Thursday  05/05/2011/2011 Issue 14098

الخميس 02 جمادىالآخرة 1432  العدد  14098

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

نظرات في الواقع الإيراني
د. توفيق بن عبدالعزيز السديري(*)

رجوع

 

لست ممن يحب الاصطفاف الطائفي أو إثارة النزعات المذهبية، ولم تعرف منطقتنا تأجيج النعرات الطائفية في العصر الحديث إلاّ بعد قيام الثورة الخمينية الصفوية، فكان التعايش سائداً في دول المنطقة، ففي كل بلد لا تكاد تتبيّن الفرق بين سنّي وشيعي، ولم تكن هذه المسألة ذات اهتمام أو تأثير على مستوى التفكير الجمعي وبين عموم الناس، إلى أن قامت هذه الثورة المشؤومة، فحفزت الاصطفاف الطائفي، وبدأ كل طرف باستعداء الطرف الآخر، وتم توظيف ذلك بشكل مؤدلج، وكشفت الأيام وجه الثورة البغيض المتمثل في الإقصائية والعنصرية الكريهة، وانتهاك حقوق الإنسان لأسباب طائفية بحتة، والأمثلة على ذلك كثيرة من واقع الداخل الإيراني وما تعانيه الشعوب الإيرانية ذات القوميات والمذاهب والأديان المختلفة، بل وحتى منهم داخل عباءة النظام، فالانتخابات الإيرانية الأخيرة وما أفرزته من انقسامات حادة داخل النظام ما بين محافظين وإصلاحيين، وما حدث ويحدث من إقصاء الطرف المحافظ المسيطر على زمام الأمور للإصلاحيين، وصل لحد تزوير الانتخابات والقتل والسجن وقمع الغالية العظمى من أفراد الشعب أمام أعين العالم ومتابعة ورصد وسائل الإعلام التقليدي والحديث، ونلقي الضوء هنا على بعض صور الواقع الإيراني الداخلي في إيران الفارسية الصفوية مع مدخل تاريخي، فمن المستقر تاريخياً أن إيران بقيت منذ دخول الإسلام إليها إلى قيام الدولة الصفوية في إيران عام 906هـ - أي قرابة تسعة قرون من الزمان - معقلاً للسواد الأعظم من المسلمين في العالم وهم أهل السنّة والجماعة، وكان لذلك أثر واضح في توجيه مظاهر النشاط البشري في إيران وفي رسم سياستها الخارجية، في تمديد صلاتها بالدول الإسلامية، وغير الإسلامية التي جاورتها أو اتصلت، بها إلاّ أنها بعد أن تحوّلت للمذهب الشيعي بالقوة الصفوية التي أسالت دماء المسلمين الرافضين للتحول للمذهب الشيعي - وقد سجلت كتب التاريخ هذه الفظائع التي ارتكبها الشاه الصفوي - وتحول دور إيران إلى النقيض، فأصبحت حرباً على العالم الإسلامي منذ ذلك التاريخ الأسود، فقد تحالفت مع قوى المستعمر عبر التاريخ الذي يشهد بذلك(1)، ولم يقتصر دور الدولة الصفوية عند هذا الحد بل دخلت في حروب مع الدولة العثمانية السنّية لفترة طويلة من الزمان كان لها أثرها في ضعف الدولة الإسلامية، مما سهل للغرب احتلال أكثر الدول الإسلامية ولقد أقر الغرب بما قدمته إيران لهم يقول أحدالمستشرقين: لولا الصفويون في إيران لكنّا اليوم في فرنسا وبلجيكا وأوروبا نقرأ القرآن(2).

ولم يختلف دور إيران في وقتنا الراهن عنه في الماضي، بل إن إيران الثورة زادت من أوار تلك الفتنة فمازالت حرباً على المسلمين بشتى الطرق والوسائل، وما زال الاضطهاد والمذابح لأهل السنّة والجماعة والعرب وغيرهم من الأعراق في الداخل الإيراني مستمراً، وما زالت إيران تتآمر على المسلمين في خارجها، فقد كانت عوناً على دخول المستعمرين لأفغانستان والعراق، وما زالت تثير النعرات الطائفية رغبة منها في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي هذا السياق سنحاول التعرف على الداخل والإيراني والدور الصفوي المقيت والبغيض فيما تشهده المنطقة من فتن طائفية وقلاقل ومعرفة الوجه القبيح لهذا الكيان الذي تحاول أن تستره بالفرقعات الإعلامية والتصريحات المناوئة للغرب ودفاعها عن القضية الفلسطينية وهي أبعد ما تكون عن الاهتمام بها، ولكنها خدعة قد انطلت على بعض الغر من المسلمين.

أولاً: الأوضاع في الأرض العربية المغتصبة

من قِبل النظام الإيراني

يجهل الكثيرون منا الأوضاع في الأرض العربية المحتلة من قِبل الدولة الإيرانية، وقد يظن البعض الآخر أن الأمة العربية قد نسيت تلك الأرض لأننا لا نجد حديثا عنها في وسائل الإعلام أو بين العامة من الناس وهذا ليس بصحيح، فلا يستقيم في ذهن عاقل أن ينسى الوطن العربي عضواً من أعضائه.

إن الواقع يشهد أن المخطط الإيراني للمنطقة العربية السنّية لا يختلف عن المخطط الصهيوني، فاليهود احتلوا فلسطين والصفويون الفرس احتلوا الأهواز والعراق والجزر الإماراتية، وكل منهم له مشروعه التوسعي ضد هوية ووحدة المنطقة العربية وخلافهم المعلن هو خلاف ذئبين يتصارعان على غنيمة الأغنام، وعندما نقلب في الوقائع نجد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في مؤتمر دربان الثاني في جنيف (ضد التمييز العنصري) الذي عقد في 20 ابريل 2009م يصرخ مندداً بالعنصرية التي تمارسها سلطات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وهي كلمة حق لا نختلف عليها، إلا أن نجاد تغافل عمداً الاضطهاد والتمييز الطائفي العنصري الذي يمارس في بلده وفي الأرض العربية المحتلة من قِبل إيران ضد أهل السنّة البالغ عددهم نحو 20 مليوناً أي ما يقارب ثلث سكان إيران، وهو يحمي ذلك التمييز الطائفي العنصري بموجب الدستور الإيراني، ففي المادة 85 يقسم فيها رئيس الجمهورية أن يكون حامياً للمذهب الأثني عشر الجعفري، وقبل أيام من خطاب نجاد في مؤتمر ضد العنصرية مورست أبشع أنواع العنصرية ضد أهل السنّة، فقد أعدم اثنان من أبرز علماء السنّة وهما الشيخ خليل الله زراعي والشيخ صلاح الدين سيدي بسبب دفاعهما عن إسلامهما ومعتقدهما السُنّي ونفذ فيهما الحكم بالإعدام بدون إعطائهما أي فرصة لاستئناف الحكم.

ومن المفارقات التي تظهر نفاق الحكومة الإيرانية أنه في الوقت الذي نددت فيه بممارسات العدو الصهيوني في عدوانه على إخواننا الفلسطينيين في غزة، كانت الحكومة الإيرانية في يناير 2009م تمارس أقصى أنواع العدوان على حرية أهل السنّة في إيران، حيث جرى اعتقال مجموعة من الدعاة بتهمة الانتماء لجماعة «مكتب القرآن» المحظورة.

أقول كما قتل اليهود الفلسطينيين قتل الشيعة الفلسطينيين في العراق وفي لبنان في الحرب الأهلية، فالتشابه كبير بين النظام الإيراني الشيعي الصفوي والإسرائيلي الصهيوني، بل إن الشيعة في إيران أبادوا قرى سنّية عديدة وهدمت مساجدها عن بكرة أبيها واضطر الأهالي للهجرة إما إلى خارج البلد، وهو بالضبط ما تريده الدولة، وإما إلى القرى الشيعية ليعيشوا أذلاء وهم يشهدون الإهانة المتواصلة أو ليتشيعوا بعد ذلك كما حدث منذ 50 سنة في بعض قرى بير جند وقرى زابل. ونذكر على سبيل المثال القرى التالية التي أبيدت حديثاً في شرق خراسان:

دولي جلال، دولي باهلول، بل خشتي، خطابي شنغل، ناري، قلعة غيري، هشتان، كما أن هناك مناطق بلوشية أبيدت عن بكرة أبيها أيضاً ودمرت القرى التالية وهجرت أكثر من ألفي أسرة منذ (92-93) وهي: حصاروية، رودماهي، جناوية، شاه رحمان ملوسان، غرتوت، حول، أسبي، كما أنهم ردموا قنوات المياه بالجرافات وقلعوا أشجار التوت والعنب وغيرهما، وهذه القرى تبعد قرابة 100 كيلو متر عن مدينة زاهدان عاصمة بلوشستان في مناطق ناروني، وأما عدد القتلى والمساجين فحدث ولا حرج، والوضع الآن أسوأ من قبل والدمار والنهب والخراب مستمر على أيدي جنود إمام الزمان(3).

كلاهما لهما مخطط ومشروع عنصري كلاهما يكرهان المسلمين السنّة والعرب، ومن هنا فإنني أهيب بكل الشرفاء من العرب ومن أهل السُّنَّة في العالم وهم السواد الأعظم من المسلمين وكل الغيورين على الحقوق والعدل في العالم أن يهبوا لنصرة إخوانهم بفضح هذا النظام وإظهار ما يعانيه أهل السنّة في إيران من خلال وسائل الإعلام المختلفة وباللجوء إلى المنظمات الدولية لاسترداد الأرض المحتلة في الأهواز العربية والجزر الإماراتية وحماية أهل السنّة وضمان حقوقهم.

ثانياً: أهل السنّة والجماعة في الداخل الإيراني

أ- أماكن وجود أهل السنّة والجماعة في إيران:

يعيش أهل السنّة والجماعة في إيران في مناطق متفرقة وهي في الغالب المناطق الحدودية نتيجة لاضطهادهم في داخل إيران وهي كما يلي:

-1 تركمن صحراء: تقع في شمال إيران من بحر قزوين (ديرياي خزر) إلى الحدود الجنوبية للاتحاد السوفيتي السابق في الحدود التركمنستانية الحالية.

2 - خراسان: تقع في شمال شرقي إيران التي تصل من ناحية الشمال في حدود تركمنستان (السوفيتي السابق) ومن ناحية الشرق في حدود أفغانستان.

3 - بلوشستان: التي تقع في جنوب شرق إيران من عند خراسان إلى بحر عمان تصل من حدود أفغانستان وباكستان.

4 - منطقة طوالش وعنبران: في غرب بحر قزوين على الحدود الروسية.

5 - كردستان: في غرب إيران من مدينة قصر شيرين إلى حدود تركيا.

-6 بندر عباس (هرمز كان): التي تقع في سواحل الخليج العربي وبحر عمان.

7 - فارس، مناطق عوض، كله دار، خونج، بيش، بستك، جناح، وغيره من مناطق لارستان.

-8 بوشهر (خوزمستان): الواقع على حدود العراق والخليج العربي.

9 - ضواحي خلخال التابع لمحافظة أردبيل(4).

والواضح من خلال العرض السابق كما قلت أن مناطق أهل السنة كلها تقع على الحدود من جميع جوانب إيران، وفي داخل إيران الأغلبية للشيعة، وذلك لقيامهم بحركة جادة عامة لنقل أهل السنة (الذين كانوا يشكلون أغلبية المسلمين في إيران في ذلك الحين) إلى التشيّع بأي وسيلة حتى ولو احتاج الأمر إلى شتى صور التعذيب وسفك الدماء ففر أهل السنة على أطراف الدولة فراراً بدينهم.

ب- أهل السنّة ونسبتهم بالنسبة للسكان في إيران وعرقياتهم

تتضارب المعلومات بشأن الحجم الحقيقي للسنة في إيران، فالإحصاءات الرسمية للدولة تقول إنهم يشكلون 10% من السكان، إلا أن مصادر السنة تقول إنهم يشكلون ثلث حجم السكان البالغ عددهم أكثر من 70 مليون نسمة، ومصادر مستقلة تقول إن السنة يشكّلون من 15 إلى 20% من سكان إيران، مقسمون إلى ثلاث عرقيات رئيسة هي الأكراد والبلوش والتركمان، إلى جانب العرب في إقليم خوزستان المحتل وعلى الشواطئ الشرقية للخليج، ويسكنون بالقرب من خطوط الحدود التي تفصل إيران عن الدول المجاورة ذات الأغلبية السنية مثل باكستان وأفغانستان، والعراق وتركمانستان، أما المسلمون السنة من العرق الفارسي فوجودهم نادر(5).

ج- مكامن النفط الإيراني في مناطق أهل السنّة

قبل الحديث عن أحوال أهل السنة في إيران رأيت أن أنبه لأمر مهم وهو أن ما تقوم عليه إيران من مصادر طبيعية يتم استخراج معظمها من مناطق أهل السنة والأراضي العربية المحتلة، فمعظم مكامن النفط توجد في الأهواز المحتلة في مناطق جبال زغروى الغربية، المحدبات الأولى، لالي، مسجد سليمان، ميدان نفطيون، نفط صافيد، نفط غل، آغا جاري، بازانان، شام زيدون، كاش مساران، كما تقوم إيران باستخراج النفط من الخليج العربي وبخاصة بالقرب من جزيرة داريوس، كما تقوم أيضاً باستخراج النفط من جزيرة أيوهوس الجزيرة الإماراتية المحتلة(6).

وتتركز الصناعة النفطية في الأهواز، وفي ميناء عبدان توجد أكبر مصفاة للنفط في العالم، حيث تقوم بتكرير 25 مليون طن في العام(7).

أقول على الرغم من أن تلك الثروات الطبيعية يتم استخراجها من مناطق أهل السنة والأراضي العربية المحتلة إلا أن أهل السنة والعرب هم من أفقر الناس حالاً في إيران، فهم محرومون من التمتع بثرواتهم الطبيعية التي منحها الله لهم وحرمهم منها النظام الصفوي العنصري.

فلو أن النظام الإيراني عادل كما يدّعي، لكان أهل السنة هم أغنى الناس في إيران، ولكانت مناطقهم أفضل حالاً، ولكن واقع الحال يشهد بخلاف ذلك، وهو ما سوف يتضح في العنصر التالي.

د- أحوال أهل السنة في إيران قبل قيام الثورة الإيرانية وبعدها

لا شك أن أهل السنة في إيران قبل الثورة لم يكن لهم من الحقوق ما للشيعة، ولم يكن لهم المزايا التي للشيعة سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، ولأجل ذلك نجد أهل السنة دون الشيعة بكثير من ذاك العهد حتى الآن، وزاد الأمر سوءاً بعد الثورة إلا أنهم في زمن الشاه - قبل الثورة - كانوا يتمتعون بحرية البيان في عقيدتهم، ومزاولة جميع النشاطات من بناء المساجد والمدارس وإلقاء المحاضرات، وطباعة الكتب في خارج البلاد، ولكن في نطاق المذهب، كما كان أهل السنة يتمتعون بالأمن والأمان في أموالهم، وأعراضهم، ودمائهم قبل الثورة. وكانوا يتمتعون أسوة بالشيعة في الحصول على المواد الغذائية وغيرها بسهولة ويسر، ودون تعب، وقد صار الآن كل هذه المواد بيد الحكومة ولابد من الانقياد والخضوع أمامها للحصول على المواد المعيشية كلها، والفرق كبير بين قبل الثورة وبعدها، فبعد نجاح الثورة الإيرانية (الصفوية) المسماة بالإسلامية سر بذلك شعب إيران جميعاً، ومن بينهم أهل السنة، وذلك لما سمعوا بأن الحكومة الجديدة حكومة إسلامية أساسها العدل وإبادة الظلم، رجاء أن يصلوا إلى حقوقهم الضائعة في حكومة الشاه التي ذاقوا منها مرارة الظلم والطغيان، وظنوا أنه قد آن أوان وصولهم إلى مطالبهم لكثرة ما كانوا يسمعون من الجهات الإعلامية بالشعارات الفضفاضة الخالية عن الحقيقة بتسوية الشيعة والسنة، وأن لا فرق بينهما، والآن بعد مرور أكثر من ثلاثين سنة من الثورة المسماة بالإسلامية ما زال أهل السنة يعانون من الجور والطغيان والاعتداء على حرماتهم وممتلكاتهم مما لم يعانوا مثله في التاريخ من قبل قط إلا في العهد الصفوي، ولكن مع الأسف الشديد لم يجدوا من وسائل الإعلام ما يصور ما يتعرضون له من ظلم واعتداء وتجبر من قبل النظام الإيراني.

والآن قد آن الأوان أن تنكشف الحقائق للعالم، وأن يتم تمييز الحق من الباطل، فالمضايقة لأهل السنة ليست في العقيدة فحسب، بل في جميع الشؤون الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية وغيرها وهم يريدون بذلك إبادة واستئصال أهل السنة من إيران، ومن العالم كله إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا وهذا ما يتمناه الزعماء والمراجع في إيران كما أعلنوا في أوائل الثورة في الإذاعة والتلفاز بأنهم عازمون بأن يجعلوا الدولة الإيرانية حكومة شيعية محضة، ويعنون بذلك القضاء على أهل السنة، إما باختيارهم مذهب الشيعة أو بترك البلاد كما فعل أسلافهم في العهد الصفوي مع أهل السنة، وهو المخطط الذي بدئ تنفيذه الفعلي، والقصد من وراء ذلك الوصول إلى الدول المجاورة وتصدير ثروتهم الشيعية الصفوية البغيضة إليها من خلال الحديث عن حقوق الشيعة في تلك البلاد على الرغم مما يتمتعون به من حقوق وما حدث في العراق والبحرين مؤخراً شاهد صارخ على ذلك، حيث إنهم يجعلون سكان هذه المناطق درعاً منيعاً لأغراضهم الخبيثة، والآن آن لنا أن ندق الأجراس لننبه على الحقوق المهدرة لأهل السنة والجماعة في إيران وإبراز ما يتعرضون له من الظلم والقهر والاعتداء.

أعاد موقع ويكيليكس إلى الأذهان مجدداً الواقع المرير الذي يعيشه أهل السنة في إيران عندما نشر وثيقة تؤكد الاضطهاد المستمر من قبل الحكومة الإيرانية الشيعية الطائفية لهم والتضييق عليهم والإغارة على مساجدهم واعتقال أئمتهم، والوثيقة التي تتمثل في برقية صادرة من السفارة الأمريكية في أذربيجان التي تشارك إيران حدوداً طولها أكثر من 430 كيلومترا، توضح مدى المعاناة التي يتعرض لها أهل السنة والحملات التي يشنها الرئيس أحمدي نجاد على منطقة بلوشستان وتعيينه لأقرب أعوانه حبيب الله ديهموردا حاكماً على بلوشستان الذي وصف بأنه (غبي ودموي ويبغض السُنّة).

إن ما كشفت عنه الوثيقة الأمريكية ليس إلا غيض من فيض مما يتكبده أهل السنة فأهل السنة ليس لهم مسجد بالمدن الكبرى مثل طهران وأصفهان وشيراز، رغم أن طهران يوجد فيها أكثر من مليون سني، فطهران العاصمة الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها مسجد!! كما أن السلطات الفارسية اعتادت على هدم مساجدهم ومدارسهم بحجة أنها بنيت بدون ترخيص، وهي نفس الحجة التي يستخدمها الاحتلال الصهيوني لهدم بيوت ومساجد الفلسطينيين، كما يقوم النظام الإيراني باعتقال واغتيال علماء السنّة خصوصاً المشهورين وأصحاب التأثير، ومن أكثر الأمثلة التي تدل على غدر قادة الشيعة انقلاب الخميني على من ساعده من علماء السنة في الثورة وهو الشيخ أحمد مفتي زاده، فكان مصيره الاعتقال الذي استمر طيلة عقدين من الزمان، كذلك تلفيق القضايا المختلفة لأهل السنة ومن أهمها العمالة والإتجار بالمخدرات لإعدامهم ورميهم في غياهب السجون، ومن مظاهر الاضطهاد كذلك عدم تمثيلهم سياسياً بشكل يتناسب مع حجمهم، وتوجيه الإهانات للصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم ليل نهار في أجهزة الإعلام المختلفة ورغم شكوى كبار دعاة أهل السنة وتشدق المراجع الشيعية باحترام الصحابة وأمهات المؤمنين إلا أن الإهانات مازالت مستمرة دون رادع وهو ما يثير حفيظة أهل السنة ويصيبهم بالأسى والحزن، كما يتم منع كبار علماء أهل السنة من السفر للخارج للالتقاء بإخوانهم ومناقشة القضايا المشتركة معهم، كذلك تشن المرجعيات الشيعية حملات لتشييع أهل السنة ويستخدمون في ذلك كل الأدوات من ترغيب وترهيب(8).

قد يندهش بعض البسطاء من ذكر هذه المآسي ويظن أن هناك تحاملاً على النظام الإيراني خصوصاً وطهران تواجه مثل هذه الاتهامات بحجج خادعة مثل المساواة في الدستور وأن مشاكل السنة مشاكل عرقية فقط وليست مذهبية، وأن هذا حال أغلب الأقليات العرقية في البلاد الذين يعيشون في الأطراف، ولكن المدقق يرى طائفية وعرقية واضحتين، فالدستور على سبيل المثال لم يكتف بأن يكون دين الدولة هو الإسلام بل نص على ضرورة المذهب الشيعي الإثني عشري واشترط توفر ذلك في رئيس الجمهورية، كما أن الديانة الزرادشتية الشركية التي يتبعها عدد قليل في البلاد لا يقارن بأهل السنة لهم معبد بطهران بينما يمنع أهل السنة من ذلك، وأبو لؤلؤة المجوسي الوثني له مزار في طهران لا لشيء إلا لأنه قتل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من هو عند المسلمين، كذلك ينتشر الفقر في مناطق السنة بشكل كبير مع غياب متعمد في خطط التنمية، لقد اعترف مؤخراً بعض المسؤولين في طهران بممارسات تعسفية ضد أهل السنة ولكنهم أرجعوها لأخطاء فردية لبعض الأشخاص وهو ما يتنافى مع شدة هذه الممارسات واتساعها واستمرارها طوال عمر الثورة.

لقد كان لأهل السنة في إيران منذ سنوات مطالب مشروعة عبرت عنها جماعة «الدعوة والإصلاح» في بيانها السياسي الأول، عام 2005م وأكدتها البيانات التالية حيث طالبت الحكومة الإيرانية بتطبيق العدالة، ورفع جميع أشكال التمييز المذهبي والقومي، التي تمارس ضد أهل السنة، وطالبت بإطلاق المعتقلين من أهل السنة، وشددت الجماعة على ضرورة أن تراعى جميع الحقوق الإنسانية والدينية والقومية لأهل السنة وفق البنود الثالث والخامس عشر وما نص عليه في الفصل الثالث من الدستور الإيراني، ودعت إلى حماية الهوية القومية واحترام ومراعاة الأقليات، وتنفيذ المادة 15 من الدستور التي تنص على وجوب تدريس لغات تلك القومية في مختلف المراحل التعليمية، كما دعت إلى عدم حرمان أهل السنة من استلام الحقائب الوزارية، طالما منع الدستور المسلم السني من الوصول لمنصب رئيس الجمهورية، وأعمال التنمية والتوسعة الثقافية في مناطق أهل السنة، ومنح التراخيص لإصدار النشرات، ورفع الرقابة عن الكتب الخاصة بهم، وتفويض شؤون الأوقاف السنية وإدارة سائر الأمور الدينية ومنها على الأعم انتخاب أئمة الجمعة والجماعة وإدارة المدارس الدينية وإقامة الأعياد لأهل السنة أنفسهم، وغيرها من المطالب العادلة لكنها ذهبت أدراج الرياح واستمر النظام الطائفي على عناده واضطهاده لأهل السنة حتى الآن(9).

هـ- حقوق اليهود وأهل السنّة في إيران، مقارنة ومفارقة

لا شك أن الوجود اليهودي في إيران له امتداده التاريخي -كما في كثير من دول المشرق الإسلامي- فالطائفة اليهودية التي يقدر تعداد أفرادها بـ30 ألف نسمة لها معابدها وثقافتها ومؤسساتها التي تحفظ وجودهم واستمرارهم (وهذا حق مشروع لهم)، وعلاقتهم مع الحكومة الإيرانية تتصف بالشفافية والرعاية.

وأهل السنة في إيران كذلك لهم عقيدتهم وتاريخهم وثقافتهم وعلماؤهم وأعلامهم - ووجودهم في إيران يسبق الوجود الصفوي بعشرة قرون- وتعدادهم يفوق الـ20 مليوناً، وهم الأكبر عدداً بعد الشيعة في إيران من بين الطوائف والأقليات، ولكنهم -في الحقيقة- يعانون أشد المعاناة في ظل سياسة التنكيل والتغييب والإضعاف، فلا مقارنة بين تعامل إيران مع مواطنيها السنة والعرب وتعاملها مع مواطنيها اليهود.

والمفارقة العجيبة أن علماء إيران ومثقفيهم يدعون علماء المسلمين من الدول الأخرى في الكثير من المؤتمرات واللقاءات للعمل على وحدة الصف والتقارب بين المذاهب، وهذا ما لا نراه في داخل إيران مع أهل السنة.

فلماذا لا يسمح لأهل السنة من عرب وعجم في إيران تعلم العربية، كما يتعلم يهود إيران العبرية، ولا يحصل أهل السنة في إيران على حقوق سياسية مساوية لحقوق اليهود في إيران؟

ولماذا لا يسمح للسنة بانتقاد سياسات القيادة والحكومة الإيرانية كما ينتقد ممثل اليهود في البرلمان الإيراني «موريس معتمد» تصريحات الرئيس أحمدي نجاد؟ ولماذا لا يكون للسنة في إيران مقرات للاجتماعات ومؤسسات كما للطائفة اليهودية مقرات ومستشفيات ومكتبات تتبع معابدهم في طهران وأصفهان وهمدان؟ ولماذا لا يسمح لأهل السنة في إيران بحرية التنقل كما يسمح لليهود بالتنقل والسفر حتى إلى الكيان الصهيوني، كما صرح «موريس معتمد» بأن: «الحكومة الإيرانية تسمح لهم بالسفر إلى إسرائيل»؟ فلماذا لا تعترف الحكومة بالسنة في إيران كما تعترف باليهود كأقلية دينية يسمح لها بممارسة شعائرهم الدينية. وأن يكون لأهل السنة في إيران قناة فضائية كما أن للطائفة اليهودية في إيران قناة فضائية، تنقل آراءهم وآمالهم؟

ولماذا لا يسمح لأهل السنة في طهران ببناء مسجد واحد يصلون فيه كما سمح لليهود بالتعبد في 36 معبداً في طهران وحدها، من أصل 80 معبداً في محافظات إيران، علماً بأن أهل السنة في طهران يصل تعدادهم إلى المليون نسمة؟

بل لماذا تهدم مساجد ومدارس السنة في إيران كما حدث لمدرسة ومسجد الشيخ قادر بخش البلوشي ومسجد كيلان في هشت بر ونماذج أخرى كثيرة، ولو كانت هذه تتبع الطائفة اليهودية هل كان مصيرها هكذا؟

ولماذا يتعرض علماء أهل السنة في إيران للاعتقال والتعذيب والاغتيال، كما هو واقع الحال لقادة اليهود الأمنيين من التنكيل والتغييب. ولماذا لا يحافظ على حياة علماء ومشايخ السنة في إيران كما يحافظ على حياة حاخامات اليهود، وأن يطمئنوا في بلدهم كما يعيش اليهود آمنين مطمئنين؟

ولماذا لا يقيم سنة إيران مؤسساتهم كما يقيم اليهود مؤسساتهم، وأن يمارسوا ثقافتهم كما يمارس اليهود ثقافتهم، وأن يرعى وجودهم كما يرعى وجود اليهود؟

ولماذا لا يعترف الدستور الإيراني بأهل السنة كما يعترف الدستور باليهودية كديانة ويحترم حقوقها ويمنحها الحرية في ممارسة طقوسها الخاصة وإقامة معابدها. ولماذا لا تكون نسبة تمثيل السنة في البرلمان الإيراني كنسبة تمثيل اليهود في المجلس (نسبة تمثيل السنة واحد لكل 1.7 مليون واليهود واحد لـ30 ألف)، ولماذا لا يسمح للسنة في إيران بإدخال كتبهم ومراجعهم كما يسمح لليهود إدخال تلمودهم ومشناتهم، وأن يظهر من يمثلهم على شاشات التلفزة كما يظهر اليهود ليقولوا مطالبهم؟!

ولماذا لا تحترم عقيدة أهل السنة والجماعة في إيران التي هي عقيدة غالب مسلمي العالم ويعمل على إهانتهم واستفزازهم بإقامة مرقد ومزار لأبي لؤلؤة المجوسي -عليه لعنة الله- قاتل الفاروق عمر رضي الله عنه؟

ولماذا لا تنشأ لهم مؤسساتهم العلمية والدعوية كما ينشأ لليهود، ويستقبل قادتهم كما يستقبل كبار حاخامات اليهود في إيران، ويسمح للسنة لإقامة معارضهم كما يقيم اليهود معارضهم؟

وخلاصة القول: اليهود في إيران يتمتعون بحقوق أكثر بكثير من المسلمين السنة، ولا يقصد من كلامنا الدعوة للتنكيل بالآخرين حتى ولو كانوا يهوداً فالإسلام لا يبيح ذلك، ولكن الذي لا يعقل بأن يبرر عدم بناء مسجد للسنة لكي لا يعرض النظام للخطر!! أما بناء كنيس يهودي هو حق مشروع للعبري!!

ثالثاً: إيران وإثارة الاضطرابات في العالم العربي

إن ما يحدث اليوم من فتن في بعض البلدان العربية أثر من تخطيط النظام الإيراني الشيعي الذي يخطط للهيمنة على المنطقة العربية فمن منّا بات لا يعرف حقيقة الدور القذر الذي قامت به إيران في إسقاط العراق واحتلال أرضه، فلقد حلم الصفويون منذ مئات السنين في السيطرة على العراق وبسط نفوذهم فيه، فهبوا للتعاون والتخطيط والمساعدة في احتلال العراق، ولقد كانت الوفود الصفوية من العراقيين أتباع إيران تروح وتغدو إلى قبلتها في أمريكا لإتمام المخطط المذكور انطلاقاً من إيران حاملة لواء محاربة الشيطان الأكبر (أمريكا) كذباًَ وبهتاناً، وهكذا قدموا من إيران على ظهر الدبابات الأمريكية ليحققوا حلمهم القديم في حكم العراق.

وصل الحال بأعداء الإسلام إلى حد إثارة موضوع الشيعة في البلدان التي يتواجدون فيها تحت ما يسمى بحقوق الأقليات، وهي محاولة أخرى لإيجاد الفتن والقلاقل واستغلال السذج من شيعة تلك البلاد بدعوى إبرازهم ودعمهم وتمكينهم، ويذكر بأن الشيعة على قلتهم يتمتعون بنفس حقوق باقي أهل البلاد إن لم يكن أكثر ويكفي دليلاً أنهم يسيطرون على الكثير من مفاصل الاقتصاد والتجارة في كثير منها، ولاسيما بلاد الخليج العربي، وما حدث في البحرين مؤخراً يكشف حجم التآمر على الوطن، وهو ما أظهرته الوثائق، فقد كشف تقرير إستراتيجي دولي عن الدور الإيراني في إحداث احتجاجات وثورات داخل دول مجلس التعاون الخليجي، بداية من البحرين وعمان.

وأشار التقرير الصادر عن المرصد الخليجي لمناهضة التدخل السياسي والإرهاب من هلسنكي بفنلندا إلى أن بلدان مجلس التعاون الخليجي تتعرض للعديد من التحديات الداخلية والخارجية، فالبحرين التي يتناولها التقرير عانت كغيرها من بلدان المنطقة من هذه الحالة، فكانت حركات المطالبة بالإصلاح السياسي مطلع التسعينيات ثم إجراء إصلاحات سياسية لم تكن في طموح هذه الحركات، وهو ما أدى إلى اندلاع موجة من الاحتقان السياسي خلال النصف الثاني من التسعينيات إلى بداية الانفراج في مطلع الألفية الجديدة.

ومع بداية الانفراج السياسي كشفت العديد من التيارات السياسية البحرينية عن نفسها بتحولها إلى جمعيات سياسية ومؤسسات مجتمع مدني تمارس أدواراً معلنة وغير معلنة.

وبتطور الحراك السياسي زاد حجم التدخل الأجنبي في البحرين عبر عمليات دعم سياسي ومادي، لتعود مرة أخرى حالة الإضراب وانعدام الأمن والاستقرار من خلال تنظيمات سرية بعضها قانوني والآخر غير قانوني، وظهرت شخصيات تمارس أدواراً مختلفة تدعو إلى مزيد من الإصلاح السياسي وزيادة هامش الحريات، ولكنها تتصادم مع الحكومة وبعض القوى السياسية في أغلب الأوقات.

وطالب التقرير الشعب البحريني بأن يحذر مما يدبر له، وأن عليه مسؤولية حماية وطنه بتحصين نفسه من الممارسات التي تصدر عن هذه الجهات التي تريد الإضرار بالبلد.

وأكد التقرير خطورة جمعيات الفئة الثالثة التي تنهج مبادئ الشيعة وأيديولوجيات أساسها ديني أو طائفي، فمثلاً جمعية الوفاق الوطني الإسلامي تقوم على مبادئ نظرية (ولاية الفقيه) وهي إيرانية المنشأ، وتضم عدداً كبيراً من أعضائها، جميعهم من الشيعة، ويرى المرصد أن تبني جمعية الوفاق مثل هذه المبادئ من شأنه أن يساهم في زيادة التدخل الأجنبي في البحرين.

وأضاف أنه خلال الفترة من 2005 إلى 2010م شهدت البحرين سلسلة من الأحداث الإرهابية مع بعض التدخلات الدولية، كان مصدرها في كثير من الأوقات الجمهورية الإيرانية، ولكن هذه الأحداث والتدخلات قامت بناء على تحالف سياسي معقد يضم العديد من الأطراف التي تعمل وفق منظومة قد تكون معروفة أو غير معروفة، ولكنها تساهم في زيادة حدة العنف والإرهاب وتزيد من نسبة التدخل في الشأن البحريني.

وهذا الأمر قد تأكد، فها هو الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يتدخل بشكل سافر في الشؤون الداخلية البحرينية، ويثبت المؤامرة التي أججت الاحتجاجات والفوضى في المنامة، وساعدت المخربين على قطع الطرق وترويع الآمنين وتهديد حياة المواطنين والتعدي على ممتلكاتهم.

فقد قال نجاد: إن دخول قوات خليجية من (درع الجزيرة) إلى البحرين هو (عمل مشين سيبوء بالفشل، وشعوب المنطقة تضعه برسم الولايات المتحدة)، وأضاف بعد اجتماع مجلس الوزراء (إن الولايات المتحدة تسعى إلى عرقلة حركة الشعوب)، وتابع الرئيس الإيراني قائلا (للأسف، هناك تحرك اليوم في البحرين، وهذا عمل مشين وغير مبرر وغير مفهوم).

أقول إن ما يحدث من اضطرابات في البلدان العربية صنيعة إيرانية، وأنها لن تنطلي على الشعوب العربية الموحدة، وأنادي كل مسلم وعربي حر أن يتنبه لما يحاك لهذه الأمة من شرور محدقة وان يلتف حول قادته ويبذل قصارى الجهد لخروج الأمة من هذا النفق المظلم نحو غد مشرق تتحقق فيه وحدة الكلمة والصف العربي.

* أكاديمي سعودي

____________________________________________

(1) انظر موسوعة التاريخ الإسلامي د. أحمد شلبي فقد سرد تلك الأحداث بصورة مفصلة.

(2) إيران في ظل الإسلام في العصور السنّية والشيعية 168.

(3) السياسة الكويتية 29 - شعبان 1431هـ -10- أغسطس -2010م

(4) إيران من الداخل فهمي هويدي ص351.

(5) إيران ص9 محمود شاكر من سلسلة مواطن الشعوب الإسلامية رقم 13.

(6) إيران والخميني 1 /54.

(7) إيران والخميني 1 /54.

(8) موقع المسلم 10- محرم 1432هـ - 16 ديسمبر 2010م.

(9) شبكة أنصار أهل البيت الإسلامية 27-1-1431هـ -13-1-2010م

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة