Thursday  05/05/2011/2011 Issue 14098

الخميس 02 جمادىالآخرة 1432  العدد  14098

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

      

إيران.. أيها الساعية بين دهاليز المعاضيل، المتدحرجة أنفاسها شرارا، الملتهبة ذاكرتها بماضي الأزمنة الغابرة، الدائرة حول نفسها، والمواجه الدوار بخيول كسيحة عرجاء، الثائرة للأتربة والرمال، صاحبة الأحلام المتبخرة، وصاحبة الصراخ والعويل والطبول والبهتان، يا إيران.. يا غربان اليأس المشؤم، أمامك حشود من الأجساد والألغام ووجع الرصاص المنطلق، لقد تجاوزتي نفسك الضئيلة، وتحديتي روحك المنهكة، تجاوزتي مقال المحال، ومحال المقال، تاريخك المنهدل هو الذهول والاجترار والخنوع، إن عبرتي البحر ستتكسرين، ستصيرين ماء مثل الماء، قفي، صخور الأعالي نحن، وأسماك القرش، ونبراس الأقوام، تدثري ولا تزهي واستكيني، لا أنت مطرقة ولا بوابة سلام، غيم غشيم أنت، وصوت دميم، لا أنت حياة تسر الصديق ولا ممات يغيض العدى، يا مزهوه بالزعيق، من وراء متاريس القناع، ولدتنا أمهاتنا أحرارا في زمن العجاف والشح والقيظ والقحط، لذا بتنا ناس مثل ظلالكم لا نهاب، ولغوغاء عجاجكم لا نضام ولا ننام، اشتداد البرق والرعد والغيوم الكثيفة تمنحنا الزهو وتسلبنا الفزع، نحن النرجس، ويا قونات الصبح المبلل برذاذ المطر، والسقف المزدان بالثريات الملونة، وسلال الفاكهة والهواء، نحن لا نغفو وعلى أكتافنا بواريد الرصاص لنحيل النار نارا، حينها ترتدي الأرض لون الاحمرار، وحينها يطير اليمام في الأفق نحو الشفق مدمى بالأنين وبالسعار، وحتى الفنار لا يعدو بعدها فنار، نحن نحفظ سيرة البرق ويحفظنا البرق، ويدعونا الضوء للسحاب، قوس قزح يدرج فوق هاماتنا، منذ ألف وألف عام بنينا من قامة الأفعال مأوى للمستظلين والمتعبين والحيارى، تهتز أجسادنا لقافية الفعل وقافية الكلام، نحن الذين نعرف كيف يوصل الماء إلى غراس البساتين بحكمة ومقدرة وبصيرة، حين نتنادى ندخل سويا من جميع الفضاءات، وفوق شفاهنا نداء الانتصارات، وتلبية الفزعات، من اليابسة إلى الماء لا نستكين، يولد النهار معنا، ويغدو الليل حولنا ضياء بهاء، يا إيران أيتها الجالسة هناك في ضفة الشرق، امسحي عنك التواريخ العتيقة التي خذلتك، إذ لا التاريخ تاريخك، ولا الأمثولة أمثولتك، العبث أكل عمرك وبعثر زهراته، وحتى تراب طرقاتك صار أسود وتكسرت به جهات الجهات، ما عادت مهرتك هي المهرة، ولا حصانك هو الحصان، ولا صرت الفارس الذي يمتطي الحروب، ولا خرائطك قادرة على الشجار والزمجرة والمشاغبة والضجيج، يا إيران.. لسنا أمة عوراء، ولاموطن خنوع، وننام وتحت رؤوسنا وسائد كبار كبار، نحن برعم الربيع والخلود وسمو الكبرياء، ما ذقنا يوما طعم الذل، لكننا أذقنا غيرنا طعم الدماء، منذ المغول والفرنجة وحاميات الوطيس ونحن نفتح الأبواب لنذيق جمع الطغاة الغزاة طعم الحزن ومر الحنظل والضيم الطويل، يا إيران.. لماذا تجعلين دائما المسافة بيننا مثخنة بالهواء الملوث بالضجيج؟ لماذا تلملمين أسمالك وتعلقينها على مسمارك الوحيد في مؤخرته رأسك؟ لماذا لا تتعلمين كيف تسدين الثقوب التي تحدثها الديدان في جسدك؟ لماذا البحر عندك صار أصفر والفتق يتسع في البحيرة؟ لماذا الليمون عندك لا يشبه الليمون؟ ولا المسك مسك؟ وتراهنين على انكسار الزجاج؟ لماذا مساءاتك لا تنهض، ولا الكلام عندك صحيح، يا إيران.. تعلمي الحياة جيدا، وأبعدي عن القصر والبهت والرماد، الغي المسرحيات الهزيلة، ولا تفقئي عينيك وتستبدلينها بعيني ذبابه.

ramadanalanezi@hotmail.com
 

إيران .. لا أنت مطرقة ولا بوابة سلام!
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة