Tuesday  05/04/2011/2011 Issue 14068

الثلاثاء 01 جمادى الأول 1432  العدد  14068

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

أنفقت المملكة مئات المليارات دعما للقطاع الزراعي، وخصصت مساحات شاسعة للمواطنين الذين تسابقوا للحصول على المنح الزراعية التي وصل بعضها إلى ملايين الأمتار. فرطت وزارة الزراعة، والوزارات ذات العلاقة بمساحات شاسعة كان من الممكن المحافظة عليها للأجيال القادمة؛ أو لاستغلالها في التنمية الصناعية.

كثير من الأراضي والقروض الزراعية استثمرت في مجالات لا علاقة لها بالتنمية الزراعية، وبعضهم استغل نفوذه للحصول على مخططات زراعية تحولت مع مرور الوقت إلى مخططات سكنية، ومجمعات، ومحطات للوقود. المستثمرون، والمزارعون الحقيقيون واجهوا حقيقة الاستثمار الزراعي بعد أن شحت المياه، وجفت العيون، وتقلص الدعم نتيجة تغير الأنظمة الحكومية. تحولت قناعات وزارة الزراعة، من تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير، إلى الاستيراد، حفاظا على ما تبقى من المخزون المائي.

فشلت إستراتيجية التنمية الزراعية، وخلفت لنا الخسائر الفادحة، وعلى رأسها تحول ملكية أراضي الدولة إلى مجموعة محدودة من المواطنين؛ وأصبحت الدولة غير قادرة على توفير الأراضي السكنية لمواطنيها، واضطرت في بعض الأحيان إلى تعويض ملاك المزارع لنزع ملكياتهم لمصلحة بعض المشروعات الحيوية.

تخصيص الأراضي الزراعية حرم القطاع الصناعي من مساحات كان من الممكن استغلالها في إنشاء المدن الصناعية، وتطوير الصناعة ونقل التقنية، والتوسع في قطاع الصناعات التحويلية الداعم الرئيس للاقتصاد، والأكثر خلقا للوظائف. تمتاز المملكة بثرواتها الطبيعية القادرة على فتح أبواب التنمية الصناعية على مصراعيها، وعلى أسس علمية وجدوى اقتصادية؛ كل ما يحتاجه القطاع الصناعي هو توفير البيئة الحاضنة لصناعاتهم التحويلية، والإستراتيجية الوطنية الداعمة للقطاع الخاص؛ يعاني المستثمرون من شح كبير في المدن الصناعية؛ بعض المناطق الصناعية استغلت في تشييد ورش لإصلاح السيارات، ومستودعات عديمة الجدوى؛ هناك فارق كبير بين المدن الصناعية المخصصة للصناعات بأنواعها، وأحجامها، والمجمعات المشغولة بورش مُساندة، ونحو ذلك. نحن نتحدث عن مدن صناعية متخصصة حاضنة للصناعات المختلفة التي تمثل القاعدة الأساسية لدعم الاقتصاد. كثير من الصُناع، والمستثمرين في انتظار الحصول على الأرض الصناعية التي تمكنهم من تنفيذ مشروعاتهم الطموحة؛ البعض منهم لا يريد دعما، ولن يحمل الدولة مصاريف إضافية لإيصال الماء والكهرباء؛ وكل ما يبحثون عنه وجود الأرض المناسبة، أو على الأقل التصريح لهم باستغلال بعض أملاكهم في الأنشطة الصناعية، وفق معايير بيئية صارمة. سخاء الجهات المسؤولة في منح المساحات الزراعية للمواطنين، على الرغم من ضرره الفادح على مخزون المياه، قابله تقتير واضح في منح الأراضي الصناعية وإنشاء المدن المتخصصة التي يمكن من خلالها دعم الإستراتيجية الصناعية.

من المفترض أن تحظى جميع مدن المملكة، بمجمعات صناعية حديثة، توفر للصناع والمستثمرين البيئة المناسبة لإقامة مشروعاتهم الصناعية التي تسهم في دعم الاقتصاد، خلق الوظائف، وزيادة الناتج المحلي؛ الصناعة هي الخيار الإستراتيجي للمملكة، وما لم تضع الدولة ثقلها في هذا الجانب، فستفقد الكثير من الفرص الاستثمارية والتنموية التي تبحث عنها الدول الأخرى. مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين نموذجان للتخطيط الإستراتيجي الحكيم؛ نحن نبحث عن نماذج مشابهة في جميع مناطق المملكة، ونماذج مصغرة لتجربتي الجبيل وينبع في جميع المدن والمحافظات شريطة أن تكون وفق المعايير العالمية والحاجات الأساسية، والخطط الإستراتيجية المُحكمة. يمكن للجهات المسؤولة مراجعة المنح السابقة، واستثمار بعض المناطق المخصصة للأنشطة الزراعية في مجالات الصناعة؛ حتى الآن لم أستوعب تخصيص مناطق عالية الملوحة (سبخة)، شحيحة المياه للأنشطة الزراعية؛ في الوقت الذي لا نجد فيه مساحات حاضنة للصناعات الوطنية؛ مثل تلك المناطق القاتلة للزراعة يجب أن تُستغل لإنشاء المدن الصناعية الحديثة التي يبحث عنها الصناع والمستثمرون، ويحتاجها الاقتصاد الوطني. الصناعة هي الخيار الإستراتيجي للمملكة، ويمكن من خلالها تنويع مصادر الدخل، والانعتاق من هيمنة النفط على الموارد المالية. الدولة لن تستطيع توفير مزيد من الوظائف في المستقبل، إلا أنها قادرة على دعم القطاع الصناعي من خلال التوسع في إنشاء المدن الصناعية، وتوفير البنية التحتية التنافسية التي يمكن من خلالها بناء قاعدة صناعية عريضة تُسهم في خلق الوظائف ودعم الاقتصاد.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM

 

أيهما أولى بالدعم: الصناعة أم الزراعة؟
فضل بن سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة