Monday  02/05/2011/2011 Issue 14095

الأثنين 28 جمادى الأول 1432  العدد  14095

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قد أنسى أو أتناسى مواقف وفصولاً مرت على حياتي, وقد أتجاوز بالصبر والإيمان آلاماً استوطنت قلبي وعقلي لفترة ليست قصيرة, ولكن هناك شيئاً أقوى حضوراً من النسيان يأبى العقل والقلب أن ينساه ويطويه كصفحة عابرة في حياتنا.. من تلك الذكريات الأليمة التي أعجز أن أنساها, حين تلقيت خبر إصابة والدي بداء السرطان.. حينها كان الخبر مزلزلاً وموجعاً بكل المقاييس، أتذكر المكان والزمان والحدث بكل تفاصيله المدمرة.. حينها بحثت عن اسم المرض في الإنترنت لعلي أجد ما يهدئ روعي ويطمئن قلبي المسكون بلوعة الفجيعة ولكني وجدت ما حرمني النوم أياماً بل وأسابيع وطرد السكينة عني فقد علمت أن العمر المتوقع لمرضى (المايتبل مايلوما) وهو أحد سرطانات الدم النادرة هو 5 أعوام والأعمار بيد الله سبحانه.

تألمت حينها وقلت في نفسي لماذا سيموت والدي بعد 5 سنوات فقط؟ كيف لي أن أشبع قلبي وبصري وروحي من أبي ورفيق عمري بخمسة أعوام!! إنها لا تكفي, أريد أن أعيش معه وبقربه عشرات السنين حينها كرهت ذلك الرقم ومنيت نفسي بالأماني لعل الله يكتب له خمسة أعوام أخرى, وتعالت أصوات الأرقام والحسابات والضوضاء في داخلي.. الفاجعة كانت حين توفي والدي بعد 6 أشهر فقط وليس كما توقع الطب وقدر الأطباء.

إنه ببساطة شديدة مرض بتصريح من القدر, يأتي بلا مبررات ولا أسباب مقنعة ومشبعة, صاحب ذوق رفيع يختار الأشخاص الأغلى على قلوبنا دون أن يحسب حساباً لحجم الألم والرعب والدمار الذي قد يخلفه ويمضي باحثاً عن فريسة أخرى.

بعدها أصبح إيماني بالأقدار أكثر عمقاً أصبحت أميل أن أعيش كل يوم وكأنه آخر يوم في حياتي, وأقدر الأشياء والنعم والأشخاص من حولي أكثر, فما العمر إلا لمحة بصر فائقة السرعة.

قبل أيام علمت بخبر إصابة الكاتبة والشاعرة والإنسانة قبل هذا وذاك الرائعة فوزية أبو خالد بالمرض الخبيث وبعد ذلك قرأت مقالتها التي تحدث فيها عن آهاتها وآلامها مع المرض, وخصتني بالعزاء في آخر المقالة حينها شعرت بذات الإحساس الذي انتابني مع تشخيص داء السرطان لوالدي, مزيج من الغضب والألم والضعف والكلمة الأكثر تدميراً تراودني (لماذا)؟؟ فأحيانا الأسئلة تفتك بنا أكثر من همومنا.

وأكتشف حينها أن كل تلك المشاعر والأسئلة الخانقة لا تفيد، إنها ببساطة لا تسمن ولا تغني من جوع فهل تجدي المرافعات بعد صدور الأحكام؟؟, ماذا عساي أن أقول لك يا سيدة الكلمات ونبض القصائد والأبيات..

تاريخك بالنضال والشجاعة والانتصار يجعلني أشعر بالارتياح والطمأنينة لأنك أقوى من المرض والوجع.. أعلم جيداً بأن الإرادة والعزيمة والإيمان هي سلاحك وسر تفوقك وديدن تميزك ونجاحك بكتابة سيرة مشرفة لك يقرأها كل من يعرفك ولا يعرفك ليشعر بالفخر والاعتزاز بامرأة عظيمة مثلك.. واعلمي يا أستاذتي أنك ستجتازين هذه المحنة -بإذن الله- وأنت أقوى وأجمل وأكثر تقديراً للحياة والنعم من حولك.

فطهور ونور وذنب مغفور إن شاء الله.. دعواتنا الصادقة حاضرة دوماً لك فأنت من كسبت بأخلاقك النبيلة وتواضعك الجميل وروحك المسكونة بشقاوة الطفولة قلوب الناس وحبهم.. (فيا رب اشفها شفاء كاملاً لا يغادر سقما أبداً.. اللهم خذ بيدها واحرسها بعينك التي لا تنام, واكفها بركنك الذي لا يرام, واحفظها بعزك الذي لا يضام, وارحمها بقدرتك عليها, أنت ثقتها ورجاؤها, يا كاشف الهم يا فارج الغم يا مجيب دعوة المضطرين.. اللهم ألبسها ثوب الصحة والعافية عاجلاً غير آجل يا أرحم الراحمين, اللهم احفظها لأبنائها وأحبابها وصبّر قلوبهم وأقر أعينهم بعافيتها عاجلاً غير آجل إنه جواد كريم).

نبض الضمير: قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ .

 

ربيع الكلمة
طهور يا سيدة الحروف
لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة