Tuesday  26/04/2011/2011 Issue 14089

الثلاثاء 22 جمادى الأول 1432  العدد  14089

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

رعاية المملكة لكتبة القرآن الكريم وخطاطيه
معالي الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ *

رجوع

 

إن أعظم نعمة أنعم الله بها على عباده هي نعمة الإسلام، فأنزل سبحانه كتابه العظيم القرآن الكريم فيه آيات محكمات، وفيه هدى للناس وفلاح وصلاح وتوفيق، وما عز أمر أمة وعلا شأنها إلا بامتثالها لكتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وقال جل شأنه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9) سورة الإسراء.

إن كتاب الله عز وجل هو أصل الشريعة ومرجع العلم ومصدر التشريع، وطريق أمتنا التي بلغت به حضارتها العظيمة مبلغاً لم يبلغه سواها، فقد أنزله الحكيم الحميد نوراً وهدى للناس، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي..» أخرجه مسلم.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين» أخرجه مسلم.

إن حفظ القرآن الكريم وتلاوته والعمل به وعنايته وخدمته من أهم الواجبات ومن أعظم الأعمال التي يتقرب فيها إلى الله جل شأنه، ففي ذلك صلاح للإنسان وفلاحه واستقامته وهداه، لاسيما وأننا في أمس الحاجة إلى التمسك بالقرآن الكريم كلام الله ونوره المبين.

ومن صور التكريم والتشريف أن نزل هذا القران باللغة العربية فتشرفت به وزهت وكانت هذه اللغة هي لغة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي نطق بها المصطفى حيث كانت أبلغ إعجاز وصارت عنوان الشريعة ووعاء علومها، والأداة في الخطب والكتابة، حيث برز الخط العربي كفن من الفنون وملكة إبداعية وفن متميز حظي بالاهتمام والعناية عند العرب والمسلمين، وقد شجَّع النبي الصحابة على تعلُّم الكتابة، وسلك في ذلك وسائل مختلفة، حتى بلغ كُتَّاب الوحي أكثر من أربعين كاتباً، ثم تنوَّعت مظاهر العناية بالقرآن الكريم بعد الرعيل الأول، وبخاصَّة من ناحية كتابة المصحف الشريف وتجويدِها، والتفنن في نَسْخه بأنواع الخطوط، وتذهيبه وزخرفته.

ولقد مهر جمهرة من الخطاطين على مرِّ العصور ببراعة الخط وجماله، وكتبوا المصاحف الخاصَّة والعامَّة، وكان الغالب في كتابة المصاحف الخطَّ الكوفيَّ حتى القرن الخامس الهجري، ثم كتبت بخط الثُّلث حتى القرن التاسع الهجري، ثم استقرَّت كتابتها بخط النَّسخ إلى هذا الزمن، وظلَّ خط الخطاط هو العمدةُ في كتابة المصاحف وانتشارها، رغم ظهور الطباعة وتطورها؛ لما فيه من لمسات إبداعية، وجمال باهر، لم تصل إليه حروف المطابع، ومما لا يخفى أن الخط العربي تعرَّض في العصر الحديث إلى تراجع وضعف عمَّا كان عليه في السابق بسبب انتشار اللغات الأجنبية، وظهور الحاسب الآلي وابتكار خطوط متنوعة فيه، إلاَّ أنه وأمام هذه التحديات التي فرضتها ظروف العصر ومنجزاته، وجد من يدعمه ويشجِّعُ خطاطيه بفتح المدارس والمعاهد، وعقد المسابقات والملتقيات، وإقامة المعارض لأنواع الخط وفنون الزخرفة.

ومن تمام فضل الله على المملكة العربية السعودية أن وفَّق قيادتها لاتخاذ القرآن الكريم أساساً ودستوراً لشؤون الحكم والحياة، وخدمته والعناية به، وإنشاء مجمع خاص لطباعته ونشره وتوزيعه.

وانطلاقاً من اهتمام هذا البلاد المباركة بالقرآن الكريم، ونظراً للدور الرائد الذي يقوم به مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في هذا المجال، وما يتصف به من مَرْجعيَّة في كتابة المصحف ومراجعته وتدقيقه وطباعته، وإدراكاً لأهمية عقد مُلْتقى يجمع أشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم، صدرت الموافقة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله على أن يعقد ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف في العالم

إن هذا الملتقى يأتي كتظاهرة مباركة لتقدير جهود أمهر خطاطي المصحف الشريف، وتكريمهم والاحتفاءِ بهم، وتجليةِ تجارِب أبرع الخطاطين في كتابة المصحف، وبيان مناهجهم في ذلك؛ للإفادة منها، وإبراز الرسالة التي يحملها خطاط المصحف الشريف، والعمل على إيجاد ضوابط مَرْعيَّة في زخرفة المصاحف، ودراسة سبل التوفيق بين خطوط الخطاطين والحاسب الآلي؛ خدمةً للخط العربي، ومحاولة الوصول إلى توافق وتقارب في مصطلحات الخط العربي، وعرض نماذج بخط الخطاطين من المصاحف المكتوبة بالروايات المشهورة والقراءات المتواترة، واكتشاف طاقات واعدة من خطاطي المصحف الموهوبين، وتشجيع التواصل بين خطاطي المصاحف، والمهتمين والمختصين في دراسة الخط العربي، وبلاشك أن لهذه التظاهرة أبلغ الأثر في تشجيع وتحفيز البارعين من حملة الريشة والقلم في أن يسهموا في العناية بالقران الكريم وأن يثروا هذا المجال بكل حديث وجديد، كما أن هذا الملتقى ترسيخ لعلاقة المبدع المسلم بكلام خالقه، بالإضافة إلى دوره في إذكاء روح الحماسة والمنافسة في حضرة القرآن الكريم.

إن ذلك الاهتمام الجم والمتواصل من هذه البلاد حماها الله ما هو إلا تجسيد لحرص ولاة الأمر فيها حيث اعتنوا بالقرآن الكريم عنايةً عظيمةً، ورعايةً كريمةً، نسأل الله الكريم أن يوفق القائمين على الملتقى وأن يجزيهم خير الجزاء، وأن يؤتي هذا الملتقى ثماره.

* رئيس مجلس الشورى

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة