Thursday  28/04/2011/2011 Issue 14091

الخميس 24 جمادى الأول 1432  العدد  14091

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أعلنت وزارة الداخلية يوم الأحد الماضي 13-5-1432هـ عن العديد من النجاحات الأمنية في مجال مكافحة المخدرات، وأشارت إلى أنه على الرغم من تعرض رجال الأمن في

المواجهات مع المهربين وتجار المخدرات للمخاطر، إلا أن وزارة الداخلية تمكنت بفضل الله ثم بفضل رجل الأمن الأول والساهر على راحة المواطن السعودي وأمنه الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية من صد العديد من محاولات التهريب وإدخال السموم إلى البلد، ولعل الأرقام التي أعلنتها الوزارة عن العمليات التي نجحت الوزارة في اكتشافها خير دليل على ذلك.

وبصفتي أحد المسؤولين عن التعليم في المملكة وخاصة المرحلة الجامعية، أجد هذا الإعلان مناسبة جيدة للحديث عن هذه الظاهرة وجهود الوزارة المشكورة لعلاجها، ويمكن القول إن موقع المملكة العربية السعودية الجغرافي، ومركزها السياسي، والاقتصادي، والديني البارز أوجد لها أعداء يسعون بكل قوة وجهد لتدمير مجتمع هذا البلد المسلم المسالم وتفكيك أواصره، وإضعاف مكانته على المستوى الإقليمي والدولي، إما بإشغاله وأجهزته الأمنية بمكافحة المخدرات، وإما بتدمير شبابه بتوفير هذه المواد السامة لهم ليكونوا غير قادرين على حمايته.

كما أن مساحة المملكة الكبيرة والواسعة وامتداد حدودها عبر عدد من الدول العربية المجاورة أوجد صعوبة كبيرة في الحفاظ على هذه الحدود، مما أوجد فرصة لمروجي المخدرات وتجار السموم لإدخال هذه المواد السامة إلى داخل المملكة، كذلك قرب المملكة من بعض مناطق زراعة أو توزيع المخدرات جعلها هدفاً لترويج المخدرات، إضافة إلى ذلك فإن انفتاح المملكة بحكم مركزها الديني ووجود بيت الله الحرام ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكونها مقصد المسلمين في شتى بقاع الأرض لأداء فريضة الحج أو العمرة أدى إلى زيادة القادمين إلى المملكة وربما استغلت هذه المناسبات لتكثيف نشاط المهربين وتجار المخدرات.

وإذا ما ألقينا نظرة بسيطة ورجعنا بأنفسنا إلى الوراء فإننا لا نلاحظ هذا النشاط المسموم في توزيع وتهريب المخدرات في السابق، ففي الماضي كانت قضايا المخدرات بسيطة ونشاط توزيعها وتهريبها محدود جداً، وكانت مقتصرة على الاستخدامات الشخصية أو بمعنى أصح لم تكن المملكة مستهدفة تجارياً من قبل تجار المخدرات، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت ظاهرة المخدرات ظاهرة منتشرة ومؤثرة أشرت إلى بعض أسباب وجودها في بداية المقال.

ولكن إلى جانب هذا النشاط المسموم، وهذا التركيز الهائل على مجتمع المملكة من قبل تجار المخدرات، فإن جهود المكافحة التي تبذلها وزارة الداخلية والإدارات المختصة بها ملموسة، وقد حظيت المملكة بسمعة عالمية في مجال مكافحة المخدرات، ولعل قيام الأمم المتحدة بتقديم الأوسمة والشهادات التقديرية للمملكة خير شاهد على هذه الجهود، كما أن توصياتها لتعميم تجربة المملكة عالمياً لخير شاهد على ما وصلت إليه الأجهزة الأمنية بالمملكة من كفاءة وخبرة في هذا المجال، وذلك لكون الدور الذي تقوم به هذه الأجهزة يشمل جانبين: الأول دور احترازي لمنع هذه السموم للوصول إلى داخل البلاد، فهي تعمل بكامل طاقتها عبر الحدود البرية والبحرية وفي المطارات لاكتشاف هذه السموم على الرغم من استخدام الوسائل الذكية للتهريب. أما الجانب الآخر فهو دور مكافحة هذه السموم حين دخولها البلاد وتعقب المروجين لها من خلال الرجال المخلصين بوزارة الداخلية.

إن اهتمام وزارة الداخلية وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بهذه الآفة المضرة ينطلق من نظرة مبنية على موقف ديني يأتي بالدرجة الأولى، حيث يعلم الجميع بتحريم المخدرات بكافة أنواعها وأشكالها وأسمائها، وصدرت الفتاوى في ذلك حفظاً لكيان الإنسان في ضروراته الخمس: (الدين والعقل والمال والنفس والعرض).

لذلك نجد أن جهود الوزارة في هذا المجال تسير في اتجاهين: الأول فرض الرقابة الأمنية المشددة في كافة المنافذ لمنع تسرب هذه السموم إلى الوطن، ولتحقيق ذلك وفرت الوزارة القوى البشرية المدربة، واستخدام الوسائل المعينة من أجهزة إلكترونية، وكلاب بوليسية وغيرها لاكتشاف هذه السموم، كما أن فرق المكافحة انتشرت في السهول والبقاع والجبال والطرق الوعرة والمناطق النائية لملاحقة المهربين وتجار المخدرات، كما نشرت عددا من أفرادها خارج الحدود لمتابعة خطط التهريب في بلدانها وإحباط المؤامرات والصفقات التي تعقد لهذا الغرض في مهدها.

كذلك فإن جهود الوزارة لم تقتصر على هذا الجانب بل شملت إجراء الدراسات والبحوث وقامت بتنفيذ البرامج لدراسة ظاهرة الإدمان؛ لأنه يعتبر الوسيلة الوحيدة لترويج المخدرات وتوزيعها، كما أن علاج مدمني المخدرات وسيلة أخرى للحد من الطلب على هذه الآفة الخطرة، ولأهمية هذا الجانب صدرت الأوامر السامية بإنشاء مستشفيات متخصصة لعلاج الإدمان تحمل اسم (مستشفى الأمل) في معظم مناطق المملكة الرئيسة، كما أن الجانب التربوي لا يقل أهمية عن الوسائل التي تحدثنا عنها لمكافحة هذه الآفة الخطيرة، لذلك نجد الوزارة اهتمت بهذا الجانب لمعالجة هذه المشكلة والحد من خطورتها، وقامت بعقد اتفاقيات مع بعض الجامعات إما لإجراء بعض الدراسات أو البحوث لسبر أغوار هذه المشكلة، أو لإيجاد الحلول للحد من انتشارها بين الشباب، ولعل الخطوة التي أقدمت عليها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لإنشاء مركز لدراسات وأبحاث الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية الهدف منه توظيف المنهج العلمي لدراسة هذه الظاهرة في المجتمع السعودي بجوانبه الثلاثة: (الوقاية، والمكافحة، والعلاج)، كما أن الاتفاقية التي أبرمتها الجامعة مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات كأول جامعة تتفاعل تفاعلاً ظاهراً حسياً ومعنوياً وشراكة فاعلة مع الجهة الرسمية المعنية بالدرجة الأولى بهذا الداء العضال والآفة المدمرة.

إضافة إلى ذلك فإن هناك جهوداً كبيرة تقوم بها وزارة الداخلية لإدخال مفردات ومفاهيم تربوية عن أضرار المخدرات لتضمينها المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة، كل هذه الجهود لاشك أنها ساهمت في الحد من هذه الظاهرة، ولكن تبقى جوانب أخرى مهمة لها الدور البارز لحماية الشباب والبنات من هذه الآفة الخطيرة وهو دور الأسرة، والمدرسة، والأصدقاء، والبيئة المناسبة للشاب أو البنت وذلك حتى تؤتي هذه الفعاليات أكلها.

ختاماً، وإزاء تلك الجهود الجبارة التي يقوم بها المسؤولون في وزارة الداخلية وعلى رأسهم سمو الأمير نايف النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية، وسمو الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية، وسعادة اللواء النشط عثمان المحرج مدير عام الإدارة العامة للمخدرات، وكافة العاملين تحت إدارتهم، فإننا نبتهل بالدعاء بأن يكلل الله جهودهم بالنجاح وأن يجعل ما يقومون به من جهد في موازين أعمالهم.

 

(*) الأمين العام لمجلس التعليم العالي

Dralsaleh@yahoo.com
 

العمليات الأمنية لمكافحة المخدرات ومروجيها
د. محمد بن عبد العزيز الصالح (*)

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة