Sunday  10/04/2011/2011 Issue 14073

الأحد 06 جمادى الأول 1432  العدد  14073

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ما الذي يجري بالضبط؛ بين إيران أحمدي نجاد، وبين جيرانها العرب المتاخمين لها من غربيها، من باب المندب جنوباً، حتى زاخو شمالاً..؟

المعطيات السياسية تقول، بأن واقعاً جديداً فرضته إيران على شكل هلال شمالي، يبدأ من العراق مروراً بسوريا وجنوبي لبنان حتى غزة في أرض فلسطين،

وأن هلالاً آخر بدأ يتشكل من الجنوب، مروراً بسواحل الخليج العربي حتى صعدة مقر الحوثيين في شمالي اليمن، ولكن الأخير هذا؛ لم يكتمل بعد، ولم يتبلور في صورة نهائية تعكس الوجود الإيراني الذي أصبح ملموساً في العراق وسوريا ولبنان، ثم في غزة إلى حد ما.

* الحضور الإيراني في أي بقعة جغرافية أو سكانية خارج حدود الدولة الإيرانية، يأتي على شكل غزوات بصور شتى، فهي مرة بصورة ثقافية، ومرة أخرى بصورة مذهبية، وثالثة بصورة سياسية، وهذه آخر الصور التي عادة ما تعقب التوغل باسم المذهب، لأن إيران بعد الثورة الخمينية، تجهد بشكل كبير من أجل تصدير (الثورة الإسلامية) كما تسميها، ولو جاء هذا تحت شعار ديني، وجاء على حساب أمن وراحة ثمانين مليون إيراني، لم يكونوا كلهم مع ثورة الخميني في منطلق الثمانينيات من القرن الميلادي الفارط، وبكل تأكيد، هم ليسوا كلهم اليوم، مع نزوات وغزوات أحمدي نجاد، بدليل المظاهرات اليومية في طهران وفي مدن إيرانية كبيرة، وبدليل القتل والسحل الذي تمارسه حكومة أحمدي نجاد ضد الإصلاحيين وضد زعاماتهم من الشعب الإيراني، وكذلك ضد ملايين السنة في إيران، وضد عرب الأهواز بشكل خاص. وفي الوقت الذي تتلطخ فيه أيدي أحمدي نجاد وخامنئي وملالي الحكم هناك، بدماء الأبرياء الإيرانيين داخل إيران نفسها كل يوم، تذرف أعينهم الدمع ليل نهار، على جرحى لمظاهرات في المنامة، أو في مكان آخر من عواصم ومدن عربية في الدول العربية جمعاء.

* استطاعت حكومة أحمدي نجاد ومرشد الثورة علي خامنئي، تسويق كذبة كبرى، تتمثل في غيرة إيرانية على الإسلام والمسلمين، وانطلاقاً من ذلك، أوهمت القليل من الشيعة العرب؛ بأنها تحميهم وتدافع عنهم، وأنهم أقرب إليها بحكم المذهب الشيعي، وأن العرب السنة هم أعداء للشيعة. هذه من أكبر الحيل والخدع التي وقع فيها بعض الشيعة وبعض السنة على حد سواء، ففي الوقت الذي صدّق فيه بعض الشيعة هذه المزاعم، وأبدى مواقف سلبية مع مواطنيه وأوطانه، انعكس هذا سلباً على بعض السنة، الذي ابتلع الطعم الإيراني الخبيث، فوقر عنده عداء الشيعة كلهم لأهل السنة، فحدثت فجوة أو فجوات بين مواطني البلد الواحد من السنة والشيعة، ووقع ما شاهدناه في البحرين على سبيل المثال، وما عشناه قبل ذلك بين مواطني العراق وهم عرب أقحاح، لم يفرقهم تشيعهم ولا تسننهم، بل إن تعدد مذاهبهم كان مصدر إثراء لمواطنتهم على مدى عقود طويلة.

* إذا كان هناك من الشيعة العرب، من يراهن على مستقبله مع إيران أحمدي نجاد الصفوية، فهو خاطئ إلى حد بعيد، لأنه ربما لا يعرف أن إيران من داخلها دولة ليبرالية إلى درجة كبيرة، فتدينها موجه للخارج، وما تظاهرها بالتدين، وجهدها الدؤوب على نشر المذهب الشيعي الخاص بها، إلا حيلة من أجل فرض وصايتها المذهبية على الشيعة في العالم من غير الإيرانيين، ومن ثم فرض سياستها على الدول والشعوب المحيطة بها، ثم تصدير الثورة الخمينية التي تفرض بموجبها هيمنتها على المنطقة.

* إن العرب شيعة وسنة، يجب أن يتنبهوا إلى الخطر المحدق بهم. فالقضية ليست بين العرب سنة وشيعة، والمعركة القادمة يراد لها أن تكون مذهبية، وتبدأ بين العربي السني والعربي الشيعي، وبعد انتهاء المعركة- معركة البلهاء- حيث لا يكون أمام إيران سوى خاسر سني وخاسر شيعي، يأتي السيد المعمم ليقطف الثمرة، ويرمي بالخاسرين إلى حيث ألقت.

* ليس من مصلحتنا كمواطنين عرب في محيطنا العربي- والخليجي على وجه خاص- أن نختصم مذهبياً، وأن نفترق مذهبياً، وأن نضحي بأمننا واستقرارنا وسيادتنا، من أجل خلافات مذهبية ليس الوقت وقتها، ولا الظروف الإقليمية والدولية مواتية للجدل فيها.

* جاء وقت عقلاء العرب. عقلاء الشيعة والسنة من المسلمين وهم الكثرة الكاثرة، من علماء ومفكرين وقادة وساسة، في كل بلد عربي على حدة، وفي المجموع العربي كله، أن يلتفوا حول بعضهم، وأن يتحدوا، وأن يؤجلوا جدلياتهم المذهبية إلى حين، لتقوية لحمتهم الوطنية الواحدة، ولحماية أوطانهم من التمزق، وأن ينأوا بأنفسهم عن مستنقع قذر يُدفعون إليه، من طريق الخلافات المذهبية، التي تغذيها إيران أحمدي نجاد وخامنئي.

* إيران .. تحشر نفسها اليوم بشكل فاضح، في الشأن العربي كله، وليس فقط في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وهي إذا كانت تعتقد أن بوسعها استمالة الشيعة العرب إلى صفها، لخلخة أمن دول المجلس، وزعزعة استقرارها، ومن ثم الاستفراد بها وتركيعها، فهي واهمة، لأن أمن العرب كلهم شيعة وسنة، هو أمن واحد لا يتجزأ، فالمواطنة كل واحد لا يتجزأ، وزيادة على ذلك، فإن دول الخليج العربي، ليست بالضعف الذي تظنه إيران، وهي من خلفها كل العرب، وكل مسلمي العالم، وكل دول العالم في الشرق والغرب على حد سواء، فالمنطقة التي تزود العالم بحاجته للنفط، دون منغصات سياسية، أو مزايدات اقتصادية، أو تهديدات نووية، هي محط أنظار العالم بدون شك، وهي في مركز اهتماماته السياسية والعسكرية.

* إيران تتآمر.. إيران تمارس اللغوصة، وتغذي نيران الفتن في المنطقة.. إيران تتفلت من مشاكلها الداخلية، وتتهرب من فشلها السياسي، وتلقي بكل ذلك على جيرانها في البحرين والسعودية والكويت وقطر والإمارات وعُمان. إيران تلعب بالنار، وهي لم تتعلم بعد، من درس الهالك صدام حسين ونظامه العدواني.

assahm@maktoob.com
 

غزوات (إيرانية).. على صهوات (مذهبية)..!
حمّاد بن حامد السالمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة