issue 14067

الأثنين 30 ربيع الثاني 1432  العدد  14067

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ما برح المعنيون بالشأن التربوي يتحاورون ويتجادلون عما إذا كان هناك فرق في المعنى بين مصطلحي التربية والتعليم، فهماً وتطبيقاً، وعما إذا كانا مترادفين معنى أم متكاملين مهمة، وكعادتي في التطفل على الإخوة التربويين الكرام، فقد منحت نفسي اليوم، كما فعلت من قبل، فرصة الحديث عن هذين المصطلحين، محاولاً طرح رؤية خاصة حولهما أوجزها في المحاور التالية:

تقترن التربية في تقديري المتواضع بمفهوم تنمية الفهم الإبداعي للمعرفة، وتأثير ذلك على الفكر والسلوك، أما التعليم فينصب على آلية تلقين المرء المتلقي منظومة مركبة من المعلومات أو المهارات أو القدرات المدونة نصاً أو المتوارثة عرفاً وتقليداً، والتلقين في هذه الحالة يتم إما باستيعاب النص المكتوب حفظاً، أو بتقليد ما تتلقاه حواس المتلقي من مصدر التلقين فتختزنه ذاكرته، وتستدعيه عند الحاجة.

وأضرب لذلك مثلاً: قيادة السيارة لها وجهان، أحدهما تلقيني، بمعنى أن المتلقي يتعلم الآليات والمهارات التي تمكنه من القيادة، فذاك شق التعليم، ولكن ترتبط بالقيادة أخلاقيات ومفاهيم وبديهيات إنسانية لا يدركها المتلقي عبر آلية التعليم وحده، بل لابد من معايير أخلاقية وسلوكية أخرى تغرس في عقل ووجدان السائق، فذاك شق التربية!

وإذا جاز لنا الأخذ بمقولة الاختلاف في المعنى بين التعليم والتربية، جاز لنا الاستنتاج بأن هوية تجربتنا التعليمية المعاصرة هي في معظمها أقرب إلى (التلقين) من التربية، وإلا فما قولكم في حرص العديد من الطلاب والطالبات في مدارسنا وجامعاتنا على إتلاف كتب المقرر وكراساته في نهاية كل عام إما بحرقها أو بإهمالها إهمالاً يصيرها إلى العدم؟! ما قولكم في حرص معظمهم على استظهار النص المكتوب، لا حباً فيه، ولكن خوفاً من المعلم، أو طمعاً في رضاه، وإذا كان هذا المعلم واحداً من (مخرجات) آلية التعليم ذاتها، فماذا عساه أن يفعل خلافاً لذلك؟!

والأهم من ذلك كله أن عقل الطالب أو الطالبة يتحول نتيجة تلك الآلية إلى وعاء لتخزين المعرفة، والمعرفة هنا أشبه ما تكون بغذاء مفرغ في (علب) يتغير بمرور الزمن، لوناً وطعماً ورائحة، وقد يصبح بعضه فاسداً بعد حين لعدة أسباب تتعلق بأحوال البيئة وظروف الزمان والمكان!

وكذلك المعرفة، بعضها (يعلب) في العقول شهوراً أو سنيناً، ثم يتغير بفعل دينامية الزمن، وإبداع الإنسان المتجدد الذي (لا يصبر على طعام واحد)، فما يزال يجرب، ويكتشف، وينظر، ويقارن، ويستنتج، ليأتي في كل زمان بجديد، فرضية الأمس تغدو اليوم حقيقة، لكنها قد تفقد فاعليتها غداً أو بعد حين، بفعل ما يطرأ عليها من تغييرات، تحديثاً أو تصويباً أو إضافة، ونحو ذلك!

التربية في الختام أمر جد مختلف عن (التعليم)، فهي تنمية وتنشيط خصوصية الإبداع في وجدان طالب العلم، وهي بناء العقول الشابة بصقل قدرتها على فهم واستيعاب مفردات الحياة، والتعامل معها بحكمة ووعي وإبداع، والأمل بعد الله كبير جداً في أن يفلح برنامج التطوير التربوي الطموح الذي اعتمدته حكومة سيدي خادم الحرمين الشريفين أيده الله في التصدي لرواسب الماضي والحاضر التي تعوق مسار التربية، وتضعف مخرجاتها.

 

الرئة الثالثة
التربية والتعليم: تكامل في المهمة.. لا ترادف في المعنى!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة