Monday  02/05/2011/2011 Issue 14095

الأثنين 28 جمادى الأول 1432  العدد  14095

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

ينادي المتخصصون في المجالات المختلفة بمنهج «التأصيل» ثم التفريع، مؤكدين أن التفريع لا ينضبط إلا إذا وُجِدَ التأصيل.

وفي مجال التربية والتعليم لا بد من التأصيل قبل الدخول في تفاصيل التفريع، وهذا أمر متعارف عليه في العالم كله، وأذكر أن الدكتور محمد عبدالعليم مرسي صاحب كتابي «التربية في ألمانيا المعاصرة» و»التربية في اليابان المعاصرة» أشار إلى هذه المسألة من خلال زياراته المتكررة لهذين البلدين، واطلاعه على الأسس التي قام عليها التعليم فيها.

لقد وضعوا أصولاً ثابتة لا تتغير، ينطلق منها التفريع في مجال التربية والتعليم، فلا يستطيع أحد أن يختطف التعليم أو التربية بأية حجة من الحجج من خلال التطوير أو التفريع الذي لا تراعى فيه تلك الأصول التي ثبتت.

فهم -مثلاً- وضعوا أصولاً تُبنى عليها مراحل التعليم، وتتفرع منها فروعه وأقسامه، كالقيم التي تخص مجتمعهم، والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع، ,اللغة التي تشكل شخصية المجتمع وتربطه بسياقه التاريخي والأيديلوجي وآدابه الخاصة، وتحقيق الحرية «الواعية» ورعاية الحقوق الشخصية للإنسان في المجتمع.

وحينما حدثني الدكتور صالح عباس -وفقه الله- عن مؤتمر حضره في البرازيل، معبراً عن أسفه على حال الأطباء العرب الذين شاركوا في ذلك المؤتمر، حيث كانوا هم «الوحيدين» الذين قدموا بحوثهم بغير لغتهم «بالإنجليزية» وعن شعوره هو وزملائه من أطباء العرب بالخجل وهم يجدون في المؤتمر كل طبيب مشارك يقدم بحثه بلغة قومه؛ الياباني باليابانية، والصيني بالصينية، والألماني بالألمانية.. وهكذا، إلا «أبناء العرب» سلمهم الله.

أقول: حينما حدثني بذلك ذكرت له ما أورده الدكتور مرسي في كتابيه، ثم ذكرته برأي الدكتور «زهير السباعي» -وفقه الله- الذي سجله في كتابه عن ضرورة تعليم الطبِّ باللغة العربية إذا كنا نريد الإبداع المتأصل، والريادة في مجال الطب.

هكذا يكون التأصيل مسلكاً حضارياً مهما يضع القواع الثابتة لمسيرة الدولة والمجتمع، بل ومسيرة الأمة كلها.

ونحن في عالمنا العربي الإسلامي مطالبون، إذا أردنا أن ننشئ أجيالاً راسخة الأقدام، واعية العقول، ثابتة المبادئ، بأن نُولي مسألة التأصيل أهمية خاصة، يقوم عليها أي تفريع، وتحول دون الاجتهادات الشخصية لأي مسؤول تربوي أو تعليمي يظن فيها الفائدة، وهي على عكس ذلك.

هنالك كلام عام يقال قي هذا المقام وغيره، عودنا عليه كثيراً، ألا وهو التطوير والتجديد والتفريع بـ»ما لا يتعارض مع شريعتنا الغراء» ويجتهد كل عامل أو مسؤول في عمله بما يظنه محققاً لهذا المعنى دون أن تكون لديه قواعد واضحة موضوعة من قبل لتحديد الأصول التي لا يستطيع الإنسان أن يتجاوزها -مهما كان موقعه ورأيه الشخصي- إلا بما ينسجم معها، ويحقق المراد منها.

«أصول التربية والتعليم في أي مكان في الدنيا تقوم على عقيدة الدولة، وأخلاقها، وقيمها ولغتها، ومصالحها الدنيوية والأخروية» وهذا يبعد شبح الأخطاء الشخصية، والتقليد الأعمى، ويرسخ معنى «الحكمة ضالة المؤمن» الذي يجعل الاختيار قائماً على أصول ثابتة، هي المقياس الذي يعتمده العاملون في مجال التربية والتعليم.

إنها أمانة بناء الأمة من خلال بناءِ الإنسان الذي يعرف أين يضع قدمه في طريق الحياة.

إشارة

قد تغفل النفس عن إشراق فطرتها

دهراً، فيُرجعها صقل وتهذيب

 

دفق قلم
التأصيل في التربية والتعليم
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة