Tuesday  03/05/2011/2011 Issue 14096

الثلاثاء 29 جمادى الأول 1432  العدد  14096

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

كثيرًا ما أصاب بالدهشة وأنا أقرأ عن رؤساء دول عظمى قادوا العالم أو دمروه، كيف انتهى بهم الأمر إلى قناعة كبيرة بأن العالم لن يتوقف على كرسي الرئاسة، فالروسي ميخائيل غوباتشوف انتهى به الأمر إلى كتابة مقالات وإلقاء محاضرات مدفوعة الأجر، وكذلك الترويج لحقائب ماركة «لوي فيتون»، أما الألماني هولمت كول فقد عكف على كتابة مذكراته، وأقام مركزًا للدراسات الأوروبية، بينما البريطاني فقد أصبح يعيش من دخل المحاضرات والدورات التي يعقدها، كذلك الأمريكي كلينتون اهتم بدعم الناجين من إعصار كاترينا، وأصبح مؤلفًا له كتابان مهمان، وربما الأكثر ذكاءً بينهم هو الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما، لأنه دخل البيت الأبيض مؤلفًا قبل أن يصبح رئيسًا، وكأنما يستعد لوظيفته الدائمة بعد مغادرة كرسي الرئاسة.

حينما أقرأ عن هؤلاء الذين قبل أن يؤمنوا بقيم الديمقراطية وتداول السلطة، آمنوا بأن على الإنسان أن يتفهم تحول الحال دائمًا، وأن لا شيء يبقى كما هو إلى الأبد، وعلينا أن نجزم بأننا يومًا ما سننصرف إلى أعمال أخرى، بل حتى على المستوى الأسري البسيط، الأب القوي الذي كان مُلهما ومصدرًا لكل تحركات العائلة وسكناتها، يفضي به الحال إلى أن يكون في الهامش تمامًا، يأمر دون أن يستجيب له أحد، يتحدث ولا ينصت له أحد، ويتحوّل إلى أن يكون ملازمًا للقراءة أو مشاهدة التلفاز، أو سماع الراديو إذا كان لم يعد يرى، أو إلى الصمت والوسوسة والحديث إلى نفسه إذا كان لم يعد يرى ولا يسمع!.

أن نصل إلى القناعة بما كتب الله لنا، ونتأقلم على حالنا الجديد، هو ما نفتقده دائمًا، حتى الموظف الذي يجد نفسه على الرصيف يومًا ما، إذا لم يكن مستعدًا لهذه اللحظة، فسيجد نفسه زبونًا دائمًا للعيادات النفسية، وليس هناك دليل واضح وبيّن على هذا الحال كما في أوضاع العسكريين الذين يأمرون في العمل فتجاب طلباتهم، وفي البيت أيضًا، ثم يفقدون كل شيء حينما يتقاعدون، بل حتى شفاعتهم المجابة في كثير من الأمور قبيل التقاعد، تصبح غير ذلك، فيتحول إلى كائن غير مرئي حينما يجلس في منزله، دون أن يهيئ حياته الجديدة لتلك اللحظة الصعبة، ويفتح لنفسه نافذة جديدة.

لا أعرف كيف تذكرت كل ذلك، وأنا أنظر في حال القادة العرب، ماذا سيفعل حسني وزين العابدين وصالح والقذافي وغيرهم؟ فلو كانت ثمّة ديمقراطية وأنظمة انتخابات نزيهة، هل تحوّل الأول إلى السجن، والثاني إلى وضع صحي حرج، والثالث يكاد يسقط، والرابع على مشارف الاغتيال، والخامس..!

أكاد أجزم أنه لو كان لكل واحد من هؤلاء هواية أو اهتمامات فردية قديمة، وتنازل عن السلطة بقوة القانون، لا بقوة الشعب والشارع، لوجدت أحدهم يعمل فلاحًا في مزرعة صغيرة في مدينة سرت الليبية، والآخر يعمل في ترعة قرب كفر المصيلحة، والثالث يؤلف كتابًا عن سيرته العسكرية بمنزل متواضع بمنطقة سنحان، وهكذا..

ألا يحلم الإنسان، أي إنسان، بحياة هادئة مطمئنة في أواخر أيامه، بدلاً من احتمالات التعرض إلى محاكمة أو إعدام أو اغتيال أو ما شابه؟

 

نزهات
رئيس دولة برتبة فلاح!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة