Thursday  28/04/2011/2011 Issue 14091

الخميس 24 جمادى الأول 1432  العدد  14091

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تمتع العالم العربي وأطياف من سكان الكرة الأرضية على مدى أربعة عقود بما أفرزته تقليعات من خَلع على نفسه منصب ملك ملوك العرب وإفريقيا، وبات محبو المفاجآت المضحكة ينتظرون منه في كل محفل أو مؤتمر المواقف العكسية من الأحداث الإقليمية والعالمية، والتصرفات الشاذة الرامية للفت الأنظار إليه، والناس وإن أدركت أهدافه ومراميه إلاّ أنها تجد في ترهات ونزوات الزعيم مجالاً للتندر الضاحك والتعليقات الساخرة التي يروِّحون بها عن أنفسهم ما بين مؤتمر وآخر، وبين خطاب عاصف ولقاء متلفز ينثر فيه فخامته مزيداً من تراكيبه ومفرداته العجيبة، ويتعمد نفث عدد من الجمل التي أمضى من أجلها ليالٍ من السهر وأياماً من الاجتهاد لاختيارها لإطلاقها في هذه المناسبة أو تلك، فهو لا يأتي إلاّ بما يرى أنه يليق بما يسديه على ذاته المنخدعة بأحلامه من ألقاب ومقامات ومناصب لم يكن آخرها توهمه قيادة العالم فكرياً واقتصادياً وحتى عسكرياً رغم أنه من جبنه وجوره لا يثق بأبناء الوطن فجلب حراسات أجنبية له، وطيارين وعصابات من مرتزقة لوأد الحرية وسحق المتطلعين لها، ثم أخذ يمنحهم صكوك الشهادة نيابة عن الله (جلّ وعز)، وكيف يقود العالم من أعد وجهز خنادق وسراديب تمكنه من الهرب من مساكنه إلى منافذ تنجيه من أي حركة يتوجس أنها تستهدفه، وملك الملوك يفعل كما تفعل الجرابيع المنافقة تحت الأرض بدروب خفية مخادعة للخصوم، والنفاق عند الزعيم شيمة يعتز بها فهو يخاطب الغرب محذراً من الإسلاميين الأصوليين في وقت يخاطب فيه المسلمين منبهاً لهم من الغزو الصليبي الأطلسي، والقائد المظفر قد حفر سرداباً يبدأ من غرف نومه بالعزيزية وينتهي إلى حديقة الحيوان وربما تحديداً عند أقفاص اليرابيع والجرذان، ويدل على ذلك أنه لا يفتأ يردد أسماء هذه الحيوانات في كل خطاباته ولقاءاته الصحفية المتشنجة، والشعب كان يظن أن الزعيم يشتمه حين وصفهم بالجرذان، وهو حينما علم بسوء فهمهم استغرب مبدياً أسفه على قصور إدراك هذه القطعان، لأنه من شدة إعجابه بالجرذان وإبداعها في ابتكار وسائل وطرق الهرب والخداع لم يجد بداً من محاكاتها وتقليدها فعلياً، وما تشبيه الشعب بها إلاّ وساماً من أوسمة الزعيم ومكرمة من مكرماته لهذا الشعب الذي لم يقدر المكرمة ولكنه فطن لمغازيها مع تطور الأحداث بعد أن ظل عقوداً في سبات التصديق بمزاعم الزعيم من خلال كلماته المخدرة ونظرياته المهدئة التي جعلتهم كتلك احيوانات الدونية تحت تأثير القبضة المستبدة والنظرة الاحتقارية من عيون ملك الملوك المزعوم، والحرمان الذي نالهم من القائد الملهم، إلى أن استيقظوا مؤخراً بغفلة منه، وربما كان ذلك بسبب تدجينه لبعض سلالات فأر المسك والجرذان التي عرفت بإصدار رائحة تشبه المسك واختلاطها بالشعب فكان للمسك دوره الفاعل في تنشيط ذاكرتهم، والتنبه للحقوق المسلوبة منذ أكثر من أربعين عاماً من الزعامة الزائفة، وبذلك تأكد للشعب أن زعيمهم لم يكن إلاّ جرذًا أكبر وفويسقة لا تنهيها إلاّ المصائد الفتاكة.

 

جرذان الزعيم
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة