Thursday  05/05/2011/2011 Issue 14098

الخميس 02 جمادىالآخرة 1432  العدد  14098

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الوهابية والإرهاب
د. محمد بن ناصر الشثري

رجوع

 

ثارت الأوساط الغربية عامة، والولايات المتحدة الأمريكية خاصة هذه الأيام وقامت بحملة على المملكة، أعقبت أحداث الحادي عشر من ديسمبر 2001م، وتأخذ هذه الحملة شكلا من أشكال الهجوم الشرس على الإسلام والمسلمين بداية لأهداف معروفة لدينا جميعاً، وسرعان ما تحولت هذه الحملة وغيرت دفتها تجاه الدول الإسلامية المستقرة، والتي تحكم بكتاب الله وسنة رسوله، ومنها المملكة. إن أنصار هذه الحملة قد ادعوا - زوراً وبهتاناً- أن أسباب ما يطلقون عليه على حد زعمهم الإرهاب، ترجع جذوره إلى ما أطلق عليه جهالة وتجاهلا -بأنه الوهابية.

بادئ ذي بدء، وقبل أن نرد على مزاعم هؤلاء الحاقدين على الإسلام، نرى أن إطلاق هذا الاسم على الدعوة السلفية الخالصة لوجه الله، هو خطأ بيّن، فقد وصم الإسلام النقي بمسمى (الوهابية) تحرشاً بهذه الدعوة دون غيرها من المذاهب الأخرى المحسوبة على الإسلام كالحبشية، والصوفية، والتيجانية والقديانية وغيرها من الفرق الضالة المريبة.

إن سبب الهجوم على هذه الدعوة يرجع إلى الصهاينة أكثر ما يخيفهم هو الإسلام الصحيح الذي يسمونه بالوهابية لتنفير المسلمين منه، وذلك لاعتقادهم أنه الخطر الحقيقي على الحركة الصهيونية، ولو رجعنا إلى الواقع الذي نعيشه الآن، لوجدنا أن تسميتهم الوهابية ونسبهم الإرهاب لهذه الدعوة مخالف للواقع للأسباب والدلالات التالية:

1 - أن ما يعرف عن هذه الدعوة السلفية، هو حرصها التام على طاعة ولي الأمر وعدم عصيانه فيما فيه مصلحة البلاد والعباد، واستنادهم التام للأدلة الشرعية التي تؤكد ذلك.

2 - أن نسبة الدعوة السلفية بالوهابية مسمى لا نعرفه، لأن في ذلك تشبهاً بأعداء الإسلام، كالماوية واللينينية الشيوعية، وإلا أطلق على الإسلام المحمدية مثلا، ولكن دعوتنا السلفية قد نادى بها الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بمؤازرة وتأييد من الأمير محمد بن سعود رحمه الله - وجزاهم الله عنا كل خير وحمل الأمانة بعدهما.

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبمباركة حكامنا الذين رأوا في مبادئ هذه الدعوة الخالصة لوجه الله، أساسا للحكم، وإقراراً للشورى -رعاهم الله.

3 - لو نظر هؤلاء الحاقدين إلى أوضاع بلادنا قبل تطبيق أحكام الإسلام فيها التي يطبقها (الوهابية) على حد زعم الصهاينة -لوجدنا الفرق واضحا، والتاريخ دليل:

أ - لم تكن بلادنا قبل عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه- من الناحية الدينية إلا صفحة في كتاب الأمة الإسلامية أصابها ما أصاب الأمة من ضعف واضح ووهن في العقيدة فسرنا في مؤخرة ركب العالم نعيش على هامشه، فلما جاءت الدعوة فاتبعت السلف الصالح في مذهبه وصلحت العقيدة، فأصبح منهج الدولة هو هذه العقيدة السليمة اقتداء بالصفوة الأولى من السلف الصالح.

ب - إن الحالة العلمية في بلادنا قبل هذه الدعوة لم تكن أحسن حالا من الناحية الدينية، فقل طلاب العلم وأحجم البعض عن الخروج إلى طلب العلم لعدم الأمن والاستقرار وكثرة قطاع الطرق، لكن تشجيع علماء الدعوة لطلاب العلم، قد فتح الباب أمامهم، فرحلوا في طلبه على أيدي أئمة الدعوة وتلاميذهم الذين قامت عليهم دعائم الدولة السعودية في سابق عهدها.

ج - أما الحالة السياسية فقد كان قلب جزيرة العرب في فوضى سياسية يعمها الانقسام والتناصر والحروب فساد الاضطراب السياسي مما تسبب في انتشار الفتن، وانتشار الجهل والخرافات، إلى أن تصدت الدعوة لهذا الانقسام وتم لآل سعود السيطرة على تلك المناطق فساد الأمن والاستقرار واجتثت الدولة دابر الفساد والفوضى التي عمت.

د - وعن حالة البلاد الأمنية، فقد اضطرب حبل الأمن، وازداد الخوف وعمت الفوضى والسلب والنهب والقتل وإزهاق الأرواح، وكانت الانقسامات الإقليمية والتجزئة القبلية من الأمور الشائعة التي زعزعت الأمن قبل أن يوحد البلاد الملك عبدالعزيز -رحمه الله.

هـ - وعن الحالة الصحية فكانت الأمراض منتشرة، والأوبئة تفتك بالناس لا علاج لها إلا بالأعشاب أو النار ففتكت الأمراض المعدية بالناس كالكوليرا، فما أن تأسست الدولة الفتية حتى عم الوعي الصحي وانتشرت المشافي وتعدد الدواء وحوصر الداء وتبدل المطبب بطبيب عالم.

إن الدعوة السلفية قد ساندت الدولة فقامت دولة الدعوة للحفاظ عليها والحماية لها، وأقامت شرع الله في البلاد، ونفذت الحدود والتعزيرات، وأمرت بالمعروف، ونهت عن المنكر، واهتمت بالشعائر عامة والصلاة خاصة.

من أجل ذلك عضت الدولة السعودية على هذه الدعوة بالنواجذ فازدهرت وكان من آثار ذلك أن تبوأت هذه الدولة مكانة طيبة في نفوس المسلمين المخلصين ومحبة لدى العلماء الموجودين، كما احتضنتها الدولة السعودية الثانية وناصرتها فعادت إلى الدعوة قوتها ومكانتها ويرجع الفضل في ذلك إلى الإمام تركي بن عبدالله.

عندما قامت لآل سعود دولتهم للمرة الثانية على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله- جعل سلطان الشريعة الإسلامية هو الغالب وفوق كل اعتبار دستوراً وعملاً وأخذ على عاتقه نصرة الدعوة وإقامة دولة إسلامية تحكم شرع الله، فعادت للدعوة قوتها ومكانتها، ويواصل أبناء عبدالعزيز المسيرة على منهجه، ويأتي الملك عبدالله -أمد الله في عمره على الحق والخير- فيؤكد هذا المعنى فيقول: «المملكة العربية السعودية هي واحدة من دول أمة الإسلام هي منهم ولهم، نشأت أساساً لحمل لواء الدعوة إلى الله، ثم شرفها الله بخدمة بيته وحرم نبيه، وهي إذ تنفذ تلك الواجبات إنما تمثل ما أمر الله به من الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم».

وبعد ذلك أيها الحاقدون إننا لن نرتد عن دعوتنا التي هي أساس دولتنا وراية عقيدتنا، وإذا كانت الدعوة السلفية هي الوهابية على حد مسماكم فأهلا بها من دعوة، أما إذا كان هذا هو الإرهاب في نظركم فقد حدتم عن الحق، أما نحن فلن نحيد عن التوحيد، لأن ما تدعون هو تحريض على الخروج على أولي الأمر الذين جعلوا الدعوة منهاجاً، ونحن من خلفهم على الحق والتوحيد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة