Tuesday  03/05/2011/2011 Issue 14096

الثلاثاء 29 جمادى الأول 1432  العدد  14096

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

من أكثر المؤتمرات أهمية -في نظري- تلك التي تشخص مشكلة محددة وبطريقة علمية ممنهجة، وتربط بين التنظير والواقع، وتركز بشكل مباشر على الحلول العملية لا الفلسفية المغرقة في التفاؤل أو حتى التشاؤم، الموغلة في التعميم والتسطيح، المتجهة بشكل مباشر أو من وراء ستار لإثبات الوجود الذاتي سواء على المستوى الفردي أو المؤسساتي أو حتى على مستوى الدول « فنحن هنا»!!، وأهم الجلسات على الإطلاق في مثل هذه المناسبات العلمية الهامة تلك الجلسات التي يتحدث فيها صاحب الشأن، ممن اكتوي بنار المصيبة، وتلبسته من أخمص قدميه حتى مفرق رأسه، يراها حاضرة في حياته وتتراقص بين عينية صباح مساء، وشهادة حق يجب أن تقال في مثل هذا المقام.. لقد جسد المؤتمر السعودي الأول لرعاية الأيتام والذي شرف برعاية كريمة من لدن مقام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، واختتم أعماله يوم الخميس الماضي في العاصمة الرياض، جسد المؤتمر الأول من نوعه كل هذا بصورة إبداعية متميزة، قام على التخطيط لها وباشر التنفيذ والإخراج بكل فخر وثقة واعتزاز جمعية «إنسان»، ويكفي هذا الاسم للتعريف بهذا الكيان الخيري الذي سطر خلال عشر سنوات مضت أعمالاً رائعة وإنجازات مثمرة يعلمها ذوي الحاجات والأيتام في منطقة الرياض قبل غيرهم، وكذا رجال المال والأعمال أهل البذل والعطاء، كما أنها جزماً لا تخفى على قادة بلادنا المعطاء الذين عرف عنهم حبهم للخير ودعمهم لمشاريعه ومباركتهم لجهود القائمين عليه الباذلين أوقاتهم وأموالهم بل وحتى أهلهم وذواتهم من أجله وفي سبيله، وقبل هذا وذاك يعرفهم ربهم الذي يعلم السر وأخفى وهو من سيجازيهم على ما قدموا من أعمال حافلة طيبة شاهدة لهم على صنائع المعروف ومد يد العون لهذه الفئة الغالية القريبة من القلوب المنكسرة المحبة للخير المليئة بكل معاني الإنسانية والرحمة والعطف والشفقة.

لقد حرك هذا المؤتمر المياه الراكدة في النفوس وأثارت أوراق العمل والأبحاث وكذا الكلمات والمداخلات الأشجان وبعثت الآهات والأحزان، هزت القلوب الميتة فضلاً عن النائمة، خاصة بعد أن قال: الأيتام مجهولو الأبوين ممن يقطنون الدور كلمتهم الفصل وحددوا بوصلة تفكيرهم ورسموا معالم حياتهم بكل تفاصيلها وبجميع أوجاعها، عرفونا من نحن بالنسبة لهم.. وماذا قدمنا، أجابوا بصراحة وشفافية على سؤال محدد يطرحه العقلاء في مجتمعنا السعودي على أنفسهم: ترى هل نحن أوفياء لهذه الفئة التي ندعي حبها أم أننا نزيد أوجاعهم أوجاعاً مضاعفة، وحسراتهم حسرات متجذرة، علمنا ذلك أم كنا عنه غافلين؟.

لقد قالت إحداهن.. لقد استبعدت من شرف المنافسة في مجال النشاط بعد أن رشحت للمشاركة من قبل مدرستي لأمثل المنطقة وصولاً للمنافسة الوطنية لمّا عرف أنني من بنات الدور!!، وهذا الموقف السلبي جعل الدافعية للإنجاز بداخلي أقوى بكثير عمّا كانت عليه من قبل.

وقالت الأخرى أصعب سؤال أواجهه من المجتمع الذي أعيش فيه، السؤال عن أمي ما اسمه وأين هي، مع أنهم يعلمون عني كل شيء فأنا أفتقد «آل» في اسم العائلة وهم يعرفون سر ذلك ولكنهم يتفننون في إيذائي، ويمارسون عليّ سلطة مجتمعية مقيتة وهم ربما لا يعلمون الأثر النفسي الذي ينتابني جراء ذلك.

أما الثالثة فسألت بحرقة عن دور الإعلام الإيجابي إزاء هذه الفئة، لقد تحدث عنا الكل ولم تتح لنا فرصة الحديث عن أنفسنا بكل شفافية ومصداقية ووضوح وبلا وصاية من أحد مهما كان، لقد أثار مسلسل «أميمة في دار الأيتام» أسئلة كثيرة عنوانها الأساس: ترى هل بنات الدور هكذا أم أن الواقع خلاف ذلك؟ ومع أننا نملك الإجابة لم يسألن من الإعلام أحد لنقول من نحن، وماذا نريد، وكيف نفكر، وبماذا نحلم، وعلى ماذا نعيش، وإلى أين نحن سائرون في طريق حياتنا الطويل والصعب الشاق.

إننا نتقبل ذواتنا بقدرها الذي جرى عليها، ونتفهم الواقع الذي نحن فيه ونتمنى أن نجيب نحن عن الأسئلة التي تدور في ذهنية المشاهد، ونتطلع أن يتعاطى الإعلام مع قضايانا تعاطياً إيجابياً لا سلبياً، ويبقى السؤال يراوح مكانه حتى اليوم ترى ماذا قدم الإعلام لتغير نظرة المجتمع لنا؟.

شكراً سمو الأمير سلمان، شكراً لكل من دعم وشارك ونظم وتحدث وحضر وتابع، شكراً «إنسان» الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بالرياض.. شكراً لفريق المؤتمر، والشكر موصول للباحثين والباحثات، وللأخوات المشاركات من الدور « الأخت لطيفه عبدالله هاشم من جامعة الملك عبد العزيز، والأخت خلود عبدالكريم عبدالواحد من معهد العلوم الصحية، والأخت رباب عبد الفتاح جامعة الملك عبدالعزيز».. كل الشكر وصادق الود وفائق التحية والتقدير، ولمعالي الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد الراعي البلاتيني لهذا المؤتمر شكر خاص، فهو من -في مسابقته- مد يد العون لليتم والمعاق والمريض فضلاً عن الفقير والبائس والمحتاج وللجميع صادق الدعاء بدوام التوفيق والسداد.. وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
الأيتام.. والإعلام في عيون "إنسان"
د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة