Monday  11/04/2011/2011 Issue 14074

الأثنين 07 جمادى الأول 1432  العدد  14074

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

وتعود إلينا جنادرية هذا العام، في دورتها السادسة والعشرين، لتشعل النفوس نشوة بلقاء الماضي، أصالة وعبقاً وبهاءً، رغم تواضع إمكانات الأجداد.. وشح مواردهم، وانخفاض سقف توقعاتهم!

نعم.. تعود الجنادرية هذا العام فخورة بموسمها السادس بعد العشرين، ويتجدّد بحضورها الأمل أن تزهو على سابقاتها فكراً وفناً وعروضاً تراثية تشدّ الألباب، وبعودتها، يتكرر السؤال: لماذا لا تعقد فعاليات الجنادرية كلّ عامين؟ أو: لماذا لا تُستضاف الجنادرية في أكثر من منطقة في المملكة، بدلاً من الرياض تحديداً؟

وتعليقاً على مضامين هذين السؤالين أتطوع بالمداخلة التالية:

1) التحمت الجنادرية اسماً ومكاناً ومناسبة بالموقع الذي تُعقدُ فيه كلّ عام، وغدتْ معلماً ثقافياً وموسماً إبداعياً تجاوز الرياض ليشع سناءً في أرجاء الوطن، شماله وجنوبه، وشرقه وغربه، بدليل أن لكل منطقة فيه حضوراً مميزاً يجسد تراثها وتقاليدها وجزءاً من تاريخها، وتشارك فيه فعاليات متعددة المواهب والمهن والعروض الفنية خرجت كلها من رحم تلك المناطق!

والجنادرية تظاهرة وطنية سامية المعاني، رفيعة المستوى، تبدأ بالإنسان السعودي، وتنتهي به، وتصوغ من سيرته ملحمة يتعانق من خلالها الماضي بالحاضر في مشاهد (سيمفونية) مبدعة!

3) أما الدعوة لعقدها كل سنتين فلا أرى لذلك حجة ولا سبباً، لأن الجنادرية باتت حدثاً وطنياً منقوشاً في الذاكرة والوجدان العام، يتجدد رسمه كل عام، ونترقب عودته سنوياً بمشاعر يتقاسمها الفرح والفخر والكبرياء بتراث أمس بلادنا وحاضرها.

وفي ذات السياق، بلادنا ليست كبعض أقطار العالم الآخر التي تشهد شعوبها عبر العام الواحد أكثر من مهرجان متعدد الأغراض والأطياف والفعاليات، ولذا، أرجو ألا يستكثر علينا أصحاب هذا الموقف احتفاءنا بهذه المناسبة الإبداعية سنوياً لأننا نتلهف شوقاً إليها كل عام.. فكيف بعامين!

وهناك سؤال آخر محفوف بشيء من الشك لدى البعض يتمحور في الصيغة التالية: لماذا الجنادرية؟

ومرة أخرى، أتطوع بالردّ انطلاقاً من استلهام شخصي، بعيداً عن أدبيات الوصف وبلاغيات التعبير فأقول:

ولِمَ لا.. الجنادرية؟!

1) هناك مَنْ يرى فيها مناسبة يستدرُّ من خلالها جيل الحاضر.. العبرةَ والنصيحةَ والعزمَ من سلفه الغابر.. وفرصة يربط بها بين هوية حاضره وسيرة ماضيه ويتذكر ما كان عليه الآباء والأجداد من عسر وخوف.. وفروسية وفداء وعزم وحلم وصبر يفلُّ المستحيل!

نعم.. إنها مناسبة نقتبس منها ذلك كلَّه.. ملامح ورؤى تتعطر بها سيرة الأجداد، وهم يمتطون صهوة والحلم نحو غدٍ يحيل عسرهم يسراً.. ويؤصل تلك الهوية في وجدان الجيل الوارث تشريفاً لها وتكريماً!

كنت يوماً ممّن سألوا وتسَاءلوا.. لماذا الجنادرية.. واهتديت إلى أكثر من جواب.. أطفأَ في ذهني ظمأ السؤال، ونهلتُ من رؤيته وسناه الكثير عبْر ربع قرن هو عُمْر هذا الحدث المهيب!

وبعد.. فقد.. كنتُ وما زلتُ أتمنَّى أن تقوى.. وتثْرى صلةُ الجيل الشاب بهذا الحدث الجميل، حفاظاً على كرامة الانتساب إلى هذه الأرض الطيبة، وتجذيراً لهوية وطنية تكاد تهمشها آلية هذا العصر وماديته.. بإيقاعه السريع.. بقيمه التي ينسخ بعضها بعضاً.. بصخبه اللاّهث الذي اختطف ركضّه المريع لحظة الهدوء في وجداننا.. فلم نعد ندري.. إن كنّا نأكل لنعيش أم نعيش لنأكل، وأخشى أن لا نحسن بعد ذلك الركض في مدارات الحياة فلا ندرك فيها وسيلة ولا غاية!

 

الرئة الثالثة
للمرة السادسة والعشرين: لماذا الجنادرية؟!
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة