Thursday  07/04/2011/2011 Issue 14070

الخميس 03 جمادى الأول 1432  العدد  14070

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

لقد فعلها الملك الكريم أبو متعب. جذب الأحلام من بياتها في الأدمغة لتبصر نور الواقع. وما هو نور الواقع؟ إنه عشرون أمراً ملكياً صدرت في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر ربيع الثاني عام 1432هـ.

ليس سهلاً أن نقف عند كل أمر من هذه الأوامر. لكنني أختار بعضها لتأكيد ما يتطلب تنفيذها من فكر تخطيطي سليم خالٍ من الارتجال والفهم السطحي وإن كان ذلك من قبيل تحصيل الحاصل.

أولاً - حلم الإسكان:

حقيقة أن رفع القرض الذي يمنحه الصندوق العقاري إلى خمسمائة ألف ريال (وكان قد تم دعمه بأربعين مليار ريال قبل بضعة أسابيع) وتخصيص مائتي مليار ونصف المليار ريال لبناء نصف مليون وحدة سكنية - شيء كان حلماً والآن يوشك أن يكون واقعاً. ولأن الإسكان هو صمام الأمن الاجتماعي - كما أثبتت ذلك تجارب الدول -فإن لهذا الأمر الملكي بعده الاستراتيجي العميق، إذ إنه بعد التنفيذ سوف يصبح 80% من المواطنين ملاك مساكن - كما صرح أحد كبار العقاريين (الاقتصادية 14-4-1432هـ).

ولعل ذلك لا يتطلب لتحقيقه أن تكون المساكن على شكل وحدات منفصلة (فليلات) حتى لا تتمدد المدن أكثر مما هي متمددة في الوقت الحاضر على حساب الحيوية الاجتماعية وعلاقات الجوار وعلى حساب البنية التحتية ولا أن تكون شققاً مكدسة في عمائر شاهقة الارتفاع يسود فيها الضجيج والتزاحم. بل لعلها الفرصة الكبرى للتحول إلى ثقافة سكنية عصرية لا تنغصها مشكلة غلاء الأراضي ولا مرارة الحاجة للعمالة المنزلية التي تزداد صعوبة عاماً بعد عام. وأعني بذلك إنشاء أحياء سكنية تتكون من عمائر لا تعلو أكثر من أربعة طوابق ذات شقق واسعة مريحة تناسب العائلة العصرية وتضم كل مجموعة من العمائر فيما بينها مرافق لاستراحة العوائل ومرح الأطفال ومواقف السيارات، ويمكن لأصحاب (أو سكان) هذه العمائر أن يتعاقدوا مع مؤسسات للصيانة والنظافة للقيام بأعمال النظافة والصيانة والحراسة. وفي داخل بعض المدن - كالرياض مثلاً - أراضٍ بيضاء كثيرة أو أحياء قديمة شبه مهجورة تصلح لإنشاء أحياء جديدة فسيحة عامرة بالسكان ونابضة بالحياة المدنية. وعلى أي حال فلكل مدينة أو بلدة ما يناسبها حسب حجم سكانها. وحتى الإقراض من الصندوق يمكن أن يشمل تمويل شراء الشقق في عمائر يبنيها المستثمرون وتنسجم مع أهداف الصندوق. إن إنشاء وزارة للإسكان لا يرفع فقط مرتبة الأولوية التي توليها الدولة لقضية الإسكان، بل إن رئاسة وزيرها لمجلس إدارة الصندوق سوف يؤدي إلى وضع وتنفيذ سياسة إسكان وطنية منسقة. ولكن هل الوزارة بما هو مألوف من بيروقراطية الوزارات - خير بديل عن هيئة الإسكان الملغاة؟ من حيث الإشراف على تنفيذ المشروع وقيادته؟

وفي ذات السياق لا بد من التنويه بأهمية قيام بعض جهات العمل (حكومية أو أهلية) بتيسير حصول منسوبيها على المسكن كحافز للعمل والتمسك بالوظيفة فإن هذا من شأنه أن يكون رافداً قوياً لخطط الإسكان التي تمولها الدولة.

ثانياً: المدن الطبية وقروض إنشاء المستشفيات الخاصة:

العامل المشترك بين هذين الموضوعين هو تحقيق انتشار أوسع وتغطية أشمل بالرعاية الطبية. فهنالك أولاً دعم وزارة الصحة بستة عشر مليار ريال لإنشاء واستكمال إنشاء خمس مدن طبية وأقسام للعناية المركزة. تلك المدن الطبية موزعة على خمس جهات بالمملكة، ففي الشرق الدمام وفي الشمال الجوف وفي الغرب مكة المكرمة وفي الجنوب أبها وفي الوسط الرياض. هذا بالطبع إلى جانب ما هو موجود من مدن طبية أخرى في مدينة الرياض. وهي سوف تضيف كما قال معالي وزير الصحة - سبعة آلاف سرير إلى ما يربو على خمسين ألف سرير بالمملكة. لكن الأهم من هذه الإضافة العددية هو ما ينتظر منها من حيث شمولية التغطية ورقي الكفاءة في تقديم الرعاية الطبية. فإن المدن الطبية مستشفيات مرجعية كبيرة تسخر لها - كما يجب أن يكون - أفضل التجهيزات الطبية والكفاءات المهنية. وسوف تحتاج الجهة التي تشرف على هذه المدن الطبية (سواء كانت الوزارة نفسها مباشرة، أو هيئة مستقلة ذات مرونة مالية وإدارية تفسح المجال لهذه المدن في إدارة نفسها ذاتياً) إلى جهود جبارة لتوفير الكفاءات البشرية. وسوف يتطلب ذلك تعاوناً وثيقاً بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي، إذ إن الأخيرة سوف تكون المصدر الأساسي لتلك الكفاءات من أطباء وممرضين وفنيين وإداريين، فقد أنشأت في كل منطقة كليات للطب وطب الأسنان والصيدلة والتمريض والعلوم الطبية التطبيقية والعلوم الصحية الأخرى. وفي مقابل ذلك تقدم هذه المدن الطبية فرصاً كبيرة لتدريب وتعليم الطلاب وتوظيفهم بعد التخرج والتخصص. وفي المدن التي تنشئ بها وزارة الصحة مدناً طبيبة تنشئ وزارة التعليم العالي أيضاً مستشفيات جامعية. كما أن وزارة الصحة تزمع إنشاء مراكز للبحوث في المدن الطبية. ومن المؤكد أن المشاركة في الاستفادة من الموارد والتنسيق في الإشراف والتعاون في تقديم الخدمة سوف يؤدي إلى مزيد من الكفاءة وترشيد الإنفاق وتعظيم الفائدة من الإمكانات المتاحة. وعلى أي حال فإنه يتوقع من تلك المستشفيات المرجعية أن تجعل من شد الرحال إلى البلدان المجاورة - أو حتى إلى الرياض - ذكرى من ذكريات الماضي.

جنباً إلى جنب مع هذا الدعم السخي صدر الأمر الملكي برفع سقف القرض الذي يمنح للقطاع الخاص لإنشاء المستشفيات الخاصة إلى مائتي مليون ريال.

هذا المبلغ الكبير سوف يحفز القطاع الخاص إلى الاستثمار في إنشاء المستشفيات الخاصة أو المراكز الطبية المتخصصة في مناطق المملكة كافة - بما فيها تلك التي كان القطاع الخاص يتجنبها لضآلة جدواها. تذكروا أن قرار منح القروض بسقف بلغ (50) مليون ريال في عام 1394هـ ساهم في زيادة عدد المستشفيات الخاصة من (19) مستشفى عام 1394هـ إلى (31) مستشفى عام 1404هـ ثم إلى (91) مستشفى عام 1420هـ (كتاب النظام الصحي السعودي - 1430هـ) لا ريب أن زيادة عدد المستشفيات الخاصة سوف يقلص من مشكلة نقص الأسِرّة، وسوف يوفر الخدمات الفندقية التي قد لا تتوافر في المستشفيات الحكومية وسوف يتيح للمرضى سرعة الحصول على خدمة الأخصائيين وعلى قرب المواعيد، هذا على الأقل ما يراود مخيلة بعض الباحثين عن العلاج.

ولكن من يدفع تكلفة ذلك. فليس كل مواطن قادراً على الدفع. لذلك إن لم يتسع نطاق التأمين الصحي ليشمل جميع شرائح المجتمع، فسوف يحزم المستثمرون (عفشهم) ويقفلون راجعين إلى عقر دارهم. لقد ابتدع التأمين الصحي - أصلاً- لكي يؤمن تغطية ما يجب دفعه من تكاليف الخدمات الصحية - بصرف النظر عن نوع جهة التأمين - حكومي، اجتماعي، خاص-. وفي دراسة أجرتها الخدمات الصحية المدرسية بتعليم البنات قبل عدة سنوات بين عينة كبيرة من المعلمين والمعلمات، أرجع أغلبهم تأييده لنظام التأمين الصحي إلى الرغبة في الاستفادة من الخدمات الطبية الخاصة. وفيما يظهر فإن التأمين الصحي آت آت. وإن كان ذلك ليس بالصورة التي هو عليها الآن، التي لا تشجع على تأمين شامل. لكن انتشار المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة سوف يمهد الطريق أمام تعميم تطبيقه.

 

الملك أمر ... فما الذي نرجوه مع التنفيذ ؟ 1-2
عثمان عبدالعزيز الربيعة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة