Friday  06/05/2011/2011 Issue 14099

الجمعة 03 جمادىالآخرة 1432  العدد  14099

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

لتربية النشء على كتاب الله.. عدد من المختصين في القرآن الكريم وعلومه يحددون لـ «الجزيرة»:
الوسائل المثلى لحفظ الأبناء والبنات كتاب الله

رجوع

 

الرياض - خاص بـ «الجزيرة»

تولي هذه البلاد المباركة عناية خاصة بكتاب الله الكريم وأهله وحفظته من البنين والبنات وتقدم مختلف أنواع الدعم لحلق وجمعيات ومدارس ومعاهد تحفيظ القرآن الكريم لتخريج أجيال من الناشئة والشباب (بنين وبنات) حافظي لكتاب الله.. متبعين لمنهجه في أعمالهم، وأقوالهم، ومع هذا نجد أن هناك من الأبناء والبنات من نشأوا على الاستقامة منذ صغرهم، وبلغوا سن الشباب لم يحفظوا جزءاً من القرآن الكريم أو بعض أجزائه، وسوره، ولا شك أن ذلك يتطلب شحذ همم الناشئة والشباب نحو الإقبال على القرآن الكريم بالتلاوة والحفظ، مع إيجاد وسائل معينة على ذلك، «الجزيرة» بحثت ذلك مع عدد من المختصين في القرآن الكريم وعلومه.

الاجتهادات الفردية

يؤكد الدكتور إبراهيم بن سعيد الدوسري أستاذ القرآن الكريم وعلومه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن الإقبال على كتاب الله حفظاً وتلاوة في المملكة العربية السعودية واقع ومشاهد ولله الحمد والمنة، وما تلك المشاركات الفاعلة في المسابقات القرآنية المحلية والدولية إلا شواهد حية على ذلكم الإقبال.

والميدان فسيح لتحقيق نجاح أكبر، وذلك بأن تقوم الجهات المعنية بوضع الخطط المنهجية ومتابعتها وتطويرها، بحيث لا ندع مجالاً للاجتهادات الفردية والتجارب غير المدرسة.

وأقترح العناية بالكوادر الجيدة في مجال حفظ القرآن الكريم، فإننا في كل عام نخسر نخبة من تلك الكوادر الوطنية التي تتخرج من حلقات التحفيظ ودور القرآن الكريم دون أن تحظى بعناية خاصة من أصحاب الشأن بعد انتهاء علاقتهم بحلقات التحفيظ ودور القرآن الكريم، فلو أن هؤلاء اعتُني بهم ووجهوا إلى تعليم القرآن الكريم ورصد لهم ما يشجعهم على العمل في هذا المجال من الرواتب المجزية والمكفآت المعنوية لأنتجوا نشأً مثلهم في حفظ القرآن الكريم وحسن أدائه.

فإن أهم الأسباب التي دعت إلى تسرب تلك الكوادر بل وتسرب كثير من الطلاب هو ضعف الحوافز والمكافآت، مما يدع الباب مفتوحاً للاستعانة بغير المواطنين والمواطنات.

فتعالوا بنا نتساءل: ما الذي نتوقعه من معلم للقرآن الكريم في حلقات التحفيظ يتقاضى راتباً شهرياً بمقدار خمسمائة ريال؟! لا شك أن أدنى فرصة له ستدعه يضحي بالعمل في هذا المجال، وكثير هم.

منزلة القرآن

أما د. سعود بن عبدالعزيز الغنيم أستاذ القرآن وعلومه بكلية أصول الدين فقال: مما تتصف به هذه الأمة -وليس لأحد غيرها من الأمم - أن أنزل الله فيها كتاباً لا يغسله الماء يقرؤه المسلم نائماً ويقظان, هو كتاب ربها المنزل على خير خلقه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم, وحفظ القرآن بدأ منذ نزوله فقد حفظه عدد من الصحابة رضي الله عنهم وبلغوا ذلك إلى من أخذ منهم من التابعين حتى وصل إلينا, وقد درج كثير من علماء الإسلام في بداية الطلب على حفظه وإتقانه قبل الولوج إلى مراقي العلم تلقياً من أفواه العلماء العارفين بأصول القراءة والإقراء، ولقد يسر الله لأبناء الأمة في هذا الزمن من يأخذ بأيديهم ويشد أزرهم ويشجعهم على تلقي كتاب الله وحفظه, وهذه منة من الله ونعمة.

فعلى الناشئة الاستفادة من هذا الأمر وعدم إضاعة العمر في أمور تقل في الفضل والخير وتتقاصر عن منزلة القرآن الكريم ومكانته عند الله وعند الناس, ولا يمنع طالب العلم أن ينهل بعد حفظه وإتقانه لكتاب الله من أي علم شاء من علوم الشرع المطهر وغيره من العلوم الدنيوية التي تخدم شأن الأمة وتُقضى بها حاجاتُها.

واليوم الناس في زمن يبرز فيه المجدون المثابرون الذين يحققون تقدماً نافعاً في جانب من جوانب العلم يكون فيه أحدهم مرجعاً لأهل تخصصه ومقصداً لمن خفي عليه شيء من مسائل العلم وجزئياته.

إتقان الحفظ

ويضيف د. الغنيم أنه حري بحافظي القرآن أن يكونوا سباقين إلى إتقان الحفظ المبني على قواعد الإقراء والتلقي لا مجرد الحفظ وحيازة لقب (فلان حافظ) فحسب, فلنا في سير سلف الأمة في هذا الأمر نبراس ونور نهتدي به, فقد كانوا يتعلمون القرآن عشراً عشراً ولا يتجاوزون ذلك حتى يبلغوا درجة المتعلم العامل, كما كانوا ينفقون السنوات الطوال في الاختلاف على مجالس القراء البارزين ولا يفارقونهم حتى يصل أحدهم إلى درجة عالية من الإتقان يعرف بها وتكون سمة عليه وصفة بارزة في ترجمتة وسيرته الذاتية, فيقال (فلان متقن للرواية, عارف بالحروف, مقصِدُ أهلِ زمانه). وسير القراء تزخر بالكثير من ذلك، وما كان لأولئك العظماء أن يبلغوا هذه المنزلة لو لم يفنوا أعمارهم في تعاهد القرآن, وإتقان الرواية والإحاطة بمسائل الدراية المتمثلة في أصول القراءة وفرشها وإسنادها, ومعرفة الوقوف وتجويد الحروف.

على هذا فالخير الكثير لمن صرف جل وقته للقرآن واستفاد من تلك العناية والاهتمام بالقرآن من بيئته التي يحيا فيها وبلده التي يقلب في خيراتها, ويجب أن لا تضعف الهمم من لدن شباب لم يعتنوا بالقرآن في صغرهم ويظنون أن الزمن قد ولى وليس في قدرتهم تدارك ما قد فات, يجيب على هذا قوله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} فالقرآن ميسر لكل أحد بصرف النظر عن عمره الزمني.

وأما من وفقه الله إلى حفظ القرآن والعناية به في صغره فعليه أن يجعل مسألة الإتقان في الحفظ والتلاوة وفهم المعاني والهدايات نصب عينيه وذلك بتعاهده والإكثار من ختمه, والرجوع إلى أهل العلم العارفين بأصول تلاوته وتفسيره وأحكامه.

13 وسيلة

فيما قالت الدكتورة ابتسام بنت بدر الجابري الأستاذ المشارك ووكيلة الدراسات العليا بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى: لقد اهتمت الأمة الإسلامية في عصرنا الحاضر بالقرآن الكريم اهتماماً بالغاً، وأولت هذه البلاد المباركة عناية خاصة بكتاب الله وأهله، وازدادت هذه العناية بصورة أكبر في جانب تحفيظه لتخريج حفظة لكتاب الله عز وجل من جميع فئات المجتمع ولله الحمد والمنّة.

ومع عظم هذه الجهود إلا أننا نجد عزوف بعض الناشئة عن حفظ كتاب الله، بل حتى عن حفظ بعض قصار سوره، وهو أمر ملحوظ ويؤسف لأجله، فالقرآن الكريم كلام الله رب العالمين ولا عزة لهذه الأمة دون السير على نهجه؛ ولذلك كانت عناية هذه البلاد بحفظه، ولدرء القصور الحاصل من البعض تجاه كتاب ربها، وسائل عديدة منها:

1- تنوع أساليب التلقين أو اعتماد وسائل مضافة تعين على فهم كتاب الله وحفظه.

2- تزويد الطلاب بعلوم أخرى كالعقيدة والفقه والتفسير مما له أثر بالغ في الجمع ما بين الحفظ والتطبيق العملي للمنهج القرآني.

3- تطوير المقررات الدراسية لمادة القرآن الكريم وعلومه في مراحل التعليم.

4- زيادة عدد دور التحفيظ وأماكن التعليم القرآني بالقدر المناسب وبالصورة المناسبة.

5- زيادة العناية بالمسابقات القرآنية وتشجيع الناشئة للالتحاق بها.

6- التوعية الجادة والقوية تجاه وجوب ارتباط الأمة بكتاب ربها وحفظه والسير وفق هداه سواء أكانت هذه التوعية الجادة عن طريق القنوات المسموعة أو المرئية أو غيرها، وكذا عبر جهود العلماء والدعاة وأولياء أمور الناشئة.

7- كانت العناية بالقرآن الكريم قديماً بالعلم والعمل والحفظ، بينما نجد أن الاهتمام اليوم بالحفظ دون العمل والعلم في كثير من المرافق التعليمية والخاصة بتحفيظ القرآن، وهو خلل بالغ تسبب في ظهور حفظة لكتاب الله بعيدين عن المنهج القرآني، مما أظهر صورة غير صحيحة لأهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته. ولذا لا بد من العناية بالعلم والعمل والحفظ معاً.

8- كان من يتولى التحفيظ في عصور الأمة الزاهرة هم خيرة الناس علماً وأدباً ووقاراً حكمة وسمتاً حسناً وهدياً صالحاً وحين ينظر المرء إلى هذه السمات يتصور بعدها كيف سيكون طلابه الحفظة بعد ذلك؟!

بيمنا أصبح اليوم المنظور مُنصباً على الشهادات العلمية دون سواها وأياً كان صاحب هذه الشهادة خلقاً وهدياً وأدباً؟!

9- لا بد من تصحيح المنظور المادي الذي أصبح هدفاً لدى بعض الحفظة، وجعل الأصل نحو السعي إلى حفظ القرآن الكريم هو ابتغاء الأجر والمثوبة من الله ابتداءً.

وكذا مراعاة هذا الجانب عند المحفظين والمعلمين فمتى أخلص العبد وفِّق.

10- طريقة التحفيظ اليوم -غالباً- طريقة ليست قوية كما كانت سابقاً، ولذا يشوبها كثير من الخطأ وسرعة النسيان، وهي تعتمد على التسميع الوقتي والجزئي، وهذه الطريقة تؤدي إلى ضعف مستوى الحفظ، وتفيد فقط في اجتياز الامتحان فحسب، كما أنها ليست بالإتقان والجودة كما سبق عند السلف -رحمهم الله-، لذا نسمع بعضاً ممن لديه شهادات وإجازات لا يتقن حتى حفظ الحركات -والله المستعان-.

11- كانت عناية الأمة بالتحفيظ منذ الصغر لذا نجد كل علماء الأمة الأفاضل قديماً حفظة لكتاب الله؛ حيث كان الحفظ لكتاب الله هو أول العلوم التي يتلقاها الطالب منذ الصغر ثم ينطلق لطلب ما سواه من العلوم بينما نجد اليوم بعضاً من هم ذوي العلوم الشرعية لا يتقن قراءة القرآن الكريم ناهيك عن حفظه.

12- العناية بتحفيظ كتاب الله وعلومه وربطه بالواقع المعاصر مما يكون له أثر بالغ في توجه الناشئة نحو كتاب ربهم.

13- استخدام الوسائل الحديثة والمتنوعة مع مراعاة المناسب والصحيح لجذب الناشئة نحو حفظ كتاب ربها وفهمه.

وبذل مزيد من العناية والدقة لتحقيق الحفظية المطلوبة لكتاب الله الكريم، وذلك أننا نعيش في زمن تكثر فيه الشهوات والشبهات بصورة قوية ومقننة مما يجذب نفوس الناشئة تجاهه؛ وبالتالي لا بد من أن تكون الجهود أكبر ومناسبة لقوة الاتجاه الآخر الذي يدعمه الهوى والشيطان وصحبة السوء -والعياذ بالله-.

طرق تشحذ الهمم

أما الدكتورة لولوة عبدالكريم المفلح أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك فقالت: إن هنالك بعض الطرق التي تشحذ همم الناشئة نحو الإقبال على القرآن:

أولا: ينبغي إشعار هؤلاء الناشئة والشباب بعظمة القرآن ومعرفة منزلته ومن الأمور المساعدة على ذلك.

1- تذكر أن القرآن كلام الله وعظمته من عظمة الله لأن القرآن كلامه.

2- عظمة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن فهو سيد ولد آدم وأفضل الأنبياء والمرسلين وخاتمهم.

3- كذلك إدراك عظمة الوقت الذي نزل فيه وهو شهر رمضان المبارك {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.

4-تذكر الأمر الذي أنزل القرآن من أجله {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}.

ثانيا: إدراك فضل أهل القرآن وعظم أجرهم وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة. من ذلك ما روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين».

وما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» وما روي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه» وما روي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة....الحديث».

ثالثا: الهدف من قراءة القرآن وحفظه

1- تحصيل الأجر العظيم.

2- امتثالا لأمر الله عز وجل.

3-اكتساب العلم الشرعي والدنيوي.

أما الوسائل المعينة على ذلك فهي:

- الإخلاص، شرط أساس لقبول العمل لأن الله عز وجل أغنى الشركاء عن الشرك كما جاء في الحديث القدسي (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه).

- ضرورة وجود العزيمة وذلك عند ابتداء الحفظ والاستمرار فيه وتوجد هذه العزيمة باستشعار مكانة القرآن ومكانة أهله.

- تحديد وقت معين للحفظ وتقليل المشاغل في ذلك الوقت حتى يتم الحفظ بسهولة.

- تحديد مكان للحفظ كالحفظ في المسجد أو في دور التحفيظ. والجو في المسجد مهيأ للحفظ وله من الأجر العظيم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده).

- اختيار مصحف معين في الحفظ ليتم ترسيخ حفظه لمواضيع الآيات والسور.

- المنهجية المناسبة لحفظ القرآن.

1- تحديد مقدار معين للحفظ في كل جلسة على أن يكون ذلك المقدار في حدود استطاعة القارئ.

2- قراءة ذلك المقدار على شيخ متقن ليحفظه حفظاً صحيحاً.

3- تكرار قراءته مرات كثيرة من المصحف ليرسخ في ذهنه.

4- حفظ ذلك المقطع آية آية ثم يربط الأولى بالثانية بالتي تليها وهكذا حتى يتم الحفظ للآيات مترابطا.

5- ترتيل الآيات وقت الحفظ مع مراعاة تطبيق أحكام التجويد وتدبر الآيات {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه حين قيل له إني أقرأ القرآن في ثلاث قال: لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما يقول.

6- أن يُسمع المقدار الذي حفظه لنفسه.

7- ثم يعيد قراءته من المصحف.

8- يُسمع ما حفظه على شيخه.

9- يقرأ ما حفظه في السنن الرواتب وفي صلاة الليل وفي أوقات فراغه.

10- مراجعته أيضا بعد صلاة الفجر لأفضلية البكور. هذا والله تعالى أعلى وأعلم.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة